وتسألني عمّا يدور في خاطري بعد النكبة التي حلت بمدينة الحب والجمال جراء انفجار مرفأ بيروت. فهل تنتظر أن يكون لديّ جواب على مثل هذا السؤال غير الإنكفاء والحزن وحكِّ الأسنان أسفاً وحقداً على من دمّر عاصمة الشرق على رؤوس سكانها الآمنين فقتل براعم الأمل التي كانت تنتظر ولادة لبنان الجديد..؟
ففي بادىء الأمر، وإذ يغمرني شعور بالألم والغضب، أطلب الرحمة والغفران للشهداء الأبرار الذين سقطوا جراء هذا التفجير الغاشم. أما بالنسبة للأضرار المادية، فحدث ولا حرج، فقد فاقت الخسائر عشرات البلايين من الدولارات.. وكأنه لم يكفِ لبنان ما أصابه من أزمات أمنية واقتصادية وحروب أهلية حتى يتعرض اليوم لهذا الزلزال الوحشي الذي قضى على كل المعالم الحضارية في بيروت أو كاد.
كلبناني مغترب في كندا، أنظر إلى موضوع تفجير المرفأ كما ينظر إليه إي لبناني مقيم لأن الأمن والاستقرار في الوطن يعني المقيم والمغترب على حد سواء..
لست أدري لماذا تصوَّبُ سهامُ الغدرِ على بيروت، أمِّ الشرائع، التي أرست في العالم قواعد العدالة والمساواة وكانت على مرّ الدهور النموذج الحي لحقوق الإنسان..؟؟
لست أدري كيف يرتاح ضمير من ينصب العداء لعاصمة الفرح والحب ويرضى بأن يكون في صف الأعداء المخربين والمجرمين..؟
أقولها بالفم الملآن: إن وراء الكارثة يدًا آثمةً تجيد التفجير والتخريب. وإن وراء هذه اليد مدبراً حاقداً يجيد التحريض والتخطيط. وباختصار، سواءً وقع التفجير بتدبير عن سابق تصور وتصميم أو نتيجة إهمال وتقصير، فهناك مسؤول أو مسؤولون دون شك، يجب أن يخضعوا للمساءلة والمحاكمة وأن ينزل بهم أشد العقاب وأقله تعليق المشانق. لقد حان لهذا البلد أن يرتاح من هؤلاء المتسولين الحاقدين..
أما كيف سيتم كشف الفاعلين؟ الكل يعلم كيف تلفلف القضايا في لبنان عندما يتعلق الأمر بالمنظومة السياسية (الطائفية) التي تتحكم بالبلد، وأنه مهما تباعد رجال هذه المنظومة في السياسة إلا أنهم يلتقون عندما يتهددهم خطر الإطاحة بالنظام أو بالمصالح التي يحققونها من خلال مواقعهم السياسية، وكيف يسرع هؤلاء إلى لملمة الأمر متمسكين ببنود الــ”الميثاق الوطني” خوفاً على امتيازاتهم. وليس الميثاق هذا سوى “ملهاة سخيفة” أو عقد هزلي يستخدمه أهل السلطة بوجه الشعب على أنه “الكتاب المنزل”. وهكذا تمرر التسويات والصفقات وتقاسم الحصص والمغانم، وبالتالي الهروب من المسؤولية والمساءلة القضائية عندما يتعلق الأمر بالتفجير كتفجير مرفأ بيروت..
أعلنت السلطة أنه سيحال أمر التحقيق بقضية المرفأ على المجلس العدلي. فهل سيتوصل القضاء إلى وضع اليد على الفاعلين..؟ لست أدري!!!
