النائب فادي كرم يلتقي الجالية اللبنانية في مونتريال -كندا ويناقشها في هواجسها

في لقاء جمع أبناء الجالية اللبنانية مع النائب في البرلمان اللبناني فادي كرم الذي كان يقوم بجولة خاصة الى كندا نظّمتها امانة شؤون الانتشار في حزب القوات اللبنانية -مركز مونتريال برئاسة رشدي رعد ،في مركز القوات في لافال، طُرحت أسئلة جريئة وواقعية تعبّر عن قلق المغتربين وهواجسهم تجاه ما يحصل في لبنان. وجاءت الأجوبة واضحة، صريحة، وحملت بوادر تغيير في مقاربة الملفات الأساسية التي تؤرّق اللبنانيين في الداخل والخارج.
بداية النشيد الوطني اللبناني ثم النشيد القواتي بعدها كلمة ترحيبية لاميل هيكل .
كرم
“بالرغم من كل شي قدرنا، وقفنا على الجبهات… نظرنا، استشهد لألنا الكثير من الصبايا والشباب”بهذه الكلمات المؤثرة استهل الدكتور كرم كلمته خلال اللقاء الذي اعتبره “لقاء إدارة الشهداء”، حيث شدّد على أن لا فريق ولا حزب على الأراضي اللبنانية قدّم مثل هذا العدد من الشهداء، مؤكدًا أن هؤلاء الأبطال هم من منحوا النفس للاستمرارية، وحافظوا على القضية حية في وجدان كل مؤمن بها.
وتابع قائلاً: “نحن لا نعتبر هذا اللقاء عبثياً، بل هو منطلق منطقي وأساسي لتكريم الشهداء وتثبيت التزامنا برسالتهم. فبفضل تضحياتهم استمر نضالنا، ليس فقط في الميدان، بل في القلوب والعقول أيضاً”.
كما وجّه كرم تحية خاصة للمغتربين اللبنانيين الذين اضطروا إلى مغادرة الوطن، وعبّر عن تفهمه العميق لمعاناتهم وحنينهم للعودة، مؤكداً أن العمل جارٍ لتهيئة الظروف ليتمكن كل عنصر قواتي مهجّر من العودة إلى ضيعته ومدينته ساعة يشاء.
وأشار إلى أن النضال استمر حتى في أشدّ فترات القمع، رغم الاعتقالات واستهداف القيادة، وأثبتت القوات اللبنانية أنها عصية على الانكسار. وأضاف: “عندما خرج الاحتلال وسقط النظام القامع، كنا أول من عاد إلى العمل السياسي خلال 24 ساعة، وواصلنا مسيرتنا دون أن يتراجع فكرنا أو تنكسر قناعاتنا”.
وفيما يخص الشأن السياسي، شدّد د. كرم على الدور الريادي الذي باتت تلعبه القوات اللبنانية في رسم مسار الحياة السياسية في لبنان، قائلاً: “نحن لا نفرض رؤيتنا بالقمع، بل عبر مشروع الدولة ودولة المواطن. ولهذا السبب يزداد التأييد لنا، ونحن اليوم الأمل الوحيد المتبقي لبناء دولة الحرية وكرامة الإنسان”.
وختم د. كرم كلمته بتجديد العهد على الاستمرار في المعركة السياسية والنضالية ضد كل محاولات التطويق والتخوين، قائلاً: “نحن نعرف العيوب ونواجهها، ورأسنا لا يُطأطأ، لأننا ببساطة صامدون ومستمرون… ولن نتعب، وأكيد ما بنتعب”.
ثم فتح الباب للنقاش فتمحورت الاسئلة حول قضايا سياسية حياتسة اقتصادية نلخصها بالاتي:
الاغتراب اللبناني بين الحنين للوطن والضغط من أجل بناء الدولة
وردا على سؤال حول انشاء لوبي اغترابي في ظل فشل الجالية اللبنانية بايصال احد المرشحين الى المجلس النيابي شدد كرم على أهمية أن يتحول الاغتراب من مجرد حالة حنين إلى لبنان إلى قوة ضغط حقيقية من أجل بناء الدولة اللبنانية مؤكدا أن اللوبي (الضغط السياسي) الذي يجب أن يمارسه اللبنانيون في الخارج يجب ألا يقتصر على دعم مرشحين في الانتخابات الكندية من أصل لبناني، بل يجب أن يكون موجهًا نحو دعم القضية اللبنانية ذاتها، وإعادة بناء دولة حقيقية قادرة على احتضان أبنائها.
وقال: “أنا معكم، لكن الأهم أن تكونوا أنتم منّا. العودة إلى الجذور أصبحت مسألة متاحة. لا نقول اليوم أغلقوا بيوتكم في الاغتراب، لكن فكروا بأن العودة إلى لبنان باتت ممكنة، لأن الظروف تتغير نحو الأفضل”. وأضاف أن الاستثمار في لبنان والانخراط العملي في مؤسساته أصبح ضرورة، لا سيما مع استمرار التمسك بالهوية اللبنانية رغم مرور عقود في الخارج.
ورفض كرم تحويل اللوبي إلى مجرد تحويل أموال أو دعم مادي، مشيرًا إلى أن “المال دخل إلى لبنان بمليارات الدولارات منذ الطائف حتى عام 2019، لكنه هُدر بسبب غياب الدولة والمؤسسات”، داعيًا إلى تغيير هذا المسار عبر الضغط في دول الإقامة لدعم بناء دولة حقيقية لا تهيمن عليها الميليشيات والمصالح الخاصة،موضحا أن هدف الاغتراب اليوم يجب أن يكون التأثير في السياسات الدولية تجاه لبنان، “لكي يعرف العالم أننا لا نطلب المال، بل نطالب ببناء دولة، لأن اللبنانيين وحدهم قادرون على إعادة إعمار بلدهم متى توافرت البيئة السليمة”.
اللامركزية الموسعة حل بديل
وحول المشاريع المستقبلية التي تعمل عليها القوات اللبنانية توقف كرم عند موضوع اللامركزية الموسعة كحل بديل يُطرح على الساحة اللبنانية، في ظل الأزمات المتتالية وفشل الشراكة الوطنية حيث تناول بجرأة مواضيع محورية تمسّ جوهر النظام اللبناني، داعياً إلى نقاش صريح حول الخيارات المتاحة أمام الدولة “نحن نطرح الشراكة كحل أوّل، ولكن إذا فشلت، لدينا حلول أخرى”، بهذه العبارة اختصر رؤية تياره، مؤكداً على تمسّكه بالشراكة كإطار دستوري جامع، ولكن دون التنازل عن القناعات أو القبول بإلغاء الآخر أو فرض توجه واحد على الجميع.
وشرح أن الفيدرالية ليست لعنة أو خطيئة كبرى كما يُسوّق لها البعض، بل هي “طريقة حكم” معتمدة في دول قوية مثل سويسرا، ألمانيا، وكندا. وأضاف: “الفيدرالية لا تعني تقسيم أو ضعف، بل تعني إدارة الشأن الداخلي للمناطق بصلاحيات أوسع ضمن دولة واحدة موحدة” ،لافتا إلى أن الفيدرالية، حين تُترجم إلى العربية، تصبح “لامركزية موسّعة”، وهذا المفهوم بحسب قوله لا يختلف جوهرياً عن الفيدرالية، بل يعبّر عنها بلغة ملائمة للبيئة السياسية اللبنانية.
وتابع أن اللامركزية المالية، والإنمائية، وحتى الأمنية (باستثناء الجيش)، هي كلها مواضيع مطروحة للنقاش ضمن تصور لامركزي جديد، تُعد له لجان متخصصة بالتنسيق مع أطراف سياسية أخرى.
دور القوات المحوري
وفي سؤال حول عهد العونين السابق والحالي اجاب “أن العهد العوني السابق فوّت فرصة تاريخية لبناء الدولة، رغم توافر الإمكانيات حينها، “بسبب ارتهانه لمحور الممانعة، وتورّطه في منطق المحاصصة، وفساد بعض القوى التي تسوّقت على حساب مؤسسات الدولة وأبقتها تحت سطوة حزب الله”في المقابل، رأى أن : الرئيس الحالي لا ينتمي إلى أي محور، والكتل الأساسية في البرلمان تشارك – وإن بصعوبة – في محاولة تأسيس مشروع دولة فعلية. وأضاف: “نعم، هذا العهد ليس عهدًا عونيًا، بل عهد دولي نابع من تفاهم وطني، وهناك التزام من قوى سيادية، وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية، بالمضيّ في هذا النهج رغم التحديات.”
وفي ردّه على سؤال حول كيفية تفعيل دور القوات اللبنانية في كندا وخصوصًا في مونتريال، أكّد كرم أن الطاقات الاغترابية ليست محصورة فقط في الدعم العائلي أو الإنمائي الفردي، بل المطلوب اليوم نقلها إلى مستوى أعلى من التأثير السياسي والدبلوماسي في الدول المقيمة “نحن بحاجة إلى لوبي لبناني في الاغتراب يدافع عن مشروع الدولة، لا عن مشاريع المحاصصة والدويلات ،الاغتراب اللبناني هو كنز حقيقي، لكن المطلوب تنظيمه ضمن رؤية وطنية واضحة: دعم الجيش، دعم المؤسسات، رفض السلاح غير الشرعي، والتواصل مع صانعي القرار في دول الانتشار لإعادة الاعتبار للدولة اللبنانية.”
واعتبر أن القوات اللبنانية تستطيع أن تلعب هذا الدور المحوري في كندا، لأنها تملك امتدادًا سياسيًا وتنظيميًا يربط بين القاعدة الاغترابية والمشروع الوطني في الداخل، خاصة مع تصاعد التحديات الإقليمية والدولية.
عن دور وزارة الخارجية: سياسة سيادية وتواصل جديد مع الاغتراب
وعن وجود خطة مستقبلية لتحسين التواصل بين الدولة اللبنانية والمغتربين بمختلف انتماءاتهم ومواقعهم أكّد كرم أن لبنان يشهد وللمرة الأولى منذ اتفاق الطائف تعيين وزير خارجية لبناني بالمعنى الكامل للكلمة: “وزير واضح، صريح، إصلاحي، نظيف، وبينتمي إلى فريق سيادي يؤمن بأن السياسة الخارجية يجب أن تُبنى لمصلحة لبنان فقط، وليس لخدمة محاور خارجية كإيران أو النظام السوري ،موضحا انه يعكف على تشكيل فريقه وإرساء دعائم سياسة خارجية جديدة، جوهرها إعادة وصل ما انقطع مع الاغتراب، وتعزيز ثقة اللبنانيين المقيمين في الخارج ببلدهم، على أن يترافق ذلك مع إطلاق مبادرات عملية لتشجيع عودتهم واستثمارهم في وطنهم الأم، ضمن إطار شفاف وسيادي.
اما حول السؤال المتعلق بملف النزوح السوري،فقد اعتبر كرم أن “الطرح الإنساني” لم يعد كافيًا، بل أصبح غطاءً يُستغلّ لأغراض أخرى، منها الفساد والإبقاء على التمويل الدولي لجمعيات ومؤسسات تستفيد من بقاء النازحين في لبنان ،لافتا الى ان هناك جمعيات تتقاضى مئات ملايين الدولارات بحجة خدمة النازحين، فيما الواقع أن هذا الوجود يُهدّد التركيبة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. “نحن لا نحمّل السوريين المسؤولية، بل المنظومة الدولية التي تُصر على إبقائهم هنا.”
وأضاف: “الدول الأوروبية وجدت في بقاء النازحين في لبنان حلاً لمشكلاتها الداخلية، لكنها بذلك تدفع بلبنان نحو الانهيار الديموغرافي والاجتماعي.”
الوضع في سوريا تغيّر، وهناك مناطق آمنة يمكن أن تستقبل العائدين، “لكن القرار الدولي لا يزال مترددًا”، بحسب قوله. ومع ذلك، شدّد على أن “لبنان يجب أن يستعيد قراره، ويبدأ بتحرّك فوري لإعادة النازحين”، مشيرًا إلى تجربة ناجحة في منطقة الكورة حيث تم تخفيض عدد النازحين من 25 ألفًا إلى 6 آلاف خلال فترة قصيرة بفضل التعاون بين البلديات والأجهزة الرسمية.
اموال المودعين لا تزال موجودة
وحول سؤال محوري طرحه أحد أبناء الجالية عن مصير أموال المودعين، قال : “أطمئنكم، الودائع لا تزال موجودة. لا تصدّقوا من يقول إنها اختفت أو ضاعت. قسم كبير منها لا يزال في لبنان، وقسم آخر تم تحويله إلى الخارج لحمايته من محاولة وضع اليد عليه من قبل سلطات سابقة ،البلد بدأ فعلياً خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وهي خطوة أساسية في مسار استعادة الودائع. الأمر لن يحصل بين ليلة وضحاها، لكنه انطلق، وهناك وعي جديد داخل مؤسسات الدولة بضرورة صون حقوق الناس.”
وتحدّث الدكتور كرم عن غياب فعالية “اللوبي” اللبناني الحقيقي في الانتخابات الكندية، مشيراً إلى أن ما يُسمّى باللوبي حالياً لا يخدم مصالح لبنان ولا الجالية اللبنانية، بل يقتصر على علاقات فردية للمرشحين مع بعض الأحزاب الكندية.ان ما نشهده ليس لوبيًا منظمًا لدعم لبنان أو الجالية، بل مجرد ترشيحات فردية لأشخاص يرتبطون بعلاقات شخصية مع الأحزاب. هؤلاء المرشحين يترشحون دون الرجوع إلى مؤسسات الجالية، والنتيجة أن الناخب اللبناني يصوّت لرئيس الحزب الكندي لا للمرشح اللبناني، سواء كان من أصل لبناني أو لا”.
وأضاف: “ما نحتاجه هو بناء لوبي فعلي منظم، تشارك فيه الأحزاب والمؤسسات والكنائس والجمعيات، بهدف إعداد جيل جديد من السياسيين يحمل رؤية جماعية، لا شخصية. علينا أن نضغط لتبني مرشحين في دوائر رابحة كي نضمن إيصالهم، وإلا فإن الترشح سيبقى مجرد ديكور انتخابي”.
وتابع مشيرًا إلى أهمية تغيير النهج السياسي لا النظام فقط، قائلاً: “الطائف جاء نتيجة حرب عبثية خاضها الجنرال عون، فقرر المجتمع الدولي والعربي فرض اتفاق يوقف الدمار. القوات اللبنانية اختارت حينها المضي بما اعتُبر أفضل الممكن، حفاظًا على ما تبقّى من الوطن”.
وفي تقييمه للواقع السياسي، اعتبر د. كرم أن المعركة اليوم لم تعد طائفية، بل ثقافية بامتياز، قائلاً: “خلافنا مع حزب الله ليس خلافاً طائفياً، بل صراع بين ثقافتين مختلفتين. نحن نريد العيش بحرية، وهم يحملون مشروعًا يلغي حرياتنا. لذلك، لا نرفضهم عنادًا ولا لأنهم شيعة، بل لأن رؤيتهم للحياة لا تشبهنا، ولا تشبه غالبية اللبنانيين، من كل الطوائف”.
وختم كلامه قائلاً: “غالبية اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، يريدون دولة حرّة قوية، وهذا ما يجب أن نعمل لأجله. مشروع السلاح لا يُواجه إلا بالدولة، وعندما تُبنى الدولة على أسس واضحة ويُحسم قرارها، سيكون لكل حادث حديث”.
الهوية مطلب لا تنازل عنه
وطرح احد المشاركين ملف الانتخابات النيابية 2026، مشيراً إلى وجود عرقلات ممنهجة سابقًا حالت دون مشاركة فعالة للمغتربين، خصوصًا بسبب رفض إقامة مراكز اقتراع (ميغاسنتر) خارج لبنان، مما دفع البعض إلى اعتبار ذلك محاولة مقصودة لتقليص تأثير الصوت الاغترابي.
فردّ كرم أن المرحلة المقبلة ستشهد تغييرات، وأن هناك عملًا تشريعيًا جارٍ في مجلس النواب لتعديل بعض القوانين الانتخابية، منها:إقرار الميغاسنتر،فصل ستة مقاعد المغتربين عن الدوائر المحلية،تسهيل تسجيل الناخبين في الخارج
اما فيما يتعلق بمسألة الهوية والتي تشكّل هاجسًا يوميًا للمغتربين اللبنانيين، خصوصًا في كندا، عبّر أحد أفراد من الجالية عن استيائه من التعقيدات الإدارية التي تحاصر المغتربين عند محاولتهم استخراج أوراق ثبوتية من دولتهم الأم. “كل مرة نرجع بلا هوية”، قال أحد المشاركين في لقاء جمعهم بمسؤولين رسميين، مشيرًا إلى التأخير المفرط، والتمييز في المعاملة، وغياب التنسيق بين وزارة الداخلية والسفارات، مشيرا إلى أن تسجيل الولادات أو إثبات الوفاة في الخارج يتحوّل إلى معركة قانونية مرهقة، بينما تتجاهل الدولة أوضاعهم ومطالبهم. هذا الواقع لا يهدّد فقط صلة اللبناني المهاجر بوطنه، بل يطرح علامات استفهام حول مدى جدية الدولة في الحفاظ على علاقة متينة ومستقرة مع جالياتها المنتشرة في أصقاع الأرض.
فكان وعد من كرم بمعالجة كل القضايا التي ترهق المغترب حيث قال:””ندرك تمامًا معاناة اللبنانيين في الخارج، ونعمل بجد مع وزارتي الداخلية والخارجية لتبسيط الإجراءات. هدفنا أن يحصل كل مغترب على حقوقه الكاملة، من الهوية إلى المشاركة السياسية، بعيدًا عن أي تمييز أو عرقلة.”