جاليات

فانيسا ندّاف… نموذج لبناني مشرّف في الإدارة المالية والتبادل التجاري الدولي

جمعت بين التميّز الأكاديمي والريادة المهنية على الساحة العالمية، حملت احلامها وشغفها بالمعرفة والاطلاع وحلّقت بعيدا بكل ثقة لتصبح ومع الايام نموذجًا مشرقًا للمرأة اللبنانية الطموحة التي تتجاوز الحدود، وتحجز لنفسها مكانًا في الصفوف الأولى من مؤسسات الاقتصاد العالمي،انها فانيسا نداف الاسم النسائي الابرز في عالم لطالما عُرف حكرا على الرجال والنجم الابرز في عالم المتفوقين والبارزين في مجال القطاع المصرفي والتكنولوجيا والذكاء الاصططناعي .

 من بيروت إلى فرجينيا، تشغل اليوم منصب مديرة مالية في شركة أمازون العالمية، حيث تقود مشاريع استراتيجية تمزج بين الذكاء الاصطناعي، وتحويل الأعمال، وإدارة سلاسل الإمداد. في هذا اللقاء، نكتشف معها كيف يمكن للتكنولوجيا، حين توظَّف بذكاء وشغف، أن تُحدث فرقاً حقيقياً في حياة الناس، وأن تسهم في بناء مستقبل أكثر مرونة واستدامة.

-فانيسا ،بداية ما هي دراستك بالتحديد وماذا عن مسيرتك المهنية؟

تلقيت علومي في مدرسة سيدة الجمهور، ثم التحقت بالجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، حيث تخصّصت في إدارة الأعمال، مع تركيز على العلوم المالية (Finance) وآليات اتخاذ القرار (Decision Making).
 حاصلة على ماجستير في العلوم المالية، وماجستير  في إدارة أعمال (MBA) من جامعة ولاية بنسلفانيا (Pennsylvania State University)، مع تركيز على الاستشارات (Consulting) وإدارة سلاسل الإمداد (Supply Chain Management).

أنا عضو ناشط في هيئة المحلّفين للشؤون المالية في واشنطن العاصمة (CFA Association DC)، وعضو في جمعية الشرف العالمية Beta Gamma Sigma، التي تضمّ المتفوقين في الجامعات حول العالم.

بدأتُ مسيرتي المهنية في القطاع المصرفي، حيث عملت كمحللة أعمال أولى في الإدارة المالية ،قبل ان احتل منصب
ملحق اقتصادي في سفارة لبنان في كندا، حيث كنت مسؤولة عن تطوير العلاقات التجارية بين لبنان وكندا، ومساعدة الشركات اللبنانية على دخول السوق الكندية والتواصل مع المستوردين المحليين.حالياً انا المديرة المالية في شركة أمازون – فرجينيا، الولايات المتحدة. أُشرف على مشاريع متقدمة ترتبط بـالذكاء الاصطناعي واللوجستيات، وأسهم في تطوير الحلول التقنية والتشغيلية التي تخدم البنية العالمية لأمازون.

-ما هي  الظروف التي رافقت عملك كملحق اقتصادي في كندا؟

بدأت العمل كملحق اقتصادي في كندا في حزيران  2019، في وقت كان  يمرّ فيه لبنان بأزمة اقتصادية خانقة. وبعد فترة وجيزة، حلّت جائحة كوفيد-19، التي زادت الوضع تعقيدًا، خصوصًا على صعيد العلاقات التجارية بين الدول ،وهنا كان لا بد لي من الاعتماد على خبرتي في المالية والإدارة اللوجستية، فبدأتُ العمل على تطوير مشاريع استباقية (proactive) تهدف إلى دعم التاجر اللبناني والمستورد الكندي في آنٍ معًا، من أجل تعزيز التبادل التجاري رغم التحديات ،وقد أطلقت يومها العديد من المبادرات منها مبادرة تنظيم منتديات اقتصادية افتراضية (virtual delegations)، كان أبرزها منتدى خاص بمنتجي النبيذ اللبناني، تمكّنت خلالها من استقطاب عدد من المستوردين الكنديين، رغم صعوبة استيراد الكحول في كندا ومنتديات اقتصادية لقطاعات متعددة، من أبرزها منتجات زيت الزيتون، الأغذية التقليدية، والمشاريع الصغيرة والتكنولوجية.

ومن المشاريع التي أعتز بها، منصة “Mouneh Box”، التي صمّمتها لتسويق منتجات “المونة اللبنانية” من القرى والأرياف، عبر تعريف المستهلك الكندي على هذه المنتجات والمُنتجين
هذا وقد عملت أيضًا على توعية المنتجين اللبنانيين بالقوانين الغذائية والصحية في كندا وأميركا الشمالية، وساعدتهم على أن يكونوا ملتزمين بالمعايير المطلوبة، ما أتاح لهم دخول الأسواق بمنتجات مطابقة.

هذا بالاضافة الى إشراك ممولين وشركات راعية في مجال التكنولوجيا، وقُدت وفدًا لبنانيًا للمشاركة في منتدى تكنولوجي في كندا. هذه الجهود ساهمت في فتح آفاق واسعة للتعاون بين البلدين، وأثبتت أن المبادرة والابتكار هما السبيل لتخطّي الأزمات.

-أين انت اليوم  وما هو دورك بالتحديد؟

أعمل حاليًا كـمديرة مالية في شركة أمازون العالمية، في مركزها الرئيسي في ولاية فرجينيا، الولايات المتحدة. أنا أيضًا جزء من برنامج يُدعى Finance Leadership Development Program، وهو برنامج مرموق تختار من خلاله أمازون نخبة الطلاب المتفوقين من مختلف الجامعات حول العالم، وترى فيهم قيادات مستقبلية في الابتكار والاستراتيجية. وقد كنت من بين 30 شخصًا فقط تم اختيارهم عالميًا للانضمام إلى هذا البرنامج الفريد.


أما عن عملي فأنا أقود حالياً مبادرات استراتيجية داخل الفريق اللوجستي الغذائي في أمازون (Grocery Logistics)، وتركّز هذه المبادرات على تطوير العمليات المالية واللوجستية الخاصة بالشركة.

كيف تسهمين في تحقيق هذا التطوير؟

 أعمل على تصميم نظام حديث يعتمد على الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) وتحليل البيانات (Business Analytics)، بهدف تحسين العمليات الداخلية والتقارير المالية. هذا النظام يساعد في تقييم الفعالية، تقليل المخاطر، وتعزيز الجاهزية لأي أزمات محتملة – مثل أزمة كوفيد-19 – أو أي تغيّرات مفاجئة في السوق أو في قطاع الأغذية.

-لماذا اخترتِ العمل في قطاع الأغذية تحديدًا؟

القطاع الغذائي (Food Sector) يُعد من القطاعات الحيوية في السوق الأميركية، وضمان استدامته ومرونته (Resilience) هو من الأهداف الجوهرية التي أعمل عليها.
من خلال المبادرات التي أقودها، أساهم في تحسين سلسلة الإمداد الغذائي (Supply Chain Management)، وتقديم خدمة أفضل للمستهلك الأميركي من حيث الجودة والتكلفة.

– كيف تقيمين أثر عملك اليوم؟

 أشعر أنني أُحدث أثرًا حقيقيًا وملموسًا في قطاع أساسي يطال يوميات كل مواطن. تطوير الأنظمة والتحسينات التي نقوم بها لا تقتصر على الداخل المؤسسي، بل تصل في نهاية المطاف إلى المستهلك، عبر خدمات أكثر فاعلية واستقرارًا وأسعار أكثر تنافسية.

ما هي أبرز التحديات الاقتصادية واللوجستية التي تواجهينها اليوم في عملك؟وكيف تساهمين في إيجاد حلول لها؟

 التحديات ما زالت كبيرة، وأهمها يعود إلى ما كشفته جائحة كوفيد-19. هذه الجائحة لم تخلق فقط أزمة صحية، بل أظهرت ثغرات خطيرة في سلاسل التوريد والإدارة اللوجستية.
هذه التحديات لا زالت موجودة  وبقوة. حيث اننا نواجه  اليوم تقلبات حادة في العرض والطلب، إضافة إلى قيود جمركية متغيرة، ومشكلات في حركة البضائع العالمية. كل هذه العوامل تؤدي إلى ارتفاع في التكاليف والمخاطر، وبالتالي بات على الشركات أن تكون أكثر استعدادًا لمواجهة أي مفاجآت.

 اما لناحية الحلول،فأنا  أعمل على تطوير أدوات ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي (AI) وتحليل البيانات، هدفها توقّع المشكلات قبل وقوعها، وليس فقط الاستجابة لها.
أُنشئ أدوات تقوم بجمع وتحليل البيانات بشكل دوري، وتسلّط الضوء على المؤشرات التي تُنبئ بوجود خطر أو خلل قادم. بهذه الطريقة، يتمكّن فريق الإدارة من اتخاذ قرارات دقيقة وسريعة في الوقت المناسب.

كذلك، أعمل على تحسين التقارير المالية والعمليات الداخلية، مما يرفع من مستوى الكفاءة التشغيلية ويُقلّل من التكاليف. والنتيجة هي خدمة أفضل للمستهلك، واستدامة أكبر لسلسلة التوريد، خاصة في قطاع الغذاء.

-ما هي رؤيتك المستقبلية في مجال الإدارة اللوجستية وسلاسل الإمداد؟

رؤيتي واضحة، أرى أن إدارة سلاسل الإمداد (Supply Chain Management) يجب أن تتطور لتصبح أكثر ذكاءً، مرونة، وتكيّفًا مع الأزمات. ما كشفه كوفيد-19، إلى جانب الأزمات الاقتصادية والتجارية الأخيرة، أكد أن هذا المجال لم يعد ثانويًا، بل هو اليوم من صلب بقاء واستمرارية الشركات والدول.

-ما التغير الأساسي الذي يجب أن يحصل برأيك؟

يجب أن يحدث تحوّل جذري نحو سلاسل إمداد ذكية (Smart Supply Chains)، تُبنى على أساسات الذكاء الاصطناعي (AI)، الأتمتة (Automation)، وتحليل البيانات الفوري (Real-Time Analytics). هذا التطور يسمح للشركات بالتنبّه للمخاطر قبل وقوعها، واتخاذ قرارات سريعة وفعالة بطريقة استباقية.

-وهل تعتقدين أن هذا التحول كافٍ وحده؟

 ليس كافيًا. يجب أن تترافق التحوّلات التقنية مع استثمارات جدّية في الموارد البشرية. لا يكفي أن نملك أنظمة ذكية، بل علينا أن ندرّب موظفين ومهنيين قادرين على فهم هذه الأدوات والتفاعل معها بذكاء واستراتيجية. هذا الاستثمار في الكفاءات هو مفتاح الاستدامة في هذا القطاع.

-ما هي أهدافك المهنية على المدى القريب؟

هدفي القريب يتمحور حول تعزيز مرونة سلاسل الإمداد (Supply Chain Resilience)، تحديدًا في قطاع المواد الغذائية (Grocery Sector). أعمل حاليًا على تطوير حلول تُمكّن الشركات، وخصوصًا أمازون، من التعامل بفعالية مع التحديات والتعطيلات (Disruptions) المحتملة، سواء على نطاق محلي أو عالمي وها بدأنا نشهد تحسينات ملموسة في سلاسل الإمداد، خاصة في قطاع المواد الغذائية في الولايات المتحدة، حيث أُطبق هذه المبادرات حاليًا. وهناك الآن جهود لتوسيع نطاق هذه الحلول لتشمل شبكات أمازون في الخارج، بسبب نجاحها وتأثيرها الإيجابي.

— كلمة اخيرة؟

اولا أود ان أشكر موقع الكلمة نيوز على هذه الالتفاتة اللطبفة كما أحب أن أختتم بالقول إنّ العمل الذي أقوم به اليوم، والذي يجمع بين الذكاء الاصطناعي، وتحويل الأعمال والمالية، وإدارة سلاسل الإمداد وتعزيز صمودها (resilience)، هو بالنسبة لي أكثر من مجرد مهنة. إنه التزام شخصي نحو الابتكار وخدمة المصلحة العامة.

أنا أؤمن أن التحديات الكبرى التي نواجهها اليوم – كضمان الأمن الغذائي، وتحسين الكفاءة، وتقليل المخاطر المالية – تتطلب حلولًا تقنية وذكية قابلة للتنفيذ على نطاق واسع. وأنا فخورة بأنني، من موقعي الحالي في شركة أمازون، أساهم فعليًا في بناء أنظمة مرنة وفعالة تستجيب لمتطلبات عالمنا المتسارع.

سواء من خلال تحسين إيصال المنتجات الغذائية للمستهلك، أو تعزيز الاستدامة، الشفافية، وتخفيف التكاليف، أشعر أنني أُحدث أثرًا ملموسًا في الحياة اليومية للناس.

وبالنهاية، طموحي ليس فقط إحداث تغيير داخل مؤسسة واحدة، بل إحداث فرق على مستوى القطاع الصناعي والاقتصاد العالمي ككل، من خلال التكنولوجيا، التعاون، والشفافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى