جاليات

“كورال التراث الشرقي” يحيك الاصالة بأصوات عربية في مونتريال

ترك بلاده وفي القلب غصة، وفي ترحاله وحدها الاحلام والآمال رفيقة الدرب الطويل أما الشغف بالاوتار والنغمات والالحان الشرقية فها هنا تقف الحكاية لتبدأ اخرى استثنائية في بلاد القيقب بطلها المايسترو سبيرو دميان مؤسس “كورال التراث الشرقي” الفريد من نوعه قلبا وقالبا والذي لاجله كافح ولما يزل حتى بات اسمه علامة فارقة في عالم الموسيقى الشرقية في الغرب والعنوان الفريد للفن الاصيل على امتداد كندا واميركا الشمالية.

التقيناه في محترفه الغنّاء يدير كوراله بفرح واطمئنان، فذاك المهاجر المشبع بكل الوان الايقاعات لا يألو جهدا في ترسيخ أصول الغناء الشرقي ونشر الثقافة الموسيقية العربية في مجتمع بعيد كل البعد عن موروثاتنا الادبية والفنية الرائعة، بحفلات كانت ولما تزل اعراساً يحسب لها الف حساب لعل اجددها وليس آخرها حفل “راجعين يا هوىالذي سيقام يوم الأحد المقبل الواقع في 26/2/2023 على مسرح كوليج لافال مسرح مارسولين شومبانيان.

سألنا المايسترو دميان عن تارخ “كورال التراث الشرقي” وأهدافه فأجاب وبفرح الواثق من خطواته بالقول: “لقد راودتني فكرة انشاء كورال شرقي متميز مذ وطأت قدماي أرض كندا، فأنا مغرم بالموسيقى حتى العظم ولاجلها قررت ان أكمل مشواري الذي بدأته في بلادي الام -سوريا- لاسيما وان كل المهاجرين يحملون معهم تراثهم وثقافتهم الى اي بلد انتموا، فكانت الانطلاقة مع عدد من الاصدقاء (حوال ١٢ شخصا) وها قد تجاوز عدد الاعضاء المنتسبين الى صفوقه اليوم، وبعد مرور خمس سنوات على تأسيسه، الستين شخصا من مختلف بلداننا العربية ذكوراً واناث، نتمتع بصفة العائلة العربية المتنوعة العرق والدين والقومية”… وأضاف: “اما أهم اهدافه فتتلخص بالحفاظ على الفن العربي الأصيل التراثي، والعمل على نشره بين المجتمعات العربية و الغربية في كندا وخارجها”.

لا لم اخف ابدا من اطلاق تسمية “كورال التراث الشرقي” على الفريق، بهذه العبارة اختصر المايسترو مجموعة تساؤلات تتعلق بكوراله الشرقي في كندا مؤكدا فخره بحمل رسالة فنية بهذا الحجم ونشرها في المغتربات برقي وذكاء لافتا الى امكان تبني فكرة تطوير برنامجه الفني بالعمل لاحقا على دمج الأغاني الغربية بالعربية في حال تأمنت المادة المناسبة.

وعن أعماله المنفذة في كندا “مشوار”، “عدنا” ،”راجعين يا هوى” وغيرها قال دميان: “لقد قدم الكورال ما مجموعه ثماني امسيات غنائية على أهم المسارح بمونتريال والعاصمة اوتاوا …وكنت احرص ولما ازل على اختيار العناوين ذات المغزى الوجداني، الواقعي وفي كل مرة، وبعد كل حفل اتلقى الكثير من عروض طلبات الانتساب للانضمام الى الكورال وهو امر ان دل على شيء فعلى نجاح رسالتنا وانتشارها بين ابناء اوطاننا المنتشرين في هذه البلاد الرائعة”.

التفرغ للعمل الفني والاتجاه نحو امتهان اعضاء الفرقة الغناء كحرفة فكرة واردة عند المايسترو ولكن في المدى البعيد، أما في الوقت الحالي، فالاعضاء جميعهم من الهواة ولكل منهم عمله الخاص يعتاشون منه ويعيلون عائلاتهم، وجميعهم يمارس الفن كهواية مشبعة بالشغف والحنين الى الارض والوطن، “نحن في الكورال نعيش كعائلة واحدة يجمعنا حب الموسيقى، لا دين ولا جنسية ولا انتماء آخر في هذه العائلة إلا الانتماء إلى الموسيقى فحسب. فكورال التراث الشرقي بما يقدمه انما يُذلّل كل شعور بالغربة والانطوائية ويعزز الشعور بالود والمحبة فيما بيننا‘‘ .يقول دميان الذي يصف الصعوبات التي يواجهها في فترة التمرينات بالشاقة: “الالتزام قد يكون من أصعب الأمور في كندا، هناك عناء المسافات البعيدة ومشقة الأعمال وكثرة الانشغالات التي تأخذ من المرء كل وقته وتستنفذ طاقاته ونشاطه، ونحن نضطر الى تكثيف التمرينات في الشهرين الأخيرين قبل موعد العرض وهو ما يتطلب مجهودا كبيرا من الجميع لكي يستطيع المواظبة وتخصيص الوقت لهذه التحضيرات، ولكن في النهاية ما نقدمه ينسينا تعبنا ويعزز شعور الفرح والغبطة في نفوسنا”.

حديث لا يمل منه، مشبع بكل المقامات والنوتات المدوزنة على الاصالة والتاريخ والتراث فمع سبيرو دميان المايسترو الاصيل يحلو الكلام وُتطرب الاذان هو الذي معه سنلتقي على الحنين والاصالة في أمسية “راجعين يا هوى” التي ننتظرها بفارغ الصبر، يوم الاحد المقبل علّنا نعيد أمجادا من بلداننا غابت عنا أو غيّبناها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى