أوروبا.. شتاء قارس وفاتورة غاز باهظة
وفور إعلان روسيا عن هذا التخفيض ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا بنحو 5 أضعاف مقارنة بالسنة الماضية في الوقت الذي يدحض الأوروبيين هذا السبب التقني، إذ في سياق الحرب في أوكرانيا أصبحت ورقة الطاقة وسيلة ضغط منذ بداية الهجوم لتخفيف العقوبات المفروضة على روسيا.
ووفقا لمحلل سوق الطاقة الأوروبي، في شركة “ريستاد أينيرجي”، فابيان رونينغن، في تصريحه لـ”موقع سكاي نيوز عربية” تستخدم ثلاثة قطاعات كبيرة غالبية الغاز الطبيعي في أوروبا.
ويوضح بلغة الأرقام بأنه “في عام 2021، استهلك قطاع الطاقة حوالي (27%) والقطاع الصناعي (26%)، والقطاع السكني (26%). ويتم تقسيم الحصة المتبقية بين القطاعات الأصغر”.
ألمانيا وإيطاليا أكبر مستهلكي الغاز الروسي
ويتابع، “وتبقى إيطاليا وألمانيا من كبار المستهلكين للغاز بشكل عام. إذ تعد مثلا ألمانيا أكبر مستهلك للغاز الروسي بإجمالي 48 مليار متر مكعب من الغاز الروسي الذي تم توريده في عام 2021، أي ما يقرب من 55٪% من إجمالي الغاز المستهلك في أوروبا”.
وبعد 5 أشهر من الحرب الأوكرانية الروسية، وبينما تقطع موسكو تدريجيا صنابير الغاز عن أوروبا، إذ في شهر مايو الماضي أعلنت شركة “غاز بروم” الروسية إغلاق خط الغاز “يامال-أوروبا” الذي كان يزوّد العديد من الدول الأوروبية بالغاز. ثم قامت بتقليص حجم الإمدادات في خط “نورد ستريم 1” بنسبة 75% لتعلن عن إغلاقه لمدة 10 إيام بسبب مشاكل تقنية، عادت موسكو وأعلنت تقليص الضخ من جديد، ما دفع الاتحاد الأوروبي لمضاعفة استراتيجياته لمواجهة تحدي الطاقة.
حل أوروبي لمواجهة النقص
وأمام الوضع الجديد، اتفقت الدول السبعة والعشرون على حل تاريخي وفي وقت قياسي من أجل تقليص استهلاكها من الغاز بطريقة منسقة. وتنص الخطة التي تم تبنيها بالأغلبية على تقليص كل دولة أوروبية استخدامها للغاز، بين شهر أغسطس 2022 ومارس 2023، بنسبة 15% على الأقل مقارنة بمتوسط السنوات الخمس الماضية في نفس الفترة. والهدف، توفير حوالي 45 مليار متر مكعب من الغاز، وهي كمية معادلة لما قد ينقص إذا قطعت روسيا التدفقات بالكامل وفي حالة شتاء شديد البرودة.
ومع ذلك، يبدو أن الأمور تسير بشكل سيء. فقد عارضت فرنسا بشكل ملحوظ هدف التخفيض المشترك من أجل مساعدة برلين على وجه الخصوص المحاصرة بسبب اعتمادها على الوقود الأحفوري الروسي. معتبرة أن الأهداف الموحدة لن تتكيف مع واقع الجميع.
وإدراكًا منها لهذه التوترات، أكد الوزير الألماني روبرت أن “ألمانيا ارتكبت خطأً استراتيجيًا في الماضي” من خلال تنمية هذا الاعتماد على موسكو وأكد أن “الحكومة تعمل الآن جاهدة لإزالته”.
ويرى محلل سوق الطاقة الأوروبي، أن “بعض الدول سيكون حالها أفضل من غيرها خصوصا تلك التي يمكنها تحويل بعض اعتمادها على الغاز الروسي إلى مصادر أخرى للغاز (الغاز الطبيعي المسال أو الغاز النرويجي أو غاز شمال إفريقيا).
وفي المقابل، يقول “إن أحد القيود الرئيسية للعديد من البلدان تتمثل في القدرة على إعادة تحويل الغاز المسال التي يمكن استيرادها. وهي القدرة التي تمتلكها مثلا كل من إسبانيا والبرتغال وبريطانيا وفرنسا وهولندا”.
أغلى فصل شتاء في أوروبا
ولكي يكون لدى أوروبا ما يكفي من الغاز خلال الشتاء، فإن ذلك يعتمد على عدة عوامل بحسب رونينغن، أهمها “مقدار الإمدادات الروسية خلال فصل الشتاء ومدى فعالية البلدان الأوروبية في خفض الطلب على الغاز في القطاعات المختلفة”.
وتوقع المتحدث نفسه أنه إذا استمر السيناريو الحالي سيزيد الضغط على سوق الغاز حيث سيرتفع الطلب على هذه المادة الخام في قطاع التدفئة، وكذلك في قطاع الطاقة. مما يعني أن أوروبا تتجه نحو أغلى فصل شتاء وسينتج عنه فاتورة باهظة الثمن للمستهلكين الأوروبيين.
وبحسب تقرير لـوكالة الطاقة الدولية، فقد تراجع اعتماد أوروبا على الغاز الروسي نتيجة الحرب في أوكرانيا، إذ لم يستورد الاتحاد الأوروبي في عام 2021 إلا حوالي 380 مليون متر مكعب في اليوم من الغاز عبر مختلف خطوط الأنابيب.