ميشال فاضل يوحّد الأجيال في مونتريال بموسيقى تجمع التراث والحداثة

أقمت الدنيا ولم تقعدها ،أعدتنا من مغتربنا الى لبناننا الذي حملناه في قلوبنا مذ تركناه، فماذا فعلت ميشال فاضل في حفلك أمس؟ وصلت الرسالة، نعم نحن شعب محب للحياة، محب لوطننا، نعشق ذكرياتنا فيه. وماذا بعد؟
شهد مسرح UQAM أمس أمسية استثنائية مع الموسيقار ميشال فاضل، الذي لم يقدّم حفلاً موسيقياً وحسب، بل صنع حالة وجدانية حملت الجمهور في رحلة من لبنان إلى كندا، ومن الذكريات إلى الحاضر. لم تكن المقطوعات مجرد نغمات تُعزف على البيانو، بل كانت رسائل حب ووفاء، أعادت إلى الجالية اللبنانية والعربية لحظات دافئة من ماضيها، لتذكّرهم أنّ الوطن لا يُقاس بالمسافة، بل بالنبض الذي يسكن القلوب.
بمزيجٍ آسر من التراث والحداثة، أبحر ميشال فاضل مع جمهوره في رحلة موسيقية عبر أغانٍ خالدة لكبار الفنانين اللبنانيين والعرب، دون أن ينسى نشيد بلاده الذي استهلّ به الأمسية تحيّةً خاصة لبلد الأرز ليعود ويتنقّل ما بين “أنت عمري” و”ألف ليلة وليلة” و”بتونس بيك” و”إيه اليوم الحلو ده”، مرورًا بميدليه متنوّع للراحلَين العملاقَين عبد الحليم حافظ وزكي ناصيف، وآخر للفنان كاظم الساهر، مع بعض المعزوفات التي ساهمت برفع منسوب الانسجام لدى الحاضرين منتقلا بعدها وفي ختام الحفل الى الروحانيات بترنيمةٍ للعذراء مريم من ألحان والده الفنان فؤاد فاضل، في مشهد مؤثر حمل معه صورة لبنان الحقيقي: لبنان الايمان والثقافة والفرح والإبداع.
وما ميّز الحفل أكثر كان حضور الأصوات الشابة من مونتريال التي شاركته خشبة المسرح. وقوفهم إلى جانب فنان عالمي أضفى على الأمسية بُعدًا استثنائيًا، حيث التقت الأجيال في احتفال واحد، مؤكّدًا أنّ الموسيقى لا تموت، بل تتجدّد مع كل صوت جديد، ومع كل نبض يحمل الحب والحنين.
وفي إطلالتها، حملت كريستا ماريا الفرح إلى المسرح، حيث أدّت أغنية “Bravo tu as gagné” مع اغنية “كل القصائد” للفنان مروان خوري، فبدأت بالعزف على البيانو ثم تابعت الغناء بصوتها المتمكّن وحضورها الآسر، لتحصد إعجاب الجمهور وتصفيقهم الحار، حرصت كريستا على توجيه الشكر لميشال فاضل على هذه الفرصة المميزة للغناء إلى جانبه، وقالت في كلمتها:
“أود أن آخذ لحظة لأتوجّه بالشكر إلى ميشال. أعتقد أنّ كثيرين منكم يعرفونه، ولكن بالنسبة لي هو ليس فقط فنانًا عالميًا بل إنسان ملهم، ألهمني كما ألهم جميع الفنانين في لبنان والشرق الأوسط. إنّه لشرف كبير أن أتقاسم معه هذه اللحظات الفنية الرائعة.”
وغنت رولا الحاج علي je t”aime مع وين مسافر كما اطلت سينتيا بارود بأغنية باللغة الاسبانية مع أغنية حلوة يا بلدي فنالتا استحسان الجمهور الذي اثنى على أصواتهما.
كما شهد الحفل مشاركة مميزة للفنانة لارا راين التي حضرت خصيصًا من لبنان إلى مونتريال. لارا، التي عرفها الجمهور بصوتها الدافئ وبمشاركاتها السابقة إلى جانب الفنان زياد الرحباني، قدّمت على المسرح مجموعة من أغانيه الشهيرة، منها “بلا ولا شي” و “بتذكر آخر مرة”، فحملت معها شيئًا من روح بيروت إلى قلوب الحاضرين. حضورها أضاف بعدًا وجدانيًا إلى الأمسية، حيث تلاقى صوتها مع ألحان ميشال فاضل ليكتمل المشهد الفني بين التراث والحداثة.
تميز الحفل بأجواء استثنائية، إذ تفاعل الجمهور بحماسة وتصفيق متواصل؛ بعضهم شارك الغناء، فيما اغرورقت عيون آخرين بدموع الحنين. لكن الجميع خرج بشعور واحد: أنّ لبنان كان حاضرًا في القاعة، بكل ألوانه وأحلامه وذاكرته الحية.








