سورايا مارتينز فيرادا، بين الفوز التاريخي والتحديات

بقلم الاستاذ وليم خربوطلي
يشكّل فوز سورايا مارتينز فيرادا حدثًا تاريخيًا، إذ إنها أول شخصية من أصل مهاجر تتولى رئاسة مدينة مونتريال، كونها مولودة في تشيلي وقدِمت إلى كندا مع عائلتها في إطار اللجوء السياسي.
إلا أنّ السيدة مارتينز فيرادا ليست جديدة على الحقل السياسي، فقد كانت عضوًا في المجلس البلدي لمدينة مونتريال بين عامي 2005 و2009، ثم انتُخبت نائبة في البرلمان الكندي عن دائرة هوشيلاگا–ميزونوف عام 2019 حتى نيسان 2025. وخلال ولايتها البرلمانية، شغلت عدّة مناصب بارزة، أبرزها سكرتيرة برلمانية لوزير النقل السابق عمر الغبرة، ووزيرة السياحة والتنمية الاقتصادية الكندية لمحافظة كيبيك.
وطبعًا، إلى جانب الامتيازات التي ترافق منصب عمدة ثاني أكبر مدينة في كندا بعد تورونتو، تأتي تحديات كبيرة. فقد ارتفعت في ظل الإدارة السابقة شكاوى المواطنين بسبب كثرة الأشغال وصعوبة التنقل بالسيارات، إلى جانب أزمات السكن والفقر والتشرّد وارتفاع معدّلات الجريمة.
بالتالي، تواجه السيدة مارتينز فيرادا مجموعة من المعضلات الكبرى، يمكن اختصارها في أبرزها حاليًا.
إضراب عمال الصيانة في شبكة النقل الجماعي في مونتريال STM
منذ الأول من نوفمبر 2025، تواجه شبكة النقل الجماعي في مونتريال توقفاً شبه تاماً يسلّط الضوء على أزمة عميقة بين شركة النقل، نقابات العمال وإدارة المدينة.
العمدة الجديدة ستواجه من أول أيامها ملفاً متفجّراً يتطلّب حلولاً تقنية وسياسة على حدّ سواء واختبار حقيقي لقيادتها.
السياق وبداية المواجهة
دخلت الشركة في نزاع حول تجديد الاتفاقية الجماعية، ظروف العمل، الأجور، واللجوء إلى التعاقد والتلزيم للقطاع الخاص.
ملخّص الأمر :
- انتهت مدة الاتفاقية الجماعية والتفاوض متعثّر.
- النقابات تُحمّل الإدارة والمنظومة التمويلية العامّة مسؤولية الجمود.
- تمّ إعلان إضرابات ووقف شبه كامل للخدمة اعتباراً من الأول من نوفمبر وحتى 28 نوفمبر ما لم يُحقّق تقدّما جديا.
التأثيرات المباشرة على المستخدمين والبعد السياسي
الإضراب أنتج آثاراً واضحة :
- الخدمة تعمل فقط في فترات الذروة صباحاً ومساءً، أما بقية اليوم فتوقّف شبه تام.
- طلاب وعاملون يواجهون صعوبات في التنقّل، وتحميل إضافي للتكاليف، وضياع للوقت.
- المشهد السياسي ضاغط : تُطرح تساؤلات حول كفاءة إدارة المدينة ودور الحكومة الإقليمية في تمويل النقل.
التحديات والرهانات
- الحوكمة العمومية : الأزمة تكشف ضعف التنسيق بين المدينة، الشركة، والحكومة الإقليمية. على العمدة أن تتبنّى دور القيادة السياسية وليس كوسيط فقط.
- الشرعية الإدارية : كلّ يوم خدمة ناقصة يعمّق انطباع العجز، ما يُضعف مصداقية العمدة من البداية.
- العلاقات الاجتماعية : يدفع المستخدمون الثمن، خصوصاً الفئات الأكثر هشاشة. قد ينجم عن ذلك تصعيد اجتماعي أو فقدان ثقة طويل الأمد.
- الجدول الزمني السياسي : الحلّ السريع بمثابة مكسب رمزي، بينما التأخّر قد يصبح عبئاً على العمدة.
توصيات استراتيجية للعمدة
على المدى القصير (30-60 يومًا):
- تأسيس منتدى ثلاثي فوري (المدينة / الشركة / النقابات) مع وسيط مستقل وجدول زمني واضح.
- نشر «تقرير حالة» مالي وتشغيلي للشركة لإعادة بناء الثقة.
- إطلاق خطة تواصل إعلامي للمستخدمين لتوضيح البدائل، وتحفيزهم على التعاون.
على المدى المتوسط (6-12 شهراً):
- صياغة مع الشركة خطة استراتيجية لخمسة أعوام تشمل توظيف داخلي، تقليص التعاقد من الباطن، تحسين الأجور، وتركيز على جودة الخدمة.
- التفاوض مع الحكومة الإقليمية لزيادة التمويل الموجّه للنقل الجماعي في مونتريال لتعزيز قدرة الشركة التفاوضية.
- تفعيل لجنة مواطنين-موظفين تتابع تنفيذ الخطط وتقارير التقدّم، لضمان مساءلة حقيقية.
النزاع داخل STM ليس مجرد نزاع محلي بين إدارة ونقابات ؛ هو تقاطع بين السياسة البلدية، حوكمة النقل العمومي والعدالة الاجتماعية. أمام العمدة الجديدة السيدة مارتينز فرادا، اختبار قيادي مبكر. التوصّل إلى حلّ سريع وواضح سيعزّز عهدها ؛ بينما استمرار الأزمة قد يُضعف مصداقيتها ويُفقد السكان ثقتهم في خدمة عامة أساسية.
المدينة أمام مفترق طرق : إما تحوّل الأزمة إلى فرصة، أو تبقى أسيرة أعراف الأمس.




