أخبار لبنان

غسان مخيبر: على الاغتراب اللبناني مسؤولية تكوين جديد للسلطة في الانتخابات المقبلة

حاوره جاد جابر

تتسارع في الآونة الأخيرة وتيرة الترشيحات والتحالفات الانتخابية تمهيدا للاستحقاق النيابي المزمع حدوثه في شهر أيار المقبل، استحقاق بطبيعته يعيد تكوين السلطة من جديد،ومن خلاله تبحث “قوى التغيير” عن امكانية لعب دور وتمثيل في هذا التكوين، يترجم الانتفاضة الشعبية التي بدأت في 17 تشرين 2019  داخل حرم المجلس.

واستكمالا لما بدأه موقعنا، من محاولة لربط الاغتراب بالساحة السياسية اللبنانية، نستضيف أحد أبرز المشرّعين والناشطين في مجال حقوق الطفل والمرأة والقضايا التنموية والديمقراطية ومكافحة الفساد، النائب السابق المحامي غسان مخيبر في حوار اردنا منه الاجابة على العديد من التساؤلات حول تموضعه في الانتخابات المقبلة ورأيه في انتفاضة 17 تشرين الى مشروعه السياسي للمرحلة المقبلة في محاولة لغوص عالمه السياسي وتطلعاته حول المواضيع الآنية.

بداية، وانطلاقا من مسيرته النيابية والتشريعية المتميزة, يرى مخيبر أن جزءاً من بناء الدولة المرتجاة قائم على صياغة وتطوير القوانين خاصة وانه في لبنان تشوب الثغرات العديد منها، وهو ما سعى ولما يزل الى تصحيحه خلال مسيرته النيابية الطويلة، ومن هذا المنطلق يعتبر أن تحديات التشريع تنقسم الى اثنين، أحدها عبر سن القانون وثانيها عبر تطبيقه، عارضا لنموذج من التحديات في بعض القوانين التي عمل على اقرارها، كمثل قانون المخفيين قسرا والذي عرف لاحقا بقانون “غازي عاد”، الذي تسيطر عليه الخلافات لاسيما على الهيئة المولجة متابعة الملف وهو ما يسعى دوما الى تذليلها.

اما فيما خص قانون حق الوصول الى المعلومات فقد أعرب مخيبر عن ايجابية واضحة في ما يتعلق به تمثل بتطوير خطة عمل وطنية من 10 نقاط أساسية تسعى لتطبيق القانون بدءًا من تعيين موظفي معلومات في كافة الادارات بعد أن تتم عملية تنظيمهم وتدريبهم على كيفية التعامل مع الناس، وتمر عبر حسن تطبيق القانون في بعض الأجزاء  التي تتعلق بالنشر الحبي التي تفوق أهمية الوصول الى المعلومة عبر طلب مقدم ، فالقوانين بحاجة الى متابعة وحسن تطبيق وهو ما يسهر على تحقيقه في خلال فترة ندوته البرلمانية وخارجها.

عن رأيه بالقانون الانتخابي الحالي، يقول مخيبر أنه ومنذ العام 1996 وهو يعمل على تنظيم الأطر الانتخابية وقد شارك في تأسيس الجمعية اللبنانية من أجل ديقراطية الانتخابات (لادي)، واصفا الانتقال من نظام أكثري الى آخر نسبي بالجيد، وان كان غير كاف، وقد جاء نتيجة عامل “تراكم جهود” لسنين عديدة، عامل يعتبره مخيبر السبب الرئيس لأي انجاز على مستوى تطور القانون لاحقا، مضيفا بأن القانون الحالي بحاجة الى تعديلات كثيرة منها: تطوير صلاحيات الهيئة الوطنية للاشراف على الانتخابات، نظام ضبط الدعاية والتمويل الانتخابي، تخفيض سن الاقتراع، تطوير بعض التقنيات التي من شأنها أن تحفز بعض الأحزاب الجديدة على المبادرة بهدف تصحيح العمل الديمقراطي خاصة بعد سيطرة الأحزاب التقليدية على الانتخابات الفائتة.

ويؤكد مخيبر أن القوانين الانتخابية، بشكل عام، تعتبر دقيقة وصعبة التطوير بسبب انعكاسها على صحة التمثيل في فرز السلطة.

أما في ما خص المقاعد الستة – المغاسنتر –  الكوتا النسائية، فقد اعتبر مخيبر أن الدائرة 16, مخالفة للدستور الذي يحدد وجود الدوائر حصرا داخل الأراضي اللبنانية, رافضا حصر الصوت الاغترابي بستة مقاعد فقط، وهو ما سعى الى ايقافه عبر حملة توعية تناولت موضوع الخطر الناجم عن  هذه المقاعد على سلامة العملية الديمقراطية.

وحول موضوع المغاسنتر، اشار الى انه ومنذ العام 2007 وهو يسعى الى تمريره لكنه فشل بعد أن اصطدم  بأحزاب كبيرة كأمل وحزب الله والمستقبل بسبب تضررهم من هكذا مشروع والذي يحد من عملية التسلط التي يمارسونها على جماهيرهم, مؤكدا أن تقنية المغاسنتر -في حال اقرارها – ستؤدي الى انعكاسات سياسية هامة.

ويقف مخيبر الى جانب الكوتا النسائية على الصعيد النيابي والبلدي, معربا عن خيبة امله من عدم المضي بها بشكل دائم واصفا اياها بالنظام المرحلي الذي يعمل لبضعة دورات انتخابية ثم يتوقف, وهذا النظام من شأنه تحفيز المرأة على المشاركة في العملية الانتخابية، وتطوير الثقافة الانتخابية لدى الشعب بانتخاب نساء وليس فقط رجال.

وعن  احتمالية تأجيل الانتخابات بعد الكلام الذي يتحدث عن فقدانها لميثاقيتها مع اعتكاف الرئيس الحريري, اعتبر مخيبر أن هناك اساءة في استعمال الميثاقية في الحياة السياسية اللبنانية، بحيث سطت الاحزاب على هذا المبدأ أو بمعنى  آخر اعتبار الأحزاب غياب حزب معين عن السلطة هو بمثابة فقدان للميثاقية, وهو ما اعتبره مخيبر هرطقة دستورية, فما يعنيه الدستور من الميثاقية هو شراكة الطوائف والمذاهب في السلطة وليس الأحزاب، فالميثاقية تتحقق بتمثيل الطائفة عبر قوى سياسية أخرى عن الفريق السياسي المعتكف عن المشاركة.

ويؤكد مخيبر أن تموضعه كان ولا يزال الى جانب الناس المنتفضة على هذه المنظومة التي فشلت في ادارة البلاد وأوصلت الدولة الى ما هي عليه اليوم, وعن دوره فهو يسعى لتجميع قوى الثورة لانتاج مشروع أمل جديد للبنانيين.

وعن علاقته بالتيار الوطني الحر والعهد, يقول  أن تموضعه الى جانب الناس أبعده عن أي فريق سياسي متأسفا على انغماس التيار في المنظومة كما في التسويات التي حصلت والتي كانت بعيدة كل البعد عن هدف بناء دولة نظيفة وفاعلة، مضيفا أن الرئيس عون فشل في قيادة مسعى تغييري جذري كما في احتواء الأزمة الاقتصادية الأخيرة وحتى في ادارة العلاقة مع الناس المنتفضة، وان كانت مسؤولية الانهيار حسب رأيه مشتركة وليست فقط على عاتق رئيس الجمهورية، مؤكدا أن لا مشكلة شخصية لديه مع أحد فهو الذي سعى طوال مسيرته البرلمانية الى مدّ جسور يستطيع من خلالها بناء دولة والخروج من الاوليغارشية الفاسدة فسادا بنيويا.

وعن مشروعه الانتخابي, يقول مخيبر انه مصمم على بناء دولة من شأنها تخليص لبنان من أزمة اللادولة في كل المجالات من البيئة الى النظام الدستوري ومكافحة الفساد البنيوي وغيرهم, كما والأهم في المرحلة المقبلة هو محاولة الحفاظ على ما تبقى من أصول الدولة وتوزيع الخسائر بشكل عادل بمحاولة لحماية الناس من الفقر.

أما بالنسبة الى دور الاغتراب ومكانته في مشروعه الانتخابي, يرى مخيبر أن مواقع التواصل الانتخابي جعلت من المغتربين رغم المسافات ملمّين بكافة تفاصيل وهموم المقيمين في لبنان وكأنهم في الداخل اللبناني، وأن على الاغتراب مسؤولية في تكوين جديد للسلطة في الانتخابات المقبلة، آخذا على عاتقه محاولة تجميع قوى المعارضة بهدف تحقيق توازن قوى يجبر الطبقة السياسية على الاستماع لمشاريع بناء دولة، متوجها للبنانيين في الخارج والداخل بالقول أن لبنان لن ينتهي اذا عملنا سويا للخروج من الانهيار الحالي, وأن ما نحن فيه يجب أن ينمّي لدينا التزاما اضافيا بكافة الوسائل الممكنة اجتماعيا عبر جمعيات ومنظمات ،وسياسيا عبر المشاركة في العملية الانتخابية, فمشروع بناء الدولة يحتاج الى تضافر جهود الجميع دون استثناء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى