.tie-icon-fire { display:none; }
أخبار لبنان

“فايننشال تايمز”: أمراء حرب حوّلوا لبنان إلى أرض محروقة

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” مقالا لمحرر الشؤون الدولية، ديفيد غاردنر، بمناسبة مرور عام على الاحتجاجات الواسعة التي شهدها لبنان، وأدت إلى استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري.
وأوضح غاردنر أن التظاهرات خرجت بالأساس لإسقاط أمراء الحرب، وسلالات الطائفية التي أوصلت البلاد إلى حافة الدمار. وأصبح لبنان الآن في مرحلة ما بعد الحافة. فالاقتصاد انهار قبل زمن من ظهور مرض كوفيد-19، والحكومة مفلسة وفشلت في تسديد الديون، وكثير من المودعين خسروا تقريبا مدخراتهم في نظام مصرفي مغلق عليهم لنحو عام تقريبا.
وقالت الصحيفة إن المصرفيين والسياسيين المشاركين لهم في مصارفهم أصبحوا أثرياء جدا بسبب الفوائد العالية التي دفعها لهم البنك المركزي على مدى الاعوام الماضية.
وأحجمت الطبقة السياسية هذا العام عن خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، اشترطت ليس فقط إصلاحات بل تدقيقا جنائيا في الحسابات كان سيكشف مخالفات نظامية، بينما انتشر الفقر والجوع، وتقدر الأمم المتحدة أن نصف الشعب يعيش تحت خط الفقر.
وأضافت ان “القمع الانتقائي، ثم الوباء أخرج المتظاهرين من الشارع، في نظام خاضع في نهاية المطاف لسيطرة حزب الله، والتي تعمل كدولة فوق الدولة. حزب الله متحالف مع أمل، الميليشيا السابقة التي تحولت إلى حركة جماهيرية شيعية، ومع أكبر حزب مسيحي يتولى قيادته، الجنرال السابق ميشال عون، الذي يشغل كرسي رئاسة الجمهورية.  تتمتع هذه السلطة بقبضة قوية على قوات الأمن والجيش، وتسيطر على الأغلبية في البرلمان ولها حق النقض الفعال على التعيينات الوزارية”.
بعد الانفجار
يقول غاردنر إن الانفجار الضخم الذي وقع في ميناء بيروت في 4 آب قلب حتى أكثر الحسابات سخرية. اختبأت النخب السياسية من مدينة عاد لها النشاط بسبب الغضب من إفلاتهم الوقح من العقاب وإهمالهم للمواطنين.
وقام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارتين للعاصمة المنكوبة لعرض المساعدات الدولية بشرط التغيير الحقيقي. واستهدف بشكل مباشر نظام المحسوبية، وهدد الشخصيات الذين يقودونه بعقوبات شخصية ما لم يذعنوا للإصلاحات (وصندوق النقد الدولي).
وأشار غاردنر إلى أن العثرة الرئيسية أمام تشكيل حكومة كان إصرار حزب الله وأمل التي يقودها نبيه بري، على تسمية مرشحهما لوزارة المال. ثم قامت وزارة الخزانة الأميركية الشهر الماضي بفرض عقوبات على وزيرين لبنانيين سابقين. وقد أدرجت واشنطن حزب الله لفترة طويلة على قائمة الإرهاب، ولكنها تركت حلفاء الحزب. وكان الهدف الرئيسي علي حسن خليل، وزير المال السابق – والوريث الواضح لبري في حركة أمل.. “هذا صدم سماسرة السلطة في لبنان وكهرب الأجواء في بيروت موقتا”.
ترسيم الحدود
وأكد غاردنر أن ما حدث بعد ذلك كان سياسة القوة المنهجية. “الكتلة التي يقودها حزب الله لعبت بطاقة الخروج من السجن. لم يكن عليها المضي في مطالب ماكرون. وبدلاً من ذلك، وافقت على وساطة أميركية بين لبنان واسرائيل لمحاولة رسم حدود بحرية رغم أنهما لا يزالان من الناحية الفنية في حالة حرب”.
وقال إن “هذا تراجع كبير من حزب الله وأمل يهدف الى إنقاذ القلة المحتكرة السياسية الفاسدة لنفسها. ولكن بالنسبة لأميركا قد تكون هذه النتيجة هي المطلوبة طيلة الوقت من إدارة دونالد ترامب – بدلا من استخدام العقوبات لإضعاف الداعمين لحزب الله”.
وتابع بأن الرئيس الأميركي في منافسة صعبة الشهر المقبل لإعادة انتخابه والنجاح في هذه الوساطة سيدعم حظوظه، بعدما حقق المزيد من “المكاسب” لإسرائيل: الاتفاق مع الإمارات العربية المتحدة ونقل السفارة الأميركية إلى القدس والموافقة على ضم مرتفعات الجولان السورية و”صفقة القرن” في كانون الثاني التي أشارت إلى ضوء أخضر في المحصلة بضم ما يصل إلى ثلث الضفة الغربية المحتلة.
الموازنة النهائية للبنان بعد كل هذه المكائد تبدو قاتمة. وتوصل الكثير من اللبنانيين الذين ما زالوا مصدومين من كارثة انفجار الميناءإلى أن نواب إيران – حزب الله وأتباعه – لا يمكن التخلص منهم. والنتيجة هي أن أحد النشاطات القليلة الصاخبة في بيروت هي عمليات الشحن.
فبعد العيش لعقود من الحرب والاحتلال والقصف والاغتيالات، يبدو أن لبنان في المحصلة سوف ينزف دم الحياة على شكل هجرة جماعية للأطباء والمحامين والمدرسين والأكاديميين والمهندسين والمصممين.
المصدر: جريدة النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى