يعد اضطراب الوسواس القهري (OCD) شائعًا وهو اضطراب نفسي يظهر من خلال سلوكيات قهرية يكررها خارجًا عن إرادته.
وبحسب مؤسسة اضطراب الوسواس القهري الدولية، فإن هذا الاضطراب يؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار ومناحي الحياة، ويحدث عندما يقع الشخص في دائرة من الهواجس والأفعال القهرية.
ما هو الوسواس؟
الوسواس عبارة عن أفكار أو صور أو دوافع تحدث مرارًا وتكرارًا وتكون خارجة عن سيطرة الشخص. وعادة ما تكون الهواجس مصحوبة بمشاعر شديدة وغير مريحة مثل الخوف أو الاشمئزاز أو الشك أو الشعور بأن الأشياء يجب أن تتم بطريقة “صحيحة تمامًا”، بحسب المؤسسة.
وتؤكد الاختصاصية في علم النفس والمحللة النفسية ماري أنج نهرا في حديث إلى “العربي”، أن “الوسواس القهري هو اضطراب نفسي غالبًا ما يظهر مع أعراض أخرى، ولذلك يحدث اللغط حول التشخيص. ويتمثل بقلق كبير من أمور قد تبدو للآخرين بسيطة وتفصيلية لكنها تكون مضخمة جدًا للشخص المصاب“.
ويتمثل هذا الاضطراب بعادات يكتسبها الفرد للتعبير عن قلقه، وغالبًا ما تكون بنية الشخص المصاب بالوسواس قاسية لذا فليس من السهولة أن تعبر عن ذاتها، بحسب نهرا.
ويصبح الوسواس قهريًا عندما تسيطر العادات على الإنسان، فهو يفعلها رغمًا عنه، مع علمه بأن ما يفعله يجسد اضطرابًا، وإدراكه أنّه مصاب به، لكنه لا يستطيع السيطرة عليه بوعيه.
كيف يظهر الوسواس القهري؟
قد يتمثل الوسواس القهري بسلوكيات معينة لدى الشخص الذي يعاني منه ومنها النظافة المفرطة، حيث يعمد من يعاني من هذا الاضطراب إلى غسل اليدين بشكل مفرط أو بطريقة معينة، أو إلى الإفراط في الاستحمام أو غسل الأسنان بالفرشاة أو الحلاقة أو استخدام المرحاض أو تنظيف الأدوات المنزلية أو الأشياء الأخرى بشكل مفرط.
كما يتمثل بفعل التحقق حيث يتحقق الفرد مرارًا أنه أغلق باب المنزل، أو أنّه لم يؤذِ الآخرين، أو أنه لم يرتكب الأخطاء.
ويعمد البعض إلى تكرار بعض الأفعال ومنها تكرار الأنشطة الروتينية مثل الدخول من المكان والخروج منه وتكرار حركات الجسم مثل النقر واللمس.
كما يمكن أن يتجسد الوسواس بالمراجعة العقلية للأحداث أو منع العواقب والدعاء لمنع الأذى.
فقدان السيطرة
ويشخص الفرد على أنه مصاب بالوسواس القهري إذا تكررت مثل هذه السلوكيات القهرية الفاضحة، من دون أن يستطيع السيطرة عليها، على مدار ستة أشهر، بحسب نهرا، التي تؤكد أن سبب الاضطراب هو داخلي ويبرر بأسباب خارجية. وتشرح أن البنية الحالية للفرد الراشد أساسها الطفولة.
وتنفي نهرا تحول كل قلق إلى وسواس قهري، حيث إن العوامل البيولوجية والبيئة المحيطة للفرد تحدد الاضطراب الذي يعاني منه الفرد وأسبابه.
ويصيب هذا المرض 2 إلى 3% من سكان العالم وقد يبدأ منذ الطفولة أو المراهقة أو مع بداية سن الرشد.
العلاجات المتاحة
وحول العلاجات المتاحة، توضح نهرا أن التحليل النفسي هو أساسي حيث يعيد المريض لجذور المشكلة التي سببت له القلق، لكنه علاج طويل الأمد. وفي حال معاناة المريض من سلوكيات تعيق الحياة العادية واليومية، يمكن اللجوء للأدوية باستشارة طبيب أعصاب متخصص. وقد يصف جرعات من هرمون السيراتونين.
ويمكن أيضًا اعتماد العلاج المعرفي السلوكي حيث يتفاعل المريض مع سلوكياته اليومية ويربطها بتصرفات معينة.
لكن الوقاية عبر الحفاظ عى التوازن والصحة النفسية تبقى الأهم لأن خطة العلاج للتعايش مع الوسواس القهري قد تستغرق 3 سنوات، بحسب نهرا، التي تشير إلى أن بنية الفرد ستظل قلقة لكنه سيتعلم كيف يتعايش مع القلق.