.tie-icon-fire { display:none; }
أخبار لبنان

باسيل ربح على ميقاتي بأمين سلام

نظرياً، انضمّ وزير الاقتصاد أمين سلام إلى فريق المُقاطعين لجلسة مجلس الوزراء فطار نصاب “جلسة الضرورة” بعدما انخفض عدّاد المشاركين إلى 15، فيما نصاب الثلثين يقتضي حضور 16 وزيراً، بحسب “أساس” ميديا.

حتى ساعات مساء أمس كانت الاتصالات لا تزال قائمة لثني الوزراء المحسوبين على النائب جبران باسيل والرئيس السابق ميشال عون عن قرار المقاطعة خصوصاً أنّ عدداً منهم كان في مجالسه الخاصة يردّد مقولة “باسيل عم بضحّي فينا”، معتبرين أنّ “بعض المسائل لا تحتمل التأجيل لأن صحّة الناس ومصيرهم بالدقّ، وهناك أمور لا يمكن انتظار انتخابات رئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة لإقرارها”!!

لكن المفاجأة أتت من وزير الاقتصاد الذي كسر مع وزير شؤون النازحين عصام شرف الدين الطابع الطائفي للمقاطعة، داعياً إلى “سحب الدعوة”، ومتحدّثاً عن “عدم جدّية ووضوح لهذا الاجتماع بسبب التعديل المتكرّر الذي طرأ عليه وتطيير بنود وعدم إطلاعي عليه إلا قبل 24 ساعة، ولأن البنود المطروحة يمكن إنجازها ضمن صلاحيات الوزارات وحكومة تصريف الأعمال”. كما تردّد أنّ بعض الوزراء ممّن ورد اسمهم في بيان المقاطعة اطّلعوا على البيان في وسائل الإعلام، مع العلم أنّ الوزيرين وليد نصّار وعبدالله بو حبيب مثلاً لم يكونا متحمّسين لقرار المقاطعة!

السراي: الجلسة قائمة في موعدها

مع ذلك، بقيت أوساط رئيس الحكومة حتى منتصف ليل أمس تتحدّث “عن عدم تأجيل جلسة السراي اليوم والإصرار على موعدها  والنصاب مؤمّن، وإذا لم تعقد فليتحمّل المقاطعون مسؤولياتهم، خصوصاً أنّ بيان الوزراء التسعة خالف مناخات الكواليس عشية الجلسة”.  كما أكدت الأوساط أنّ “كامل البنود المدرجة على جدول الأعمال لا يمكن إقرارها خارج قاعة مجلس الوزراء”.

هكذا لم تنفع عملية “تشحيل” جدول أعمال الجلسة في ثني المقاطعين عن قرارهم الذي تولّى النائب جبران باسيل إنتاجه وإخراجه حيث بدا البيان الصادر عن الوزراء التسعة وكأنّه مكتوب في ميرنا الشالوحي حيث مقرّ التيار الوطني الحر.

في الشكل “زُمّ” جدول الأعمال من 813 بنداً رفعتهم الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلى 65 بنداً (جدول الأعمال الصادر في 2 الجاري) ثم إلى 25 بنداً (جدول الأعمال المعدّل الصادر في 3 الجاري).

أمّا في المضمون فجرت محاولات لتعبيد الطريق سياسياً لإكمال نصاب الثلثين لجلسة لم يكن مُمكِناً أصلاً الدعوة إليها، وفق مصدر مطّلع، من دون تنسيق مسبق رباعي بين ميقاتي والثنائي الشيعي ووليد جنبلاط كان سيترجم بمشاركة مؤكّدة من وزيريّ حزب الله علي حمية ومصطفى بيرم.

عون: ميقاتي يهدّد الاستقرار

وعشيّة الجلسة ردّ المكتب الإعلامي للرئيس السابق ميشال عون، في أول موقف رسمي منذ نهاية ولايته الرئاسية، متّهماً ميقاتي بـ “محاولة الاستئثار بالسلطة وفرض إرادته على اللبنانيين خلافاً لأحكام الدستور والأعراف والميثاقية”، معتبراً أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال “كشف مرة جديدة الأسباب الحقيقية التي جعلته يمتنع طوال خمسة أشهر عن تأليف الحكومة”.

وفي موقف عالي اللهجة رأى عون أنّ التذرّع بتلبية الحاجات الضرورية “لا يبرّر له خطوته التي تدخل البلاد في سابقة لا مثيل لها في الحياة الوطنية اللبنانية، مع ما تحمله من تداعيات على الإستقرار السياسي”.

كما حذّر “ممّا يُمكن أن يترتّب على هذه المخالفة الدستورية والميثاقية”، داعياً الوزراء إلى “اتّخاذ موقف موحّد يمنع الخروج عن نصوص الدستور”.

أمّا البطريرك بشاره الراعي فدعا ميقاتي إلى “تصويب الأمور”، معتبراً أنّ “حكومة تصريف الاعمال هي حكومة تصريف أعمال الناس لا حكومة جدول أعمال الأحزاب والكتل السياسية”. لاحقاً، حاول ميقاتي تصويب الأمور، وإن من خلال ردّه على “الإعلام العوني”، مؤكداً أنّه “يأخذ في الاعتبار هواجس البطريرك ومواقفه”!

على خلفية موقف حزب الله من الوقوف في الصفوف الخلفية وترك فريق “الوزراء التسعة” يتولّى مهمّة تطيير النصاب سلّم كثيرون بأنّ مرحلة ميشال عون، بكل ما رافقها من فائض قوة مرتبط بحيثية عون نفسه وغطاء حزب الله “الحديدي”، قد طُويت نهائياً إذا ما أخِذَ بالاعتبار المغزى السياسي لواقع “بدء حكومة ميقاتي المصرّفة للأعمال والمستقيلة تصريف أعمال  رئاسة الجمهورية”. ثمّة من كان يريد أن يقول لباسيل: “هذا حجمك وقوة تأثيرك”، فيما علامات الاستفهام الكبرى تدور حول مسار حزب الله في المرحلة المقبلة وعلى رأس الإشكاليات: رئاسة الجمهورية.

المقاطعون بالأسماء

في الوقائع، حصيلة المفاوضات قادت حتى ليل أمس إلى تثبيت موعد التئام مجلس وزراء “الشغور الرئاسي” بغية تحميل وزراء التيار مسؤولية شلّ البلد وتعطيل مسار حلّ الملفات الطارئة، فيما أعلن الوزراء الذين يدورون في فلك التيار الوطني الحر والرئيس السابق ميشال عون مقاطعتهم للجلسة وهمّ وزراء: الاقتصاد أمين سلام، الدفاع موريس سليم، الطاقة وليد فياض، الشؤون الاجتماعية هيكتور الحجار، شؤون النازحين شرف الدين، العدل هنري خوري، الصناعة جورج بوشكيان، السياحة وليد نصّار والخارجية عبدالله بو حبيب.

خطوة سلام التي حسمت “تطيير” النصاب جاءت بمثابة الرّد على ميقاتي الذي “استقتل” خلال مفاوضات تشكيل الحكومة على إخراج أمين سلام من الحكومة واستبداله بوزير من عكار، مقابل إصرار عون – باسيل على استمراره في وزارته.

طارت الموافقات الاستثنائيّة

في السياق نفسه، تؤكّد المعطيات أنّ جدول أعمال الـ 318 بنداً الذي رفعه بدايةً الأمين العامّ لمجلس الوزراء القاضي محمود مكّية تضمّن أكثر من 250 بنداً مرتبطاً بموافقات استثنائية أصدرها عون وميقاتي طوال فترة تصريف الأعمال وتحتاج لاحقاً إلى إقرارها “على سبيل التسوية”في أوّل جلسة لمجلس الوزراء.

لكنّ هذه البنود حُذفت لاحقاً بعدما “طلعت الصرخة” ورساجدول الأعمال على 25 بنداً. وتؤكّد أوساط السراي أنّها “ستُبَتّ جميعها في جلسة اليوم، مع العلم أنّ الموافقات الاستثنائية لو أُقرّت كانت ستبرّىء ذمّة رئيس الجمهورية من المراسيم التي صدرت من دون مجلس وزراء”.

من سيوقّع نيابة عن رئيس الجمهوريّة؟

عمليّاً، لسنا أمام حالة شبيهة بمرحلة رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام (2014-2016) حين تولّت حكومته، الكاملة الصلاحيّات، صلاحيّات رئيس الجمهورية، استناداً إلى المادّة 62 من الدستور، فتحوّل كلّ وزير فيها إلى “شقفة” من رئيس جمهورية، فاقتضى الأمر صدور المراسيم في معظم الحالات بـ 24 توقيعاً.

هذا الترتيب السياسي لا مكان له اليوم في ظلّ حكومة هي أصلاً “بحكم المستقيلة وتصرِّف الأعمال”. فمَن سيوقّع نيابة عن رئيس الجمهورية في سابقة لا مثيل لها في تاريخ لبنان بوجود حكومة تصرِّف الأعمال وتسلّمت صلاحيّات رئيس الجمهورية وتلتئم في ظلّ شغور رئاسي؟

وفق المعلومات تمّ الاتفاق في الكواليس بين القوى السياسية الأساسية على الصيغة الآتية المرفوضة كليّاً من باسيل: يتّخذ مجلس الوزراء قرارات بالموافقة على إصدار المراسيم نيابة عن رئيس الجمهورية. وحين يصدر المرسوم يوقّعه الوزراء المختصّون ورئيس الحكومة يوقّع مرّتين على المرسوم: مرّة بصفته رئيساً لمجلس الوزراء، ومرّة بصفته ممثّلاً عن مجلس الوزراء الذي أخذ قراراً بالإصدار بالوكالة عن رئيس الجمهورية.

هل يوقّع المقاطعون؟

رُصِد اختلاف في صياغة وعرض البنود بين جدولَيْ أعمال يومَيْ الجمعة والسبت بعد تطيير 40 بنداً “والاقتصار على المواضيع الطارئة والضرورية”، كما جاء في كتاب الأمانة العامّة لمجلس الوزراء. فبعد النقاش في كيفية بتّ بنود ترتبط بعمل وزراء “مقاطعين” للجلسة اعتُمدت صيغة التعميم في جدول الأعمال الأخير من دون إدراج البنود تحت عناوين فرعية مرتبطة بأسماء الوزارات حرفيّاً. فمثلاً في ما يتّصل ببنود متعلّقة بوزارة الدفاع كالبند 24 (أُضيف إلى جدول الأعمال الأخير) الذي يعرض موضوع احتساب الزيادة بالنسبة للعسكريين في الخدمة الفعلية والمتقاعدين المنصوص عنها في الموازنة على أساس الراتب الأساسي ومتمّماته، تتساءل أوساط رئاسة الحكومة: “إذا لم يكن من مرسوم فعليّ فماذا سيوقّع وزير الدفاع الذي يقاطع الجلسة؟”.

توضح الأوساط: “هناك قرارات عاديّة وأخرى مراسيم تُتّخذ في مجلس الوزراء. في الحالة الثانية يوافق مجلس الوزراء على مشروع المرسوم، ثمّ يوقّعه الوزير المعنيّورئيس الحكومة مع إضافة “بعد موافقة مجلس الوزراء””.

تضيف الأوساط: “في ما يتعلّق ببند آخر هو طلب توفيرمستلزمات وحاجات الجيش لعام 2023 بموجب اتفاقات رضائية فإنّ قانونَيْ المحاسبة العمومية والشراء العامّيفيدان بأنّ كلّ ما له طابع سرّيّ يمكن القيام به بالتراضي، لكن بعد موافقة مجلس الوزراء. إذاً لا يحتاج الأمر إلى مرسوم بل قرار فقط، ويوقّع الأمين العام المحضر ويبلّغه إلى مصلحة المتابعة في رئاسة الحكومة ويصبح نافذاً”.

بند هيكتور

مثالٌ آخر عن وزيرٍ مقاطع هو هيكتور حجار. فالبند الأخير من جدول الأعمال نصّ على “إصدار مرسوم نقل اعتماد من احتياطي الموازنة إلى موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية”، الذي كان طالب الحجار سابقاً بعرضه على مجلس الوزراء. في هذه الحال تقول الأوساط: “هذا مرسوم عاديّ يوقّعه الوزير المعنيّ، وإذا كان هناك اعتماد ماليّيوقّعه وزير المال، ورئيس الحكومة يوقّع مرّتين عليه، مرّة بصفته رئيس الحكومة ومرّة وكالةً عن رئيس الجمهورية بعد اتّخاذ مجلس الوزراء القرار بالموافقة. وإذا لم يوقّع الوزير المعنيّ عليه فليتحمّل المسؤولية”.

المصدر المركزية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى