ليفربول… إلى أين في الموسم الجديد؟

كان كل شيء يسير على ما يرام في ليفربول، حيث كان المدير الفني الألماني يورغن كلوب يرغب في إعادة بناء خط الوسط في أقرب وقت ممكن، وبالفعل تعاقد مع الثنائي الرائع أليكسيس ماك أليستر ودومينيك سزوبوسزلاي مقابل 95 مليون جنيه إسترليني. ثم حدث اضطراب غير متوقع بسبب رغبة الأندية السعودية في التعاقد مع جوردان هندرسون وفابينيو اللذين كانا ركيزتين أساسيتين في صفوف الفريق خلال السنوات الأخيرة. ورحل اللاعبان بالفعل، بعد رحيل لاعبي خط الوسط جيمس ميلنر، ونابي كيتا، وأليكس أوكسليد تشامبرلين. صحيح أن كلوب قد تأخر في إعادة بناء خط الوسط، لكن تغيير خط الوسط بشكل كامل والبدء من الصفر لم يكن هو ما يدور في ذهن المدير الفني الألماني.
ومع ذلك، هناك سبب حقيقي يدعو للتفاؤل في ليفربول، فهناك إصرار شديد على إثبات أن خيبة الأمل التي واجهها الفريق الموسم الماضي كانت شيئا طارئا يحدث لمرة واحدة، وليست بداية لتراجع خطير، وخير دليل على ذلك أن الفريق لم يتعرض لأي خسارة في آخر 11 مباراة الموسم الماضي. ولا يزال الفريق يمتلك كثيرا من الخيارات الهجومية الرائعة، التي ستصبح أفضل بالطبع بعد استعادة ديوغو جوتا ولويس دياز لكامل لياقتهما البدنية والذهنية. وعلاوة على ذلك، ظهر داروين نونيز، الذي تعاقد معه ليفربول بمقابل مادي كبير الصيف الماضي، بشكل قوي خلال فترة الاستعداد للموسم الجديد، حيث يسعى جاهداً لتقديم مستويات أفضل من تلك التي قدمها في أول موسم له في ملعب «آنفيلد».
ولم يظهر خط الوسط بشكل جديد فحسب، لكنه كان يلعب أيضا بطريقة مختلفة تحت قيادة كلوب، حيث كان واضحا أن ماك أليستر وسزوبوسزلاي يتقدمان بشكل أكبر للأمام من أجل تقديم الدعم اللازم لخط الهجوم. وسيرحب ليفربول بهدوء ماك أليستر في التنقل بين الخطوط وبراعته في الضغط، بينما سجل سزوبوسزلاي الأهداف نفسها التي سجلها كل لاعبي وسط ليفربول في الموسم الماضي خلال وجوده مع رازن بال شبورت لايبزيغ. لكن ليفربول تراجع بعد ذلك ولم يتسق عدد الوافدين مع الراحلين عن صفوفه، خاصة أن الصاعد فابيو كارفاليو خرج للإعارة أيضا.
والآن، هناك حاجة ماسة إلى التعاقد مع بديل لفابينيو، وروميو لافيا لاعب ساوثهامبتون هو المرشح الأبرز، وعلى الرغم من أنه لاعب صغير في السن فإنه يمتلك قدرات فنية كبيرة، وهناك حاجة أيضا للتعاقد مع قلب دفاع. من المؤكد أن النادي يشعر بخيبة أمل كبيرة بعد الفشل في التأهل لدوري أبطال أوروبا، لكن إغراء الوصول إلى نهائي الدوري الأوروبي في دبلن في مايو (أيار) المقبل قد يكون تعويضا جيدا عن ذلك. وسيحتاج كلوب إلى كل الدعم المتاح، ليس فقط في صراع المربع الذهبي في إنجلترا وإنما في مشوار الدوري الأوروبي. وستكون الأولوية للعودة لدوري الأبطال، بما يعني دخول المربع الذهبي أو الفوز بلقب الدوري الأوروبي، وهو الحد الأدنى المتوقع من ليفربول.
واستغنت أندية الدوري الممتاز عن 14 مدربا في الموسم الماضي، لكن كلوب، الأكثر صمودا في المسابقة حاليا، لم يكن مهددا أبدا بفقدان وظيفته. ويستمتع كلوب بالدعم في ليفربول ولا يمس من الجماهير التي وجهت أصابع الاتهام إلى الإدارة لضعف نشاطها في سوق الانتقالات. وأصبح كلوب أكثر المديرين الفنيين الحاليين بقاء في منصبه في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما أصبح جدا لأول مرة هذا الصيف، لكن العمر لم يضعفه أو يقلل من طموحه على الإطلاق. وقال المدير الفني البالغ من العمر 56 عاما في نهاية الموسم الماضي: «لعبنا موسما سيئا وجئنا في المركز الخامس. تخيل ما الذي كان سيحدث لو قدمنا مستوياتنا المعتادة، وهو ما سنفعله بالتأكيد الموسم المقبل. سنكون منافسا قويا على اللقب مرة أخرى».
تم إيقاف كلوب مرتين الموسم الماضي بسبب عصبيته الشديدة بجوار خط التماس، ومن المقرر إيقافه لمباراة أخرى في موسم 2023 – 2024 إذا انتهك القواعد مرة أخرى. لقد ساعد قراره بتغيير طريقة لعب ترينت ألكسندر أرنولد، بحيث يدخل إلى عمق الملعب، في تعافي ليفربول خلال الموسم الماضي، وكان هذا القرار بمثابة مثال آخر على أن هذه المدير الفني يمتلك قدرا كبيرا من الابتكار والإبداع.
احتل الثنائي الأميركي الجنوبي دياز ونونيز المرتبة الثانية والثالثة على التوالي في قائمة أكثر قمصان ليفربول مبيعا الموسم الماضي، في حين جاء ألكسندر أرنولد في المركز الرابع، لكن لا يزال محمد صلاح يحتل المرتبة الأولى بلا منازع، وهو الأمر الذي يعكس أهمية اللاعب المصري في خط هجوم ليفربول. تراجع مستوى الفريق الموسم الماضي، ومر خط الهجوم بمرحلة انتقالية، لكن اللاعب المصري الدولي واصل تألقه وسجل 30 هدفاً في جميع المسابقات. وكانت هذه هي المرة الرابعة في ستة مواسم التي يصل فيها صلاح إلى 30 هدفاً، ويتساوى الآن مع ستيفن جيرارد في المركز الخامس في قائمة أكثر اللاعبين تسجيلا للأهداف في تاريخ ليفربول برصيد 186 هدفاً. وبناء على المستويات التي قدمها صلاح خلال السنوات الست الماضية، فمن المرجح للغاية أن يتجاوز رقم جيرارد في الجولة الافتتاحية للموسم الجديد.
لقد مر ما يزيد قليلاً على ست سنوات منذ أن دفع ليفربول ثمانية ملايين جنيه إسترليني لهال سيتي مقابل التعاقد مع النجم الأسكوتلندي الدولي آندي روبرتسون، الذي يعد واحدا من أفضل ظهراء الجنب على الإطلاق في الوقت الحالي، فضلا عن أن سلوكه وطريقة لعبه وإمكانياته تناسب تماما اللعب في ليفربول. نجح روبرتسون الموسم الماضي في كسر الرقم القياسي المسجل باسم لايتون بينز كأكثر المدافعين صناعة للأهداف في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، وفعل ذلك رغم أنه لعب 189 مباراة أقل من الظهير الأيسر السابق لإيفرتون. حصل روبرتسون أيضاً على وسام الإمبراطورية البريطانية هذا الصيف لخدماته في كرة القدم والجمعيات الخيرية ومساعدة الشباب. وأصبح روبرتسون، الذي يمتلك سرعة فائقة ووعيا تكتيكيا كبيرا، أكثر أهمية بالنسبة لليفربول، بعد تغيير مركز ألكسندر أرنولد، الذي أصبح يدخل إلى عمق الملعب بشكل أكبر. كما أظهر كودي جاكبو مؤشرات مشجعة في نصف موسم منذ انضمامه في يناير (كانون الثاني).
أكد يورغن كلوب أن باب ليفربول مفتوح أمام الجناح بن دوك، البالغ من العمر 17 عاماً، الذي يتميز بالقوة والسرعة ويمتلك قدرات فنية هائلة تساعده على التألق. لقد قدم دوك مستويات مثيرة للإعجاب فور وصوله في 2022 قادما من سلتيك، حيث كان ثاني أصغر لاعب يشارك مع الفريق الأول للنادي الأسكوتلندي عبر تاريخه. سجل دوك 10 أهداف وصنع العدد نفسه من الأهداف تقريباً مع فريق الشباب الموسم الماضي، وشارك للمرة الأولى مع الفريق الأول لليفربول ضد ديربي كاونتي في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة وهو في السادسة عشرة من عمره. لفت الجناح الشاب الأنظار أيضاً في فترة الاستعداد للموسم الجديد، وقد يحصل على مزيد من الفرص في مباريات الفريق في الدوري الأوروبي الموسم المقبل.