حسابات إسرائيلية قد تحدد توقيت “الضربة” لإيران
مع تراكم “الغيوم” فوق مستقبل الاتفاق النووي مع إيران، هددت إسرائيل مرارا بأنها “ستتصرف” حتى ولو كان التصرف “لوحدها” لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي.
وبشكل كبير، يمكن فهم المخاوف الإسرائيلية من امتلاك خصمها الإقليمي سلاحا نوويا، يمكن للصواريخ الإيرانية بعيدة المدى تفجيره في البلاد، أو على الأقل استخدامه لتحقيق مكاسب تفاوضية هائلة، أو فرض ضغوط كبيرة.
ويقول نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، تشاك فريليتش، إن الأمر هو ليس ما إذا كانت إسرائيل ستشن هجمة على إيران، لكن السؤال هو “متى؟”
وفي حلقة بودكاست لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، قال فريليتش إن “هذا سيكون “الخيار الأخير” أمام تل أبيب.
توقيت الضربة
وقال فريليتش للصحيفة، ردا على سؤال بشأن “النقطة التي ستقرر إسرائيل عندها إنها ستضرب إيران”، بالقول إن “فشل المفاوضات بشأن الاتفاق النووي قد لا يكون وحده كافيا لشن ضربة”، مضيفا “أعتقد أننا سنحتاج إلى معلومات استخبارية واضحة بشأن تطور كبير في البرنامج النووي الإيراني باتجاه صناعة القنبلة”.
ولا يعني هذا بالضرورة وصول إيران إلى مراحل متقدمة بتخصيب اليورانيوم، كافية لصناعة قنبلة لأن طهران، بحسب فريليتش “على مسافة أسابيع قليلة فقط من الوصول إلى مستوى تخصيب كافي لصناعة القنبلة الإيرانية الأولى، وخلال أسابيع أخرى سيكون لديهم يورانيوم كافي لقنبلتين، وربما حتى منتصف السنة سيكون لديهم يورانيوم كاف لصناعة عدة قنابل”.
ويضيف فريليتش أن “اليورانيوم هو واحد من اثنين من العوامل التي تحتاج إليها طهران لصناعة القنبلة، والعامل الثاني هو تسليح اليورانيوم، أو القدرة على استخدام اليورانيوم المنضب لصناعة قنبلة”.
وبحسب فريليتش فإن طهران تحتاج لصناعة رأس حربي، وربطه بصاروخ مناسب، وجعل الرأس الحربي قادرا على تحمل ظروف الإطلاق والتحليق إلى هدفه، مضيفا “هم ليسوا في هذه المرحلة حتى الآن، وربما يحتاجون إلى عام أو عامين لتحقيق هذا”.
ويضيف فريليتش أن “إيران لم تقرر عبور الحاجز إلى صناعة القنبلة في السنوات الـ15 الأخيرة، رغم أنها كانت تمتلك الوقت لذلك، وهذا على الأكثر رغبة إيرانية بعدم الذهاب بعيدا، والمخاطرة بتلقي ضربة عسكرية أميركية أو إسرائيلية”.
ويؤكد أن “عبور هذا الحاجز (صناعة القنبلة) سيكون النقطة التي ستقرر فيها إسرائيل شن ضربة برأيي”.
قدرات إسرائيل
ويقول فريليتش إن “إيران تخاف من ضربة أميركية أكثر بكثير مما تخاف من ضربة إسرائيلية، لأن الولايات المتحدة هي البلد الوحيد في العالم القادر على تهديد النظام الإيراني وإسقاطه، وهذه أكبر مخاوف إيران”.
ويقول فريليتش إن إسرائيل، في حال شنت ضربة، فإنها ستتمكن فقط من تأخير صناعة قنبلة إيرانية، وليس تدمير البرنامج النووي بالكامل.
ويتوقع فريليتش 2-3 سنوات من التأخير، في تقدير قال إنه “متفائل” بسبب عبور الإيرانيين للعقبة العلمية والتكنولوجية النووية، مما يعني أنهم “يعرفون كيف سيعيدون بناء البرنامج”.
وبالمثل، يتوقع فريليتش تأثيرا مماثلا لضربة أميركية على البرنامج النووي “في حال لم تكن متبوعة بضربات أخرى”، أو “بتهديد للنظام ذاته”.
لكن الرد الأميركي، بحسب فريليتش، قد يكون خاضعا لحسابات سياسية داخلية أميركية، قال إنها “لا ترغب بشن ضربة أو التورط في صراع عسكري في هذا الوقت”.
مع هذا، يقول فريليتش في مقال نشرته الصحيفة إن “استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلية ركزت دائما على مزيج من الردع والانتصارات العسكرية المحدودة المصممة لشراء الوقت، على أمل أن تحل المشكلة نفسها بطريقة أو بأخرى في المستقبل”.
الرد الإيراني
وفي حالة شنت إسرائيل، أو حتى الولايات المتحدة، ضربة على البرنامج النووي الإيراني فإن فريليتش يتوقع أن “يكون الرد الإيراني موجها نحو تل أبيب بالشكل الأكبر”.
ويشير إلى ترسانة “مرعبة” من الصواريخ التي يمتلكها حزب الله، ووجود الحزب على جبهتين في لبنان وسوريا، بالإضافة إلى الترسانة الصاروخية، وأسراب الطائرات بدون طيار التي تمتلكها إيران.
كما يقول إن إيران قد تطلق صواريخ باليستية من العراق واليمن، وقد تستهدف حلفاء الولايات المتحدة في السعودية والإمارات كذلك، أو القوات الأميركية الموجودة في المنطقة.
ويقول إن ضربة إيرانية واسعة متوقعة قد تسبب دمارا كبيرا في إسرائيل، وقد تتسبب بإغلاق قطاعات كبيرة من الاقتصاد، مضيفا “ستضرب إسرائيل بطريقة لم نتعرض لها في التاريخ”.
وقد تنزلق الأمور، بحسب فريليتش، إلى “مواجهة عسكرية مباشرة” بين إسرائيل وإيران، أو إلى ضربات إسرائيلية على أهداف إيرانية أخرى “بشكل يدفع قدرات جيش الدفاع إلى أقصاها”.
ومع أن هذا السيناريو “سيء لتل أبيب وطهران” معا وفقا لفريليتش، لكنه “أفضل من أن تمتلك إيران سلاحا نوويا” من وجهة النظر الإسرائيلية.