.tie-icon-fire { display:none; }
ثقافة وفنون

ماجدة الرومي مكرمة في الذكرى الـ 145 لتأسيس جريدة الأهرام المصرية: بعد 4 آب سيادة لبنان وبلسمة جراح بيروت أضحت هاجسي الأول

كرمت أسرة جريدة “الأهرام” المصرية، لمناسبة مرور 145 عاما على تأسيسها، الفنانة ماجدة الرومي، وسلمتها نسخة من العدد الصادر في يوم ميلادها. وكانت كلمة للفنانة الرومي، استهلتها بالقول: “شرف لي كبير أن أقف اليوم على هذا المنبر المهيب في جريدة الاهرام العريقة، لاقتبل باعتزاز تشريفكم بتكريمي، أنتم، أركان أعرق جريدة عربية في شرقنا العربي، الاهرام التي أجلها وافتخر بأصالة بصمتها المصرية العربية، واحترم هيبتها ووقارها ورصانتها ومصداقية احترافيتها، ودعمها، مذ كانت، لكل فن جميل وكل فكر خلاق، وكل حق”.

أضافت: “الاهرام، التي ما فتئت منذ مئة وخمسة وأربعين عاما، تحمل الينا، كل صباح، الشمس والياسمين والقهوة واخبار العالم، وتواكبنا انى كنا، على دروب الحياة، حتى غدت جليسة الايام ورفيقة مشوار العمر”.

وتابعت: “علاقتي بالاهرام اقدم واغرب مما قد يتصور البعض. فجد أمي، المصرية، كان محررا في الاهرام قبل نحو مئة عام، اسمه يوسف حبيب، وكان يعيش يومذاك وأسرته، في مسقط رأسه شبرا. ومن غرائب الصدف أن موسسي الاهرام، سليم وبشارة تقلا، ولدا في البلدة التي انا منها: كفرشيما المطلة على المتوسط، المتكئة على كتف جبل لبنان الاشم، كاميرة الحكايات الجميلة. هكذا عرفت بلدتنا كفرشيما يوم كان لبنان الحبيب وطن السلام والنور والعز والبركة والخير، ومنارة ساطعة للثقافة والفنون الجميلة. نعم، هكذا عرفت لبنان، رغيد العيش، قبل ان يصيبنا ما لم نحسب له حسابا ولا خطر على بال ابشع الكوابيس. الحرب”.

وقالت: “حرب العام 75 الرهيبة المشبوهة المستوردة على محليتها، المثقلة بأهوالها وأشباح ظلامها، التي أتتنا من حيث لا ندري في ليلة ليلاء، فافترستنا الواحد تلو الاخر وكرت السبحة، وراحت – عاما بعد اخر – تسرق منا مفاتيح سيادة لبنان واستقلاله، في ظروف، وحده الله يعلم ما كان مدى خطورتها وقساوتها. لكننا، وعلى الرغم من عنف كل من خان وتقاتل بنا، وبطوائفنا من داخل لبنان وخارجه، وفي ظل سطوة صناع الحروب، وبشجاعة لا أعرف كيف أصفها لكم، ولا أعرف من أين أتتنا، أكملنا الطريق وسط حقول ألغامهم وأزهرنا، في كل مكان أزهرنا، بين متراسين، وبين دمعتين، وبين مدفعين، وبين ملجأين ازهرنا، وتفوقنا وتمايزنا، في كل ارض وفي كل مجال. وواجهناهم، بروح الأرض التي بقيت حية نابضة فينا، بالثقافة والفنون الجميلة واجهناهم، وما الثقافة والفنون الجميلة سوى روح الشعوب الناطقة باسم بلدانها. وقاتلناهم بالحب، بالصلاة، بالصمود بالإيمان المطلق بالله وبلبنان، وبدعم مصر والاخوة العرب جميعا وبعض الدول الغربية لنا، مشكورين، محاطين بكل الإجلال والتقدير. نعم قاتلناهم بكل ممكن. لكن شرهم كان لنا بالمرصاد فأفقرونا في ليلة واحدة. وجوعوا شعبنا وهجروا شبابنا لافراغ الارض”.

وتابعت: أتساءل أحيانا: لصالح من هم يفرغون الارض كلها؟ ثم جاء دور بيروت، فهشموا وشوهوا وجهها الجميل، لا لسبب إلا لأنها عاصمة الحياة، فهوى مرفأها العريق، وهوت معه كل قلوبنا في يوم اسود، قد يستحيل على اي لبناني ان يشفى من هول احداثه. هذا الانفجار الرهيب الذي لا نعرف ولن نعرف إن كان أتانا من الجو أم من تحت الماء لشدة ارتجاج الارض تحتنا، أم من بر الالغاز. روعنا، صدمنا، قتلنا. فكيف ستمحى بعد من ذاكرتنا هذه المأساة وكيف سنتمكن بعد من تخطيها. لا اعرف. لكنني اعرف انني بعد الرابع من اب لم اعد أنا. سيادة لبنان ولملمة دموع شعبه وبلسمة جراح بيروت المنكوبة، أضحت كلها هاجسي الأول الآن. عدا ذلك لم أعد معنية لا بالأخبار ولا بالخطب ولا بالسياسة، وما عدت أنتظر من أحد أي عدالة، لأني لم أعد أؤمن الا بعدالة السماء، وكلي انتظار”.

وقالت: “يا سامعي الصوت. يا اركان الاعلام الناطق باسم الهوية العربية والكرامة العربية، أنتم تابعتم وتتابعون ما يحدث في لبنان المنكوب، وتتابعون بالتأكيد كيف تذبح دولنا الواحدة تلو الأخرى وتتقطع أوصالها، لا لسبب إلا لاننا ضمن امتداد أرض عربية واحدة تقاس بمقياس مصالح سياسات هذا الكون. لذا لن انتظر ذبح باقي الارض العربية – لا سمح الله- الأرض التى أحبها وأنتمي إليها حتى اقول كلمتي، بل سأقولها الان في حضوركم وأمام الله وضميري، وبالذات من أرض مصر الابية البهية التي لطالما دعمتنا ووقفت الى جانبنا، مصر حاضنة شعوب الدنيا والمواهب الفنية والاقلام المبدعة المصرية والعربية كلها، وقضايا الحق كلها، بحب آه كم يذهل وكم يشفي. كيف لا وهي أم الدنيا التي ما استقبلتنا يوما إلا بالأحضان وما دخلناها يوما إلا آمنين”.

وتوجهت إلى الحضور: “هاكم كلمتي فاستحلفتكم بالله اسمعوها: صرختي هذه اليوم، هي صرخة لبنان المنكوب وأنينه. هي استغاثة كل لبناني شهيد حي لا صوت له سوانا. يسألكم أنتم، الإعلام الحر، بقدر ما يسأل جامعة الدول العربية والمسؤولين العرب جميعا، ويسألني بقدر ما يسأل أيضا كل لبناني، وكل من موقعه باسم الله وباسم الإنسان، أن نكون له صوتا صارخا فاعلا مدافعا عن حقوقه المسروقة وبلده المنكوب. بالتأكيد لن نتمكن من إعادة البسمة إليه اليوم ولكن، يكفي أن نسانده الآن كي نعيد إليه الثقة بالحياة ونمسح عن وجهه دمعة، آه كم تحرق وكم تقسو. إسألوني. من منبركم الكريم، أعلن تأييدي له حتى الموت، فإن عشت فإنما له ومعه أعيش، وإذا مت فمعه في الخندق ذاته أموت. نموت حبا. نموت وقوفا. نموت ولبناننا نحن تاج على رؤوسنا، أشرف وأطهر وأنبل من أن يطال أو يمس. ونبقى الى الابد، أبناء العزة والكرامة، أبناء النور والسلام والأمل والهامة المرفوعة، حراس لبنان السيادة والاستقلال والحرية، رغما عنهم، شاءوا أم أبوا. هذه هي كلمتي أمامكم ايها الكرام، فليحتفظ بها التاريخ عن لساني، وليعتبر منها من يريد أن يعتبر، ويعي أبعادها الخطرة من يريد، فيتصرف اليوم اليوم، وليس غدا، وفق ضميره ووفق مسؤوليته التاريخية تجاهنا جميعا، نحن الأرض العربية الواحدة”.

وختمت: “تفضلوا بقبول بالغ تأثري وجزيل شكري وامتناني على تكريمكم الغالي لي، وليدم لنا اعلامكم الحر ومنبركم العريق، ولتعش جريدة الاهرام سنين بعد عديدة لا حد ولا حصر لها، بعدد رمل البحر قراؤها، وعدد نجوم الفلك اقلامها المدافعة عن الحق والخير والحياة والسلام”.
يذكر أن الفنانة الرومي ستحيي مساء غد الجمعة حفلة في قصر القبة التاريخي والأثري، الذي يستضيف حدثا فنيا للمرة الاولى بعد ترميمه وتجديده. وستغني ماجدة لأم كلثوم، اضافة الى باقة من ألبومها الخاص. وستكون اوركسترا الاتحاد الفيلهارموني بقيادة المايسترو نادر عباسي من دار الاوبرا المصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى