“القاتل الصامت”.. هل يصيب الأطفال أيضًا؟
هناك العديد من الأمراض المزمنة التي تنتشر بين البالغين، يندر حدوثها في سنّ مبكرة بين الأطفال. فتجد مثلًا ان الانسان يصبح أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم كلما تقدّم في السن. لكن، هل يعني ذلك أن الأطفال لا يصابون بتاتًا بهذه الأمراض، لا سيما بعد تغيّر نمط الحياة الخاص بهم حيث باتوا يمضون وقتًا أطول أمام شاشات الهواتف وعلى وسائل التواصل الاجتماعي؟
وأمضت الأجيال السابقة من الأطفال وقتا أطول بكثير في اللعب في الشوارع أو المتنزهات مع أصدقائهم، قبل وقت طويل من ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي غيرت الأولويات وفرضت نمط حياة مستقر.
في هذا الاطار، يشير الباحثون الى أن الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن يقضون الكثير من الوقت وهم مستلقون على الأريكة، مقارنة بالوقت الذي يقضونه في اللعب بالحديقة.
ولفتوا إلى أن الآباء هم المسؤولون، لأن السمنة غالبا ما تكون متوارثة في العائلات. وأوضح المؤلف الأول البروفيسور “جيوفاني دي سيمون”، من جامعة نابولي فيديريكو الثانية في إيطاليا: “الآباء عاملون مهمون للتغيير في تعزيز السلوكيات الصحية للأطفال. في كثير من الأحيان، يتعايش ارتفاع ضغط الدم و / أو السمنة في نفس العائلة. ولكن حتى عندما لا يكون الأمر كذلك، فمن المستحسن أن تشمل تعديلات نمط الحياة جميع أفراد الأسرة “.
ويتسبب الخمول، وتناول الكثير من الأطعمة السكرية والمالحة والوزن الزائد في تسع حالات من ارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين.
واستندت النتائج التي توصل إليها الفريق الدولي من الباحثين إلى بيانات أطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و 16 عاما يعانون من ارتفاع ضغط الدم في جميع أنحاء أوروبا.
وينصح الأطباء بأن يمارس الصغار ما لا يقل عن ساعة واحدة من التمارين المعتدلة إلى الشديدة كل يوم مثل الركض أو ركوب الدراجات أو السباحة، وألا يقضوا أكثر من ساعتين في اليوم في النمط المستقر.
وأوضح البروفيسور دي سيمون: “يجب على الآباء مراقبة مقدار الوقت الذي يقضيه أطفالهم في مشاهدة التلفزيون أو استخدام الهواتف الذكية واقتراح بدائل نشطة”.
ويجب وضع أهداف واقعية للوزن والنظام الغذائي والنشاط البدني التي تركز على الجوانب التي تحتاج إلى أقصى قدر من التحسين.
في السياق عينه، تابع البروفيسور دي سيمون: “تسجيل الوزن وعادات الأكل وممارسة الرياضة بمرور الوقت، ولكن دون أن يصبحوا مهووسين – يمكن أن يساعد الأطفال وعائلاتهم على تتبع التقدم نحو أهدافهم”.
ويقترح البروفيسور دي سيمون وزملاؤه في مجلة The European Heart Journal “نظام مكافآت معزز للصحة”، موضحين: “الحوافز المثالية هي تلك التي تزيد الدعم الاجتماعي وتعزز قيمة السلوكيات المستهدفة، مثل ركوب الدراجة مع العائلة أو المشي مع الأصدقاء”.
وتشير الدراسة إلى السمنة وارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال أصبحت تدريجيا تشكل خطرا صحيا، حيث يمكن أن تزيد من إمكانية الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية في وقت لاحق من الحياة، ما يؤدي إلى قطع إمدادات الدم عن الأعضاء الرئيسية.
هذا وأظهرت الدراسات أن ارتفاع ضغط الدم في مرحلة الطفولة أصبح أكثر شيوعا وأن هذا الجزء من الزيادة يمكن تفسيره بالسمنة، وخاصة السمنة في منطقة البطن. وتشير التقديرات إلى أن أقل من 2% من الأطفال ذوي الوزن الطبيعي يعانون من ارتفاع ضغط الدم، مقارنة بـ 5% من الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن و15% من الأطفال الذين يعانون من السمنة المفرطة.
وكشف البروفيسور دي سيمون أن “ارتفاع ضغط الدم في مرحلة الطفولة يشكل مصدر قلق كبير لأنه يرتبط باستمرار ارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب والأوعية الدموية الأخرى خلال مرحلة البلوغ”.
ويعد التشخيص المبكر لارتفاع ضغط الدم أمرا بالغ الأهمية حتى يمكن إدارته من خلال نمط الحياة والأدوية إذا لزم الأمر.
الى ذلك، أضاف البروفيسور: “يجب إجراء الفحص في أماكن الرعاية الأولية سنويا على الأقل، بغض النظر عن الأعراض. وهذا لأن ارتفاع ضغط الدم عند الأطفال، كما هو الحال في البالغين، عادة ما يكون دون أعراض”.
ويُعرف ارتفاع ضغط الدم باسم “القاتل الصامت”. وعندما تشير قياسات ضغط الدم إلى ارتفاع ضغط الدم، فإن التاريخ الطبي والفحص البدني ضروريان لتحديد الأسباب المحتملة وتحديد السلوكيات التي يمكن تعديلها.
وتتضمن المعلومات التاريخ العائلي لارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية والوزن عند الولادة وسن الحمل، وتفاصيل عن نمط الحياة، مثل التدخين وتناول الملح واستهلاك الكحول وممارسة الرياضة البدنية وأنشطة أوقات الفراغ، والأعراض المحتملة بما في ذلك الصداع ونزيف الأنف والدوار وضعف البصر والأداء المدرسي المنخفض وصعوبة الانتباه وضيق التنفس وألم الصدر والخفقان والإغماء.