جاليات

في لقاء خاص مع “المنبّه” حول التنوّع الثقافي والحوار

الأستاذة فاخوري: لا تعارض بين الدعوة إلى احترام التنوّع والخصوصية في الهوية

خاص – “المنبّه”

يتبادر إلى الذهن أحيانًا تساؤلات تتعلق بماهية التنوّع الثقافي وعلاقته بالحوار الراقي بين الشعوب والأمم، وأخرى لها علاقة مباشرة بآلية تطبيق شعارات الحوار الثقافي والهدف من طرحها وفعالية وجوديتها بين المجتمعات على أنواعه.  من هنا كان لا بدّ لنا من التعرّف أولًا على هذا التنوّع  الغني الذي أقرّت مفاعيله الأمم المتحدة وخصّصت له يوم 21 أيار من كل عام للإحتفاء به بموجب قرار يحمل الرقم 57/249 وذلك تتويجًا للجهود الدولية في مجال ترسيخ مبدأ التنوّع الثقافي على المستوى الدولي.

وللإطلاع على تفاصيل الموضوع أجرى موقع “المنبّه” لقاء خاصًا مع الدكتورة رحيبة فاخوري، “بيبا”، نائب  العميد في كلية التعليم المستدام التابعة لجامعة مونتريال والمتخصصة في تدريس اللغات الأجنبية وفي أمور الفرانكوفونية ونشر اللغة الفرنسية.

بدأته بالترحيب بالموقع وبرسالته الهادفة قبل أن تشرح معنى التنوّع الثقافي ومما قالته:

“وفق منظمة الأونيسكو، فإن التنوّع الثقافي هو مجموعة من الثقافات المتنوعة أو المختلفة بدلًا من الثقافات الآحادية أو بمعنى آخر، هو تعدّد أشكال التعبير ضمن ثقافات الجماعات والمجتمعات والذي اعترف بوجوده دائمًا وأبدًا، إذ لا وجود لمجتمعات حديثة دون هذا التنوّع ، والذي برأيي يتجلى بطرق مختلفة. وتشير عبارة التنوّع الثقافي إلى وجود ثقافات مختلفة تقوم على الاحترام المتبادل ما يعزّز التعدّدية الثقافية.”

وشدّدت فاخوري على “وجوب التركيز على التنوّع الثقافي عمومًا خوفًا من خطر التركيز على الفروقات التي نلحظها بين الأفراد والمجموعات البشرية، لذا لا بدّ من الحديث عن التعدّدية الثقافية التي تسمح لنا بالتركيز على حق الفرد بالتميّز والفروقات الجيدة ضمن المجموعة الواحدة.”

وحول رأيها في القانون رقم 101 الذي يهدف إلى الحفاظ على اللغة الفرنسية وتكريس اعتمادها في المؤسسات التربوية أجابت: “صدر القانون رقم 101 في 26 آب من العام  1977 في عهد حكومة رينيه ليفيك، ويهدف إلى حماية اللغة الفرنسية والسماح بازدهارها والحفاظ على تألقها. وقد لحظ القانون بعض التوجيهات المتعلقة بالتعليم والقضاء ومجالات العمل، منها التأكيد على إلزامية تعليم الأولاد اللغة الفرنسية في المدارس مع بعض الاستثناءات المشروطة لمن يختار اللغة الإنكليزية منها أن يكون قد تلقى أحد الوالدين علومه باللغة الانكليزية في كندا، وما عدا ذلك، الالتزام مفروض على الجميع. كذلك الأمر بالنسبة للقضاء الذي يفرض اعتماد اللغتين معًا.”

وأضافت فاخوري “وتكمن أهمية القانون 101 في الحفاظ على ديمومة  اللغة الفرنسية، إذ نلحظ سيطرة اللغة الإنكليزية في أميركا الشمالية في مجالات عديدة وأهمها العلوم، لذا، ولأن اللغة الفرنسية محاطة أو محاصرة برديفتها الإنكليزية، لا بد، لا بل من الواجب فرض القوانين الملزمة للحفاظ على لغة المقاطعة الرسمية.

وبتقديري وجوب المحافظة على لغة كل بلد في العالم لهو أمر بالغ الأهمية منعًا لاندثارها في بعض المجتمعات اليوم، فكل لغة تحمل ثقافة وحضارة بلادها.”

كما وشدّدت على أهمية التعدّدية الثقافية التي تجبر الإنسان النظر إلى حق الفرد والمجموعة في التعبيرعن ثقافة معينة. “وهي تدعونا إلى التركيز على المواقع المهمة في مجتمع متعدّد التعابير، الأمر الذي يوصلنا إلى ما يعرف بالعيش المشترك، هذا العيش الذي نعني به اختلافًا واضحًا في وجهات النظريتبلور ويتضح بحوار متين وهادف يؤدي بالأفراد لفهم بعضهم لبعضهم الآخر في محاولة لبناء مجتمع متين ومتماسك.

وفي الخلاصة يمكن القول ان موضوع التنوّع الثقافي مطروح في نقاط ثلاث التنوّع الثقافي،التعدّدية الثقافية والعيش المشترك، المنبثقة من واقع تعيشه المجتمعات المعاصرة والذي يمكن القول عنه إنه معقّد، لكنه غني جدًا بالتأكيد.”

التنوّع لا يتعارض مع الخصوصية في الهوية

تقول فاخوري: “إنه لا تعارض ما بين الدعوة إلى احترام التنوّع والخصوصية في الهوية. فبرأيي الهوية هي مفهوم معقّد ولا يشتمل على عنصر واحد، فكل إنسان منا معرّض لتجارب معيّنة ويتعاطى من خلال حياته اليومية مع أنماط عديدة من البشر، وهو ما يشكّل هوية متعدّدة للإنسان الواعي مع التعدّدية الثقافية بشكل ذكي ومنفتح. هذه التعدّدية هي التي تُشعر الإنسان بالأمان لأن حقوقه محفوظة وبالتالي له الحق في الاختلاف.”

وحول آلية  وكيفية تطبيق شعارات الحوار الثقافي أجابت: “علينا البدء من ذواتنا، إذ يجب ألاّ نخاف من الغير ولا من هذا الاختلاف، كما علينا أن نكون مؤهلين للاندماج بالمجتمع، وأن نكون المثال الجيد للحوار مع الآخرين. هذا طبعًا مع احترامنا المطلق للرؤية الخاصو بكل إنسان للأمور. وحده الحوار يسهّل علينا لغة التخاطب والتفاهم في ما بيننا.”

وفي هذا الإطار شدّدت فاخوري على أهمية الكلمة التي “بإمكانها، وأحيانًا كثيرة، أن تساهم في خلق حال من الحزن بسبب التميّز والعنصرية تجاه الآخرين. لذا يتوجّب على كل إنسان أن يفتش عن الحقيقة الدائمة والابتعاد عن الحكم على الناس مهما كان الموضوع لافتًا.”

دور الإعلام والجامعات

للإعلام دور كبير في تعزيز ثقافة الحوار تقول السيدة فاخوري: “وهذا ما لاحظناه في الكثير من الدول الكبرى. فبعد صراع طويل مع ذوي البشرة السوداء، ومع تحرّك الإعلام في كل الاتجاهات، بدأت المجتمعات عامة تتنبّه لعملية إشراك تلك المجموعات بالعمل العام وهو أمر يصبّ في خانة التعدّدية الثقافية. كما على الإعلام أن ينتبه إلى أمر بالغ الأهمية، ويتركّز على عدم الإفساح في المجال لبعض الناس بإبداء رأيهم بشكل جارح ومؤثرفي المجتمع، لذا عليه أن يكون مسؤولًا ويلعب دوره في تماسك المجتمع بحكمة وذكاء.”

أما في ما يتعلق بالجامعات فشدّدت على “ضرورة متابعتها للأبحاث التي تساعد في هذا الموضوع والتي من شأنها أن تصل إلى حلول يتمّ عرضها على الحكومة حتى تطبّق.”

وختمت مرحبة بفكرة تشجيع الحوار في الجامعات بين الطلاب وأساتذتهم للوصول إلى معرفة حقيقية لماهيّة التعدّدية الثقافية وآليات فهمها وتطبيقها.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى