.tie-icon-fire { display:none; }
منوّعات

مدفع الإفطار في دبي.. بشائر خير ومحبة

ما أن تبدأ الشمس بإغماض عينها عن الأرض، حتى تشرع دبي أبواب مواقعها أمام مدافع الإفطار، التي يصطف خلفها ضباط شرطة دبي، بكل وقار واحترام في تقليد عريق عرفته «دانة الدنيا» منذ ستينيات القرن الماضي، ولا تزال تداوم عليه حتى اللحظة، متيحة بذلك الفرصة أمام الأجيال المختلفة لأن تروي حكاية المدفع وفق رؤيتها، حيث تنشر في أرجاء دبي 6 مدافع لتنطلق منها قذائف محملة بالخير والرحمة، إيذاناً بحلول موعد الإفطار، ومع انطلاق هذه القذائف تبدأ الألسنة تلهج بالدعاء، فيما تتهلل الروح، وتتبلل العروق، ويذهب الظمأ، في مشهد تخشع فيه النفس، لشدة الفرحة التي تعتلي الملامح.

نشر الخير

أصوات المدافع عادة ما ترتبط بأيام الحرب، حيث يخشاها الجميع ويصم آذانه عنها، ولكنها في دبي تتخذ شكلاً مغايراً، حيث أصبحت ترتبط بالسلام والمحبة، ونشر الخير والجمال بين أحياء المدينة، حيث تبدأ بالاستعداد لنشر مدافعها، بمجرد أن يفتح الشهر الكريم أبوابه على الملأ، ويحجز «مدفع الإفطار»، أماكنه في مناطق برج خليفة، واتلانتس النخلة، ومسجد السلام في البرشاء، وشاطئ الممزر ومسجد الحباي في الخوانيج ومصلى المنخول، كما يحجز له مكاناً أيضاً في قلوب الناس، الذين تعودوا في السنوات الماضية التحلق حوله، لمتابعة لحظة إطلاق المدفع لقذائفه. وقد جرت العادة أن تطلق قذيفتين في ليلة ثبوت الشهر الكريم، ومثلهما في نهاية الشهر، وإعلان قدوم عيد الفطر، بينما يتم إطلاق قذيفة واحدة فقط يومياً عند آذان المغرب، إيذاناً بدخول وقت الإفطار.

تقليد قديم

وفق صفحات التاريخ، فقد بدأت هذه العادة في مصر، وتحديداً في العصر المملوكي، في عام 859 هـجرية أي 1439 ميلادية، حيث كانت القاهرة أول مدينة إسلامية تستخدم المدفع وسيلة للإعلان عن دخول وقت الإفطار في رمضان، في حين يعود تاريخ هذا التقليد في دبي إلى ستينيات القرن الماضي، حيث لم يكن فيها آنذاك أنظمة مكبرات صوت في المساجد للإعلان عن الإفطار، فقد كانت حياة الناس بسيطة للغاية، وبالتالي كان إطلاق المدفع الإشارة الرئيسية للناس لإنهاء صيامهم. إلا أن الوقت قد تغير، واستطاعت المدينة أن ترتقي سلم التكنولوجيا والتطور، وبرغم ذلك لا تزال محافظة على تقاليدها، فقبيل حلول وقت المغرب بنحو ثلاث ساعات، تبدأ سيارات تابعة لشرطة دبي بنقل المدافع التي يبلغ وزن الواحد منها نحو طنين، إلى أماكنها، ويتم التأكد من عملها، في حين يتم إحاطة المكان جيداً بسياج خاص، لضمان الأمن والسلامة للجميع، فيما يصل مدى الصوت الذي تحدثه هذه القذائف إلى نحو 10 كيلومترات.

ووفقاً للبروتوكول، عادة يتولى 4 ضباط شرطة عملية تشغيل كل مدفع. اثنان منهما يسيران نحو المدفع، وأحدهما يمرر القذيفة والآخر يحملها. يبقى ضابطان في الخلف كأوصياء على المدفع ويعطون الأوامر. عندما يحين وقت الإفطار، يصرخ الضابط بالأمر ويتم إطلاق المدفع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى