باكستانيّات مجبرات على البقاء في قريتهن التي غمرتها الفيضانات… باسم الشرف
يتهدّد المرض والمجاعة سكّان قرية باستي أحمد الدين ال#باكستانية الصغيرة التي غمرتها ال#فيضانات، ولا يمكن الوصول إليها إلا بالقوارب بعد هطول الأمطار الموسمية الغزيرة. غير أنّهم رفضوا مناشدات لإخلائها لدى حصول الكارثة.
وشرح بعض السكّان لوكالة فرانس برس أن مغادرة المنازل للجوء إلى مخيّم للنازحين يعني أنّ نساء القرية سيختلطن برجال غرباء، الأمر الذي سيعدّ إهانة لـ”شرفهن”.
ولم تملك نساء باستي أحمد الدين رأياً في هذا القرار.
وتقول شيرين بيبي البالغة من العمر 17 عاماً رداً على سؤال عمّا إذا كانت تفضّل البقاء آمنة في مخيّم على أرض جافّة، إنّ “كبار القرية هم الذين يتّخذون القرار”.
وتسبّبت الأمطار الموسمية التي لم تشهد باكستان مثيلاً لها منذ عقود، بحدوث فيضانات اجتاحت ثلث مساحة البلاد هذا الصيف. في باستي أحمد الدين كما في أي مكان آخر، يواجه السكان الواقع الجديد وسط دمار منازلهم وحياتهم.
فقد دُمّر أكثر من نصف مساكن باستي أحمد الدين الواقعة في إقليم البنجاب (وسط شرق). وأصبحت نباتات القطن التي كانت تحيط بالقرية عندما بدأ هطول الأمطار في حزيران، متعفّنة في الحقول التي غمرتها الفيضانات. أمّا الطريق الترابي الذي كان يربط بين البلدة الصغيرة وأقرب بلدة إليها، فقد بات يقع تحت ثلاثة أمتار من المياه.
– “نحن بلوش” –
وتعدّ القوارب الخشبية الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام القرويين للتنقّل لإحضار المؤن. ولكن الرحلة باهظة الثمن، فقد رفع أصحاب القوارب الأسعار.
وفيما لا يملك سكان باستي أحمد الدين سوى القليل من الاحتياطات الغذائية، فقد قرّروا تقاسُم وتقنين الكمية القليلة من القمح والحبوب التي تمكّنوا من إنقاذها من المياه.
طلب منهم العديد من عمّال الإغاثة الذين قدِموا لمساعدة القرية، المغادرة، ولكن بدون جدوى. وقال محمد أمير وهو من أحد سكان القرية “نحن بلوش. البلوش لا يسمحون لنسائهم بالخروج”، في إشارة إلى المجموعة العرقية التي تشكل غالبية في القرية. ويضيف “يفضّل البلوش الموت جوعاً على أن يتركوا عائلاتهم تخرج”.
في المناطق الريفية في باكستان التي غالباً ما تكون محافظة بشدّة، يتحكّم نظام ذكوري قائم على مفهوم “الشرف” بحياة المرأة.
– “مسألة شرف” –
ويُقيّد هذا النظام حرية تحرّك النساء وتفاعلهن مع رجال ليسوا أقرباء لهن. كما أنه يسمح بقتل المرأة على يد أحد أقربائها بحجة أنها لطّخت شرف العائلة، أحياناً لمجرّد أنها شوهدت برفقة رجل أو لأنها اختارت زوجها بنفسها.
وفي المواقف اليائسة مثل الوضع الحالي الذي سبّبته الفيضانات، يمكن أن تجد النساء أنفسهن محرومات تماماً من الطعام أو الرعاية.
يوقوم رجال باستي أحمد الدين برحلة أسبوعية بالقارب إلى أقرب مخيم للحصول على الإمدادات والمساعدة.
ويرى أعيان القرية – وكلّهم من الرجال – أنه ليس من المقبول أن تخرج النساء إلّا في حالات “الطوارئ”، أي في حال مواجهة مشكلة صحية خطيرة مثلاً.
ولا تعد الكوارث الطبيعية من الأسباب الوجيهة. ويؤكّد مريد حسين، وهو أحد الأعيان، أنه لم يتمّ إجلاء أحد خلال الفيضانات الكبرى التي اجتاحت البلاد في العام 2010.
ويقول “لم نغادر القرية في حينها”، مضيفاً “لن نسمح لنسائنا بالخروج. لا يمكنهن البقاء في تلك المخيّمات. إنها مسألة شرف”.
المصدر: أ ف ب