مدينة الموت.. روسيا حولت خيرسون إلى “حقل ألغام”
احتفل سكان خيرسون في جنوب أوكرانيا بتحرير المدينة الاستراتيجية من قبضة الروس الذين تركوا خلفهم “بنية تحتية مدمرة” ومارسوا انتهاكات لحقوق الإنسان، بحسب عدة تقارير رصت واقع المدينة بعد خروج الروس منها.
وبعد تحرير المدينة، انكبت الشرطة الأوكرانية على إزالة الألغام من خيرسون، ونبهت السلطات سكان المدينة بوجود ألغام خلفتها القوات الروسية وحضّهم على “التحرك بحذر”، وفقا لـ”فرانس برس”.
مدينة الألغام
حذرت السلطات الأوكرانية من أن موسكو كانت تحاول تحويل خيرسون إلى “مدينة موت”، ولكن يبدو الآن أن الجنود الروس حولوا المنطقة بأكملها إلى حقل ألغام.
وقبل انسحاب القوات الروسية من المناطق التي كانت تحت سيطرتهم “تركوا آلاف الألغام والمفخخات المتفجرة”، وفقا لتقرير سابق لصحيفة “واشنطن بوست”.
وبعد تحرير خيرسون، في 11 نوفمبر، طلب حاكم المنطقة، ياروسلاف يانوشفيتش، من السكان تجنب التجمع في الجزء الأوسط من المدينة المحررة حيث يحتاج خبراء المتفجرات إلى إزالة الألغام أولا، وفقا لصحيفة “كييف إندبندنت”.
وقال إن القوات الروسية “لغمت كل شيء تقريبا في خيرسون”، حسب الصحيفة.
وأكد رئيس منظمة غير حكومية تابعة لجمعية إزالة الألغام الأوكرانية، تيمور بيستريوها، أن روسيا قد حولت المدينة إلى “حقل ألغام”، وقال إن “من المحتمل أن تكون منطقة خيرسون أكثر منطقة ملغومة في البلاد وللأسف يمكن أن تحتل أوكرانيا قريبا المرتبة الأولى في العالم من حيث عدد الإصابات الناجمة عن الألغام”، وفقا لـ”الغارديان”.
أما الطرق المؤدية إلى خيرسون والمغطاة بأنقاض الحرب، فتصطف على جانبيها أطواق حمراء طويلة ولافتات تشير إلى وجود حقول ألغام كل 10 أمتار.
وقد يستغرق العمل على إزالة الألغام في المنطقة شهورا إن لم يكن سنوات، وقال شهود وضباط عسكريون إن الروس تركوا ألغاما في كل مكان، حسب “الغارديان”.
وقال أولكسندر فاليريوفيتش، وهو جندي مقيم في بوساد بوكروفسكي والذي يساعد في تطهير المنطقة التي تم استعادتها من الروس” نحن نجد الألغام في كل مكان”، مضيفا “لم أر شيئا كهذا من قبل”، وفقا لـ”الغارديان”.
وكانت خيرسون أول مدينة كبرى تسقط بعد الغزو الروسي الذي بدأ في نهاية فبراير، وقد أعلن الرئيس فلاديمير بوتين ضمها إلى أراضي بلاده في نهاية سبتمبر.
وحتى قبل الغزو الروسي الشامل في وقت سابق من هذا العام، كان العاملون في إزالة الألغام يواجهون جهودا استمرت لسنوات لإزالة الألغام من شرق أوكرانيا.
واحتلت البلاد المرتبة الخامسة في العالم من حيث الخسائر المدنية الناجمة عن الألغام والمرتبة الثلاثة الأولى في حوادث الألغام المضادة للمركبات، وفقا لـ”الأمم المتحدة”.
ألغام “محظورة دوليا”
مع استمرار القتال العنيف في جنوب وشرق البلاد، يرى خبراء إزالة الألغام أنواعا مختلفة ومختلفة من الأجهزة التي نشرتها القوات الروسية، وفقا لـ”الغارديان”.
وبينها “ألغام الفراشات”، التي أطلق عليها الأوكرانيون لقب “البتلات”، وهي ألغام بلاستيكية صغيرة مضادة للأفراد أصبحت سيئة السمعة حول العالم لقدرتها على إلحاق خسائر بشرية بعد فترة طويلة من انتهاء الحروب.
وتبدو هذه الألغام من طراز (PFM-1) مثل الألعاب ولذا فهي خطيرة بشكل خاص على الأطفال، وهي “محظورة دوليا”.
لكن وفقا لمسؤولين أوكرانيين، فإن روسيا تستخدمها في حربها في أوكرانيا، حيث تم العثور على العديد من الأجهزة في مختلف المناطق التي دمرتها النزاعات.
واستخدمت القوات الروسية ما لا يقل عن سبعة أنواع من الألغام المضادة للأفراد في أربع مناطق على الأقل من أوكرانيا وهي “دونيتسك، وخاركيف، وكييف، وسومي”، وفقا لتقرير سابق لـ”هيومن رايتس ووتش”.
ويحذر خبراء إزالة الألغام المحليون من أنه “حتى لو انتهت الحرب غدا، فسوف يستغرق الأمر عقدا من الزمان على الأقل لإزالة التهديد”، وفقا لـ”الغارديان”.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت، الجمعة، أنها أكملت في الساعة 05,00 بتوقيت موسكو (02,00 ت غ) “إعادة نشر” وحداتها من الضفة اليمنى (الغربية) لنهر دنيبرو، حيث تقع مدينة خيرسون إلى الضفة اليسرى.
وأكدت أن القوات الروسية لم تتكبد أي خسارة ولم تترك معدات عسكرية وراءها، مضيفة أنه تم سحب “أكثر من 30 ألف” جندي روسي و”نحو خمسة آلاف قطعة أسلحة وآلية عسكرية” من الضفة الغربية للنهر.
لكن هذا التراجع يحمل كل سمات الانكسار بعدما أعلن بوتين في نهاية سبتمبر ضم أربع مناطق أوكرانية بينها خيرسون، وفقا لـ”فرانس برس”.
وزار الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، مدينة خيرسون، واتهم القوات الروسية بارتكاب جرائم حرب قبل أن تفر الأسبوع الماضي، وفقا لـ”رويترز”.