.tie-icon-fire { display:none; }
ثقافة وفنون

رحيل روبرت فيسك الذي قال عن لبنان: بلاد مفلسة يحكمها الفساد ويسحقها جيرانها

توفي الصحافي البريطاني البارز ومراسل الشؤون الخارجيّة في صحيفة “إندبندنت”، روبرت فيسك، الأحد، جراء إصابته بسكتة دماغية في منزله في دبلن عاصمة ايرلندا.
ويبلغ فيسك من العمر 74، وأصيب بالسكتة الدماغية نهار الجمعة الماضي، لكنه ما لبث ان توفي في المستشفى.
ويعتبر فيسك واحدًا من أبرز الصحافيين البريطانيّين الذين غطّوا القضايا الخارجيّة عمومًا والمنطقة العربيّة خصوصًا. وصفته صحيفة “نيويورك تايمز” عام 2005 بأنّه “ربما صحافي الشؤون الخارجيّة الأشهر في بريطانيا”.
وانتفل فيسك عام 1972 للعمل في أيرلندا الشماليّة مراسلا لصحيفة “لندن تايمز” أثناء الاحتجاجات، قبل أن يستقرّ فيها حتّى وفاته.
بدأ فيسك حياته المهنيّة في صحيفة “صنداي إكسبرس” قبل أن ينتقل بعدها إلى “لندن تايمز”، وبعد سنوات قضاها في أيرلندا لمع فيها اسمه، انتقل فيسك إلى البرتغال ولاحقًا إلى بيروت، حيث عمل مراسلا لصحيفة “التايمز” في منطقة الشرق الأوسط.
وخلال وجوده المنطقة العربيّة، غطّى فيسك الحرب الأهلية اللبنانية والغزو الروسي لأفغانستان والثورة الإيرانيّة والحرب العراقية الإيرانيّة والحروب الإسرائيليّة على لبنان. لاحقًا انضمّ فيسك إلى الـ”إندبندنت” التي أسّست عام 1989، واستمرّ في العمل فيها حتّى وفاته.
وغطّى فيسك حرب الخليج الأولى من شوارع بغداد، وانتقدّ زملاءه بشدّة واتهمهم بأنهم يغطّون الحرب من غرفهم في الفنادق.
وعرف فيسك بانتقاداته للولايات المتحدة، وايد القضية الفلسطينية، وكان من الصحافيين الأجانب القلائل الذين التقوا زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، ثلاث مرّات.
لكنّ سيرة فيسك، وخصوصًا مقاربته للملفّ السوري، شهدت ما اعتبر سقطات له من خلال الدفاع عن نظام الرئيسين السوريين حافظ وبشار الأسد، وإنكاره شنّ النظام السوري هجمات كيميائية.
وبعد انفجار المرفأ في لبنان كتب روبرت فيسك في “الاندبندنت”:
“يحتاج الأمر إلى صورة، إلى شيء يستطيع أن يركز انتباهنا في ثانية فقط على الحماقة التي تكمن وراء مصيبة بشرية. ووفر لبنان للتو تلك اللحظة.
ليست الأرقام ما يهم في ذلك السياق. ولا تشبه معاناة بيروت الثلثاء أبداً أحد حمامات الدماء العابرة خلال حربها الأهلية – ولا الوحشية اليومية في الأغلب في سوريا في هذا الصدد.ط
وحتى إذا احتُسِبت قتلاها الإجمالية – من 10 إلى 60 إلى 78 في الليلة السابقة ومن المرجح أن تصل إلى المئات اليوم – لن تسجل مستوى مرتفعاً على مقياس ريختر للحروب. ولم تكن كما يبدو نتيجة عمل حربي، بالمعنى المباشر الذي يقترحه أحد أكثر قادة العالم جنوناً.
إن مجموعة الصور هي ما سيترسخ في الذاكرة – هي وما نعرف جميعاً أن ذلك يمثله- في بلاد بالكاد تتكيف مع جائحة، وتعيش في ظل نزاعات (مستمرة)، وتواجه (خطر) المجاعة، وتنتظر الانقراض. لن تُمحَى السحابتان اللتان حامتا فوق بيروت أبداً، اللتان ولّدت إحداهما في شكل مقزز السحابة الوحشية الأخرى.
فالصور المولّفة للنار والرعد والكارثة التي ضمتها مجموعات الفيديوهات الملتقطة في بيروت تتماهى مع لوحات العصر الوسيط التي حاولت أن ترصد، من خلال الخيال لا التكنولوجيا، أهوال الوباء والحرب والمجاعة والموت.
نعرف جميعاً، بالطبع، “الخلفية” المهمة جداً التي لا تكتمل من دونها أي معاناة: بلاد مفلسة تمتلكها منذ أجيال عائلات قديمة فاسدة، وبلاد يسحقها جيرانها، وبلاد يستعبد فيها الغني الفقير، وبلاد تحافظ على مجتمعها الطائفية نفسها التي تدمره.
هل من انعكاس لخطايا هذه البلاد أكثر رمزية من متفجرات سامة مخزنة في شكل غير قانوني في قلب أعظم حواضرها ثم يقول رئيس وزرائها إن “المسؤولين” عن ذلك – ليس هو ولا الحكومة بالتأكيد – سوف “يدفعون الثمن”؟
لم يتعلموا شيئاً بعد، أليس كذلك؟
وبالتأكيد نعرف جميعاً المسار الذي ستتخذه هذه “القصة” في الساعات والأيام المقبلة. ولا شك في أن على نواة الثورة اللبنانية التي أطلقها الشباب والمتعلمون أن تستجمع الآن طاقة إضافية لخلع حكام لبنان، ولمحاسبتهم، ولبناء دولة حديثة جديدة وغير طائفية من أنقاض “الجمهورية” التي أنشأها الفرنسيون ووُلِد الشباب والمتعلمون فيها ولم ترحمهم.(…)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى