فيلم “حرب الغد”.. تجسيد فني للسفر عبر الزمن وإنقاذ العرق البشري
يصور الفيلم الأمريكي ”حرب الغد“ The Tomorrow War الصادر أواخر يونيو/حزيران 2021، عودة البشر من عام 2051 لتجنيد المدنيين وإنقاذ العرق البشري، في أجواء من التشويق والخيال.
وتدور فكرة العمل حول استخدام البشر في العام 2051 تقنية السفر عبر الزمن، ليرسلوا مبعوثين إلى عصرنا الراهن في مهمة حساسة لتجنيد مدنيين وتجنب الكارثة.
ويفتتح المخرج العمل بلقطات ضبابية متسارعة توحي بوصول الحرب إلى ذروتها، في ظل طقس شتوي عاصف، لنشهد اندلاع حرائق لا ترحم، وينقلنا المخرج على الفور بطريقة التعتيم التدريجي إلى ما قبل 28 عاما، لتعود الأحداث إلى العام 2022.
وتتسم فكرة العمل – على الرغم من تكرارها – بالقوة والمتانة من خلال السيناريو الجذاب، ونجاح المخرج في جذب المشاهد وتحفيز خياله.
وعمد المخرج إلى إقحام المُشاهد في الحدث وتعزيز ارتباطه بالشخصيات منذ البداية، لننتقل إلى الحبكة الرئيسة في مشهد يصور أحاديث عائلية حميمة بين دان وابنته الذكية المدللة، ليبرز سعي دان الحثيث إلى تحفيز مخيلتها ودعمها واحتوائها.
وخلال متابعتهم لأحداث كأس العالم 2022 في قطر، وتركيز الجميع على ضربة الجزاء، وبشكل غير متوقع قبل تسديد اللاعب للكرة يحصل حدث غريب يشوش الرؤية، ويظهر في الملعب من الفراغ محاربون من المستقبل، ويبثون رسائلهم عبر النقل الحي المباشر إلى جميع أنحاء العالم، محذرين البشر من نهايتهم المحتومة بعد 11 شهرا إذا لم يتعاونوا معهم.
وركز المخرج على تعابير وجوه الممثلين، لتتشابه ردات فعل الحاضرين في الستاد، مع ردات فعل المشاهدين خلف الشاشات. إذ يسعى الجميع إلى تكذيب أعينهم ظنا منهم أن ما يشاهدونه مجرد دعابة أو خدعة سينمائية أو مؤثرات مونتاج بصرية.
وبأسلوب وثائقي ننتقل إلى نشرات الأخبار لتروي حكاية تأسيس منشآت حديثة حول العالم لتقنية السفر عبر الزمن بهدف إرسال القوات العسكرية إلى المستقبل لتقديم المساعدة في الحرب ضد المخلوقات الغامضة.
ويخبرنا الصوت الوثائقي باتجاه أول ألف جندي إلى ما بعد 28 عاما في المستقبل، وفي مصدر آخر يروي أحد المراسلين نجاة حفنة قليلة من القوات بعد 7 أيام من انتقالهم، ما أدى إلى مساعدة المدنيين للمشاركة في الحرب.
ويوجه الصوت الإعلامي الموحد نداء لإنقاذ العرق البشري، وضرورة التصدي للواقع والتأكيد على النضال، وعدم الاستسلام.
وينتشلنا المخرج من داخل التلفاز والوثائقيات المداعبة للخيال إلى الواقعية من خلال دان المُشاهد الخارجي للأخبار وتفكيره الالتحاق بالجنود ومحاربة الفضائيين حفاظا على حياة زوجته وابنته المعرضتين للخطر.
ولم يغفل العمل التفاصيل الواقعية التي تخفف من خيالية الفكرة، لنشهد خوف الطفلة وبكاءها ليلا واستيقاظها في كوابيس مزعجة حول فكرة تجنيد والدها وابتعاده عنها، لتصرخ لا ترحل يا أبي لا تقبل بأن يجندوك لصالحهم.
ومقابل اندفاع بعضهم للتطوع والدفاع عن الأرض، يحتشد مواطنون في الشوارع معترضين على تجنديهم الإلزامي، مؤكدين على أن الحرب ليست حربهم، ولكن دون جدوى.
وامتازت نقلات الكاميرا بالخفة والسلاسة وسط إضاءة بنفسجية فاقعة تشوش الرؤية، وزوايا تصوير كروية مأخوذة من أعلى الملعب، ولقطات منحدرة تناغمت مع دخول الحدث الرئيس وتهيئة المشاهد للنقلة النوعية في خط الفيلم.
والعمل من إخراج كريس مكاي، وسيناريو زاك دين، وشارك في بطولته كريس برات، وبيتي جلبن، وإيفون ستراهوفسكي، ومايك ميتشل، وسام ريتشاردسون، وكيث باورز، وجيه ك سيمونز.