.tie-icon-fire { display:none; }
علوم وتكنولوجيا

شركات التكنولوجيا تغرد خارج السرب.. فماذا عن الربع الثاني؟

تُواجه الشركات الأميركية سلسلة طويلة من الانكماش في الأرباح، ربما تفوق ما شهدته خلال فترة جائحة كورونا، بينما تُغرد شركات التكنولوجيا خارج السرب، لكن وسط توقعات متشائمة أيضاً.
تقرير نشرته “بلومبيرغ” وصف شركات التكنولوجيا باعتبارها “النقطة المضيئة” خلال الربع الأول من العام الجاري 2023، رغم ما يعانيه الاقتصاد الأميركي من إشكاليات تضعه على شفا الركود.
أورد التقرير عدداً من البيانات -بينما يشارف موسم أرباح الربع الأول على الانتهاء- التي تعكس معاناة “وول ستريت” والتي تنتظر واحدة من أطول فترات التراجع في أرباح الشركات، على النحو التالي:
الربع المنصرم من العام هو الربع الثاني على التوالي لانخفاض أرباح الشركات الأميركية (آخر أطول فترة لتراجع الأرباح كانت لثلاثة أرباع متتالية بين عامي 2015 و2016)
3.7 بالمئة نسبة الانخفاض في أرباح الشركات المدرجة بمؤشر ستاندرز آنذ بورز 500 في المتوسط (مقارنة بالربع الأول من العام الماضي).
رغم أن 78 بالمئة من الشركات تجاوزت التوقعات السابقة بخصوص الأرباح (بحسب بلومبرغ إنتليجنس) إلا أنه يؤخذ بالاعتبار أن تلك التوقعات كانت منخفضة من قبل المحللين قبل بداية العام من الأساس.
يُتوقع في الربع الثاني من العام (من أبريل حتى نهاية يونيو) تسجيل انخفاض بالأرباح نسبته 7.3 بالمئة. في وقت يتوقع فيه محللون امتداد أثر سياسة التشديد النقدي ورفع الفائدة إلى الربع الثالث.
تشير توقعات المحللين إلى أن هوامش الأرباح لن تتعافى قبل الربع الأخير من العام الجاري.
شركات التكنولوجيا
بالنسبة لشركات التكنولوجيا، فقد سلط التقرير الضوء على تجاوز شركات مثل (آبل وميتا وألفابت وأمازون) التوقعات كافة، مشدداً على أن تلك الشركات تستفيد من الاتجاهات المقبلة الخاصة بسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، فيما يخص إشارات التوقف عن رفع أسعار الفائدة.
من جانبه، يعزي المدير التنفيذي في شركة VI Markets، أحمد معطي، لدى حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” نجاة شركات التكنولوجيا من التراجع القياسي لأرباح الشركات بالولايات المتحدة، إلى عاملين رئيسيين:
العامل الأول: استراتيجية تلك الشركات المرتبطة بتخفيض التكاليف بصورة ذكية، من واقع تقديرها لموقف الاقتصاد الأميركي والنظرة المستقبلية.
اعتمدت استراتيجية تخفيض التكاليف على عاملين رئيسيين؛ الأول: خفض عدد الموظفين في شركات التكنولوجيا مع إبلاغ عدد من الشركات كذلك موظفيها بعدم زيادة المرتبات، والثاني: عدم التوسع في مشروعات جديدة.
العامل الثاني يرتبط بما شهده القطاع من تقدم كبير في “الذكاء الاصطناعي” وبعد الطفرة التي حققتها شركات تكنولوجية عملاقة في هذا السياق.
تراجع مُتوقع
لكنه لا يعتقد بأن هذا الارتفاع من المتوقع أن يدوم خلال نتائج أعمال الربع الثاني من العام الجاري، في ظل المؤشرات الراهنة، لا سيما في ظل نظرية “البجعة السوداء” التي تسيطر على الأسواق حالياً مع تخوف المستثمرين من كارثة جديدة غير معروفة ماهيتها، وبالتالي يتخذون إجراءات للتحوط وإصدار أوامر البيع، وبما يؤثر على السوق الأميركية بشكل كبير.
يتسق ذلك مع ما أورده التقرير المشار إليه من توقعات بانخفاض أرباح الشركات العاملة بالقطاع التكنولوجي، ذكر أنها في حدود أكثر من 7 بالمئة خلال الربع الثاني الذي ينتهي في يونيو المقبل.
تشير تقديرات المحللين في “بلومبيرغ إنتليجنس”، إلى تخلف محتمل لنمو أرباح شركات القطاع، عن مؤشر ستاندارد آند بورز 500 حتى العام 2024 وبما يجعل تلك الأسهم عرضة للخطر.
تستحوذ شركات التكنولوجيا على حصة 35 بالمئة من رأس المال السوقي لـ “ستاندارد آند بورز 500” لكن في الوقت نفسه تشكل في حدود 30 بالمئة من أرباحه.
ونقل التقرير عن رئيس “غريت هيل كابيتال”، توماس هايز، وصفه للتراجع القادم لأسهم القطاع بكونه أمر معروف سلفاً، على أن تعود الأرباح للتطلع للانتعاش في 2024.
الضبابية تسيطر على الأسواق
وبالعودة لحديث المدير التنفيذي في شركة VI Markets، فإنه يستطرد قائلاً: تؤثر حالة الضبابية الحالية على الأسهم الأميركية عموماً، وبما في ذلك شركات التكنولوجيا، مع الخوف المستمر من الركود، والضبابية المسيطرة على المشهد الاقتصادي، وأزمة سقف الدين ومن قبلها أزمة المصارف.
لكنه يعتقد في الوقت نفسه بأنه “بالنسبة لشركات التكنولوجيا ربما لو كانت هناك حركة أسرع ومنتجات جديدة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، فإن ذلك من شأنه دعم موقفها لتجنب التراجع”.
وهو ما لفت إليه كذلك التقرير المشار إليه، والذي اعتبر أن التطورات فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي تشكل عنصراً أساسياً في تطلعات ربحية الشركات، مستدلاً بصعود أسهم إنفيديا ومايكروسوفت وألفابت، وهم الشركات الثلاثة التي تتسابق في مضمار المنافسة بساحة الذكاء الاصطناعي، ويعدون من أكبر المساهمين في المؤشر الأساسي لهذا العام.
انخفاض مؤقت قد يطول
من جانبه، يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا الجنوبية، أريس بروتوباباداكيس، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن:
سوق الأسهم ينمو على المدى الطويل بلا هوادة بمعدل 6 بالمئة أو أكثر سنوياً في المتوسط.
هذا هو متوسط النمو، لكن وبالتأكيد لا ينطبق على الأسهم منفردة.
كل الخسائر في هذا السياق “مؤقتة”، ومع ذلك يمكن أن تستمر لفترة طويلة، على حسب الإطار المرجعي والسياسات الخاصة بكل شركة.
ويعتقد بأن المخاطر المتزايدة على مستوى الاقتصاد ستؤدي إلى انخفاض أسعار الأسهم عموماً؛ لأن المستثمرين يحتاجون إلى حافز للاحتفاظ بمحافظ أكثر خطورة.
وحول أثر الاضطرابات التي يشهدها القطاع المصرفي على الأسهم الأميركية عموماً، يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا الجنوبية في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: لا أعتقد بأن إخفاقات البنوك مثل تلك التي رأيناها أخيراً في الولايات المتحدة ستلقي بظلالها على سوق الأسهم الأميركية، ولكن إذا اختار الجمهوريون خلق أزمة ديون فيما يخص ملف رفع سقف الديون ورفضت المحاكم تطبيق التعديل الرابع عشر، فمن المؤكد أن ذلك سيخلق أزمة خطيرة وسيؤدي إلى انخفاض أسعار الأسهم الأميركية، على الأرجح بشكل حاد.
الأرباح تعكس الوضع الاقتصادي
من جانبه، يقول المؤسس وكبير الباحثين في The Problem Lab بجامعة واترلو الكندية، لاري سميث، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:
لا تزال أرباح التكنولوجيا تعكس الوجه الذي يشير إلى أن اقتصادات أميركا الشمالية قد تباطأت ولكنها لم تدخل مرحلة الركود.
إذا دخل الاقتصاد في حالة ركود يمكن توقع تآكل أرباح التكنولوجيا.. وهذا لم يحدث ذلك بعد.
وحول الأداء المتوقع لشركات التكنولوجيا في الربع الثاني من العام، يضيف الأستاذ بقسم في جامعة واترلو الكندية: “هناك قدر كبير من عدم اليقين.. وأي شخص يجادل بخلاف ذلك فهو يُخمن فقط.. من المستحيل التنبؤ بالحرب في أوكرانيا التي يمكن أن تزيد من زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي”.
ويستطرد قائلاً: “التضخم آخذ في الانحسار في عديد من الأماكن حول العالم، ولكن ليس في كل مكان.. بينما لا تزال أسعار الغذاء والطاقة شديدة التقلب”.
وحول مدى تأثير “تسريح العمالة” على أرباح شركات التكنولوجيا، يردف قائلاً: “على المدى القريب لا يؤدي تسريح العمال في صناعة التكنولوجيا إلى تحسين النتائج المالية على الفور؛ بسبب مدفوعات الفصل”.
ويختتم حديثه بالإشارة إلى أن المستثمرين في الوقت الحالي ينظرون إلى أسهم التكنولوجيا بحذر ، كما أنهم قد يأخذون في الاعتبار التعقيدات والشكوك في الوضع الحالي.
حركة تصحيح
وفيما يخص قطاع التكنولوجيا بشكل عام، يلفت الرئيس التنفيذي في مركز “كوروم” للدراسات الاستراتيجية، طارق الرفاعي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن شركات التكنولوجيا عموماً ومؤشر ناسداك وصل إلى القمة (أعلى مستوى) في ديسمبر من العام 2021، ثم حدث تصحيح في المؤشر والقطاع ككل، ليشهد انخفاضاً حاداً خلال العام 2022، وفي نفس المرحلة التي بدأ فيها الفيدرالي الأميركي رفع الفائدة.
ويتابع: “لاحظنا أن القطاع كان حساساً جداً لرفع الفائدة (..)”، موضحاً أنه مع بداية العام الجاري 2023 “رأينا تعافياً في هذا المؤشر والقطاع، لكن لا يزال ذلك منخفضاً مقارنة بالقمة التي وصلها في نهاية 2021”.
لكن الرئيس التنفيذي في مركز “كوروم” للدراسات الاستراتيجية، لا يعتقد مع هذا التعافي أن عملية التصحيح انتهت والآن يشهد القطاع فترة التعافي، لا سيما أن الفيدرالي لا يزال يسير على مساره في رفع الفائدة، علاوة على الضغط الذي يعاني منه القطاع، لجهة هروب الأموال نحو الملاذات الآمنة مثل سندات الخزانة الأميركية والذهب، وغير ذلك.
أبعاد عديدة للنمو
من جانبه، يقول أستاذ الاقتصاد في مدرس Kogod للأعمال بالولايات المتحدة، جيفري هاريس، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “بشكل عام، تنمو قطاعات التكنولوجيا على الرغم من الظروف الاقتصادية.. لقد أثبتت البرمجيات -على سبيل المثال- أنها ذات أبعاد عديدة للنمو، ولذلك تستمر قطاعات البرمجيات وخدماتها في التوسع حتى مع تعرض الاقتصاد العام للركود”.
ويضيف: “الانكماش في مبيعات التجزئة والاتجاهات الاقتصادية السلبية الأخرى بطيئة في الظهور في قطاع التكنولوجيا”، لكنه في الوقت نفسه لا ينفي ما وصفه بـ “معاناة” المعالجات الدقيقة ومكونات الأجهزة في التكنولوجيا ومشاكل الإنتاج في هذا المجال بعض الاختناقات في سلسلة التوريد التي أثرت على الصناعات الأخرى.
وفي تقديراته لأداء شركات التكنولوجيا خلال الربع الثاني من العام الجاري، يقول هاريس: “عمليات التسريح التي شهدناها في الربع الأخير من العام الماضي تحديداً تتحدث عن حقيقة أن شركات التكنولوجيا أصبحت أكثر حساسية تجاه التكاليف.. تشير عمليات التسريح الأخيرة هذه إلى أن الإدارات تحاول التعامل مع نقاط الضعف المتوقعة في القطاع”.
وفيما يلفت إلى أن تكاليف العمالة تميل إلى الارتفاع في قطاع التكنولوجيا، نظراً لأن رأس المال البشري ضروري في إنشاء وتطوير وتعزيز معظم منصات التكنولوجيا، يعتقد بأنه في هذا السياق سوف يشهد القطاع تراجعاً خلال الأرباع القليلة المقبلة، حيث تتعمق الضغوط في الاقتصاد في هذه الأعمال المتنامية.
وفي حين أن القطاع المالي يشهد ضغوطاً فورية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم المرتفع الذي يؤثر على السلع الاستهلاكية بشكل فوري، يتوقع هاريس استغراق هذه الضغوط وقت أطول لتتسرب إلى القطاعات النامية مثل التكنولوجيا بنفس الحدة.
ويختتم أستاذ الاقتصاد في مدرس Kogod للأعمال بالولايات المتحدة، تصريحاته بقوله: “رأينا قوة مستمرة في أسهم شركات التكنولوجيا.. وشهدت صناديق الاستثمار المتداولة والمحافظ في القطاع بعضاً من أقوى عوائد الأسهم خلال العام 2023 حيث كان المستثمرون يبحثون عن شركات أقل عرضة لأسعار الفائدة واستهلاك التجزئة.. وإذا أردنا أن نعتقد أن سوق الأسهم هو مقياس استشرافي جيد لتوقعات المستثمرين، أود أن أقول إن الأسهم التقنية لا يزال ينظر إليها بشكل إيجابي من قبل مجتمع الاستثمار.. وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف ستتطور هذه النظرة في الأرباع القليلة المقبلة مع انخفاض التضخم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى