أخبار لبنان

نابغة لبناني يفك رموز معضلة ” روزنفيلد ” العلمية ويؤكد بقاءه في لبنان

بقلم مازن مجوز

ذات يوم قال توماس إديسون إن النبوغ هو محصلة لنتيجة 1% من الالهام و99 % من الجهد الشاق المبذول . ربما كان يمكنه أن يضيف : “في الأبحاث الأكاديمية ، يعتبر النبوغ أيضا نتيجة لعملية تركيز وعزم بنسبة 99% “.

هي برهة من الزمن، نجح  فيها  طالب الدكتوراه في الرياضيات البحتة في الجامعة اللبنانية أيمن حسن الزين في فك شيفرة ( إن صح التعبير) المعضلة الشهيرة في الرياضيات التي طرحها العالم الرياضي روزنفيلد في 1974 ،  لتصاب سنينها ال 47  اليوم بأسهم قناص باحث لبناني.

بالجد والعمل يحقق الأمل، لا بل الإبداع وإلا ستقع في فخ اليأس والفشل، خلاصة ينقلها علي. ق.  ( 25 عاما، أحد الزملاء المقربين من الزين) ل” هنا لبنان “، ويضيف ” يردد دائما أمامنا أن رحلة البحث العلمي شاقة ومضنية، خاصة من هذا المعيار، هي دائما تجعلك تتخبط  بين لحظات من الامل وأخرى من اليأس”.

ويتابع ” حتى أنك تسأل نفسك من أنا كي أتفوق على كل من حاول قبلي من عباقرة الباحثين ؟” ولا يخفي علي الأسئلة الكثيرة التي كانت تدفع بأيمن نحو اليأس “لكننا كنا نقرأ في عينيه طيلة 6 أشهرمن البحث والمناقشة،  قراره وعزيمته على إحداث تغيير جذري، وبالفعل أثبت لنا أن لكل إنسان بصمته في التفكير والتحليل”.

إهتمام كبير نالته هذه المعضلة في القرن الماضي، ويعد العالم الفرنسي Havet آخر من أحرز تقدماً في محاولة حلها في العام ٢٠٠٠، وكان مقالا معقدا جدا، ما أثار خوف لدى أي باحث يحاول حلها. ويرد أيمن على الخوف أولا وعلى كل المشككين بقيمة المسألة بتغريدة ” يقرا مين هني Havet وThomassé وGrünbaum وThomason وغيرن كتير. البحث حالياً موجود على الأرشيف المفتوح HAL، وتقدم على أهم مجلة عامية في الGraph Theory، بإنتظار النشر للي ممكن يستغرق أكثر من سنة”.

بالشكر والإمتنان توجه الزين أكثر من مرة لله ” الحمد لله ، الله ما ضيعلي تعبي وسهري” وأشكر مشرفي البروفسور أمين الساحلي الذي لطالما ردد على مسامعي ” كي تصل من دون أن تعمل، عليك أن تعمل من دون أن تصل”. كما وشكر كل من نشر وبارك له في إنجازه العلمي غير المسبوق .

الإعلان عن هذا الإنجاز جاء في بيان صادر عن الجامعة اللبنانية منذ شهر تماما، ومن أبرز ما تضمنه  ” إنجاز علميّ جديد أضافه الطالب أيمن حسن الزين إلى نجاحات الشباب اللبناني في مجال الرياضيات، فإنطلاقًا من مقال “هافيت”،  بدأ الزين عمله ليكتشف أولى الأخطاء فيه، وبعد بحث استمرّ ستة أشهر تمكّن الطالب اللبناني من حلّ المعضلة بشكلٍ كامل في مقال مؤلف من 78 صفحة قُدّم إلى واحدة من أهم المجلات العلمية العالمية لنشره”.

ويضيف البيان بأن الزين يتابع  تحضير أطروحة الدكتوراه في الرياضيات البحتة بين المعهد العالي للدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا/الجامعة اللبنانية وجامعة (Savoie Mont Blanc Chambéry) الفرنسية،  وقد حاز عام 2018 المرتبة الأولى في لبنان في مسابقة نظمتها الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) للطلاب الجامعيين الأوائل في اختصاص الرياضيات”.

أما الزين الذي بدأ من نقطة الصفر، فينقل عنه علي ” ربما الفكرة تأتيك بلحظة،  لكن بالتأكيد هي نتيجة تراكم خبرات وتفكير وتحليل وتركيز، ولا تنزل بالوحي على أي إنسان بل على الإنسان الذي يبذل جهودا كبيرة في مسألة ما”.

وبالطبع لا يمكن التنكر لفضل البيئة  التي أحاطت أيمن بالدعم والتقدير لما يقوم به ومنذ اللحظة الأولى، إجتماعيا على مستوى الزوجة والأهل والقارب بالدرجة الأولى، وأكاديميا على مستوى الأستاذ المشرف وإدارة الجامعة والزملاء في المختبر، كل منهم – وعلى طريقته- كان يعزز الأمل ويمده بشحنات من الشجاعة ومن دون إنقطاع.

فعلى سبيل المثال بدايات رحلة الثقة  والإيمان بقدرات الزين الإبداعية كانت عندما سلم الساحلي طالبه هذه المعضلة في مرحلة الماجستير، ” وهذا يظهر الثقة التي أولاني إياها، ثقة بمهارات طالب لم يقدم أي بحث في حياته، هذا أشعرني بالمسؤولية وبالفخر والسعادة والثقة بالنفس” ينقل عنه والده حسن .

وعلى عكس مسار موجة الهجرة العارمة التي يشهدها لبنان على مستوى الخريجين/ الخريجات الى الخارج لمتابعة مسيرتهم العلمية،  يرفض الزين مغادرة لبنان” لا ولن أفكر فيها لأن وجود أشخاص كالمشرف وزملائي في مرحلة الدكتوراه وأهلي وعائلتي وأقاربي لهو أكبر دليل على أن هناك في مكان ما نبتة تنبت في لبنان من ناحية البحث العلمي”

ويؤكد والده نقلا عنه :”  نبتة يجب أن تبقى على قيد الحياة،  وتستمر ولا يجب أن نقطفها ونضعها في مكان آخر” ليسأل : “لماذا يقلل الطالب من قيمته وقيمة بلده بالهجرة ؟” مشرفي بدأ في قسم  ال Graph Theory بمفرده منذ سنوات ولم يقرر الهجرة. واليوم يصدر مختبرنا – الذي يترأس فيه  الساحلي خلية البحث في هذا القسم – مقالات تنشر في أهم المجلات العالمية وننافس فيها على المستوى العالمي، وإيماني وأملي بلبنان كبير وخصوصا في مجال البحث العلمي”.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى