ونشروا غسيل الكورونا على منشر النقد الهادف والضحكات الرنّانة ،فبخفة ظلّهم وبساطة كلماتهم المحمّلة بكل أنواع الوجع والعتب الموزون كسروا حواجز المحرّمات المخملية في المجتمعات كافة وانزلوها الى حيث التفاعل رائج والانتظار سيد المداورات المسرحية في ما بين الفنانين الشباب.
ومنشر غسيل ،الفرقة الغارقة في زوايا الستاند اب كوميدي بالعربي ،باربابها الست عرفت كيف تخترق القلوب بتعدد وتنوّع قضاياها ومواضيعها وان كان العنوان الابرز يبقى الكوفيد مالئ الدنيا وشاغل الناس ،والبداية مع اللبنانية ساندي بيطار في نص جريئ يتناول الموت بخفة تخفي كل الخوف من تداعياته،فساندي التي خسرت والدها عرفت كيف تضحك من وجعها وان بعيون حزينة متعالية على وجع الخسارة باحساس وصل الينا ونحن شهود وبابتسامة على واقع هو في الحقيقية مرير.
وتلاها كريم حمدي بلهجته المصرية المحببة للقلوب وخفة حركته على المسرح المترافقة مع عرض لواقع الحياة اليومية التي فرضتها الظروف الآنية بقالب فكاهي تحدّى فيه كل النمطية في السرد الواقعي،فمواضيعه التي عرف باتقان ادارة خيوطها عرف كيف يسلب الضحكة ودون اي استئذان.
اطلالة واعدة للمغربي بو علي مبارك ،هذا الشاب الذي “فكهن”واقع عدم معرفته اللغة الانكليزية محولا اياه الى نعمة بدل النقمة معالجاً موضوع الهجرة والتأقلم مع واقع الحال باسلوب فيه الكثير من السخرية واللوعة المبطّنة بالتحمل والاصرار على النجاح.
وعلى وقع أغنية “طلّي بالابيض” دخل السوري الياس صدّقني الذي أجمع الناس على تصديق الصورة التي نقلها عن نظام الحكم في بلاده من الطاغية المسؤول عن طمس الحقيقة مستنداً في نصه الى بعض عبارات “الشتم”التي مرّت بسلاسة ودون ان تخدش الحياء.
جوني الحاج صاحب فكرة ابجد هوز الهادئ المفعم بالتفكير،دخل مسرحه الواسع من بوابة الاحجية والحزازير التي لاقت تفاعلا واسعا من الجمهورلاسيما وانها تقدم الى التسلية والمرح معلومات قيّمة عن تفاصيل لبنانه والحياة اليومية فيه.
وختامها مسك مع رانيا الحلو،الحلوة دائما بقصصها وتعابيرها القريبة من القلب فكان نصّها المتمحور حول والدتها والعادات العائلية ابرز الشواهد على السلوك المتعارف عليه في مجتمعاتنا العربية والذي نقلته الحلو باسلوب سلس فيه من البساطة وحسن التعبير ما لفت اليها الانظار والى نصها التفاعل والمشاركة.
أسدلت ستارة ستاند اب كوميدي شو في منشر غسيل وستاند اب بالعربي لتعود وتفتح من جديد في السنة المقبلة حاملة معها مواضيع جديدة وافكار متنوعة ستلبي طموح ممثليها والحضور في آن .
الفرقة ان حكت
وحول المشاريع المستقبلية وكيفية اطلاق هذا النوع المتميز والفريد من المسارح الجوّالة كان للكلمة نيوز لقاء خاص مع اعضاء الفرقة بدأه جوني الحاج بالقول”لطالما كان هدفي ايجاد منصة خاصة تعنى بالستاند اب بالعربي ،ولما كان المركزالثقافي العربي الكندي قد أعلن عن مباراة في هذا المجال اشتركنا ساندي وأنا وبدأنا البحث عن وجوه جديدة أسفرت عن انضمام كريم للفرقة،بعدها آثرنا ب “افتحوا المايك” وهو البرنامج الذي اعتدنا فيه البحث عن مواهب متعددة بعروضنا الشهرية في مونتريال البحث عن مواهب اخرى ولما اتممنا المهمة كان العرض الاول الذي اخترنا له اسم”هاهاها بالعربي”امام جمهور خجول لنعود ونكرر التجربة وبالتعاون مع المركز امام جمهور واسع الذي راقه ما قدمنا له.”
وتابع يقول “بعد النجاح الذي حققناه انطلقنا نحو تأسيس فرقة ستاند اب بالعربي ومنها انبثق “منشر غسيل”وهي اسم على مسمى،حيث نعالج مواضيع متعددة سياسية،اجتماعية،شخصية ،وغيرها باسلوب السهل الممتنع وكل على طريقته ،دون اي ضوابط او اي حظر ممكن،فنحن مجموعة التقت من بلاد مختلفة وثقافات متنوعة نشرنا ثقافاتنا ،لهجاتنا،افكارنا بقوالب فكاهية “تفش الخلق”ولا تتناول في الشخصي اي انسان.”
وعن عروض الفرقة اجاب كريم حمدي الذي شاركنا اللقاء “بدأنا العروض في اوتاوا قبل جائحة كورونا ،وعلى الرغم من القيود المفروضة الا اننا كنا نكتب ونتناقش حتى اننا جهزنا لستاند اب كوفيد شو الذي بدأنا عرضه في مونتريال مع عودة الحياة الى طبيعتها ثم انتقلنا الى اوتاوا ،تورنتو،ميسيساغا ،وها نحن اليوم ننهي آخر عروض لهذا العام لنعود في العام المقبل بمواضيع جديدة وافكار متجددة.
نكتب معا ،ونكتب كل واحد على حدا ، يقول ابو علي مبارك، فالكورونا وحدّت الافكاروساهمت بتنوع الخيارات مؤكداعلى وحدويةاللغة العربية في مسرحهم لافتقاد المسرح في كندا لممثلين كوميديين يتكلمون العربية وبالتالي فان ستناند اب بالعربي وجد لابناء الجاليات العربية ولن يتكلم ،أقلّه حاليا،الا لغتهم الام.
وحول ماهية ابجد هوز أجاب الحاج “هو تجمّع لفنانين من اصل عربي لايجاد مساحات للتعبير عن النفس و الهوية باللغة العربية ،وقد كانت لنا وقفات كثيرة في نشاطات دورية تحت مظلة أبجد هوز منها “افتحوا المايك”،حيث نتعرف على مواهب متعددة تعيش معنا في المدينة نفسها ،”حرام بارتي ” والتي لا تعترف باي حرام ،فهي امسية تقوم على الرقص والتعبير عن النفس كل وفق نظرته الخاصة للحياة،”فرسان اللعب” وتقوم على العاب تشاركية للكبار بهدف التسلية وتمضية الوقت و”ليلة أنس”وهي ليلة طربية نسلط فيها الضوء على فنانين على طريق الاحتراف ،وأخيرا “منشر غسيل” فرقة ستاند اب كوميدي بالعربي.
“وختم قائلا “أبجد هوز” هي مساحة لكل عربي موجود في مونتريال وفي خارجها للتلاقي مع الاخر ،انها مساحة مفتوحة للجميع للتعارف من خلال الفن والفكر والثقافة ،اما منشر غسيل فهو مغامرة لطيفة واعتقد اننا سنكمل في هذا الانتاج الفني المتميز.
سألنا ساندي عن تجربتها في منشر غسيل أجابت ودون تردد انه مساحة للتعبير عن الذات وفي انتقادنا لما يدور حولنا ليس الا من باب النقد البناء الذي يساعد في بناء المجتمع ،هو تعبير عن هويتنا في البلدان التي ننتمي الى ارضها،باختصار نحن نزرع الضحكة ونحصد الدعم ،فمعاناة الشعوب العربية هي نفسها ولن تختلف التسميات.لم ولن اتنازل عن مبادئي في تقديم الحقيقة التي ادافع عنها من منظاري انا لا كما يحلو للناس التغني بها.
أما رانيا الحلو والمعروف عنها شغفها بالمسرح والتمثيل فاجابت قائلة ،”ان الكوميديا في حياتي اليومية كالخبز والماء ولكم كنت سعيدة بتجربتي في منشر غسيل لاسيما وانها باللغة العربية ونناقش فيها كل قضايانا الحياتية والاجتماعية بقالب كوميدي خفيف،فرانيا التي أثقلت دراستها المسرحية موهبتها المتميزة والتي في الحقيقة ميزّتها في تمكّنها الواضح على المسرح الذي ساعدها لايصال رسائلها بطابع فكاهي وقالب كوميدي قريب من الناس،هي التي ان اضعناها يوما على المسرح فسنجدها حقا غارقة في الكتابة وهذه ميزة الفنان الحقيقي،
اما مبارك بو علي فتحدث عن علاقته بالسخرية والتعبير الساخر قائلا انها علاقة وجود وهي قديمة وتعود لبداياته مع فن الكاريكاتور الذي تحول إلى عمل واحتراف في مجال الصحافة ،فالستاند اب كوميدي يسمح له بالتعبير عن العديد من القضايا بشكل ساخر ومباشر مع الجمهور ،ومع منشر غسيل تطورت علاقته مع الستاند اب كوميدي ،فالكتابة والأداء الفردي بالنسبة له هما تكوين ودروس في مجال المسرح والكوميديا يتلقاهما خلال اي عرض او لقاء . وختم واصفا العمل مع مجموعة منشر غسيل انما يتم في جو أخوي وعائلي حيث يتبادل الافرقاء النقد البنّاء والنصيحة الفنية سواء في الكتابة او الأداء. فمنشر غسيل هو تجربة رائدة ولها السبق في تجميع عدد من الكوميدين العرب وباختصار ما قامت لم تقم به جامعة الدول العربية.
وحول تجربة الياس صدّقني في هذا العمل اللافت أجاب صاحب النكتة الخفيفة والاقناع الصادق الياس قائلا”انها لتجربة مميزة بالفعل حيث استطعنا من خلالها ان نصل لشريحة كبيرة من الناس بمواضيع حساسة وفنّ غريب الى حد ما وغير متعارف عليه بعد في العالم العربي ،لقد حققنا نجاحا كبيرا لمسناه من خلال الحضور المتنوع الذي كان يتابعنا بشغف وهو ما حفّزنا على متابعة المسيرة والتحضير للعودة بقوة أكبر وبأقكار جديدة.
