مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى ليبيا غسان سلامة: “متفائل جدًا” بشأن السلام في ليبيا
أكد مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى ليبيا غسان سلامة خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس، أنه متفائل أكثر من أي وقت مضى بإمكان انهاء العنف المستشري منذ عقد في هذا البلد الواقع في شمال إفريقيا.
وأوضح الدبلوماسي اللبناني البالغ 69 عاما “أنا متفائل جدا. ما رأيناه في الشهرين الماضيين هو تراكم للعوامل الإيجابية”. وتحدث سلامة في مقابلة مع وكالة فرانس برس غداة اختتام الوفدين العسكريين الليبيين مفاوضاتهما برعاية الأمم المتحدة في ليبيا لوضع بنود اتفاق وقف إطلاق النار التاريخي الذي أبرم في تشرين الأول/أكتوبر.
وفي غضون ذلك، تجري محادثات سياسية برعاية الأمم المتحدة أيضا، في تونس بهدف تعيين حكومة موقتة لتنظيم انتخابات وإدارة بلد يعاني من صراع وأزمة اقتصادية وجائحة كوفيد-19.
وأعلنت الأمم المتحدة مساء الجمعة، أن المندوبين في تونس وافقوا على إجراء الانتخابات الوطنية في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021.
وتشهد ليبيا حالة من الفوضى والعنف منذ إطاحة الديكتاتور معمر القذافي في 2011. وتنتشر في البلاد فصائل مسلّحة كثيرة، توالي معسكرين رئيسيين: حكومة الوفاق الوطني ومقرّها في العاصمة طرابلس، وسلطة موازية في الشرق يدعمها المشير النافذ خليفة حفتر.
واستقال سلامة في آذار/مارس مبررا خطوته بأسباب صحية وإجهاد لكنه كان مهندس جهود الأمم المتحدة الحالية للسلام في ليبيا وبقي مشاركا فيها عن كثب.
وخلال المقابلة حذر سلامة من منزله في باريس من أن “حربا مستمرة منذ عقد لا يمكن إيجاد حل لها في يوم واحد”.
لكن بعد أشهر من هدوء نسبي وسلسلة من الخطوات الإيجابية، قال سلامة إن الليبيين أظهروا “اهتماما متجددا” بالحوار.
عيّن سلامة وهو وزير لبناني سابق للثقافة وأستاذ في العلاقات الدولية، مبعوثا للأمم المتحدة في حزيران/يونيو 2017 وسعى جاهدا للتوسط بين الطرفين الليبيين.
لكن في نيسان/أبريل 2019، شن حفتر هجوما مفاجئا على طرابلس، قبل أيام من جولة مخطط لها لمحادثات السلام.
وقال سلامة في وقت لاحق إنه تعرض “للطعن في الظهر” من قبل أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذين دعموا حفتر.
وفي حزيران/يونيو، شنت قوات حكومة الوفاق الوطني هجوما مضادا بدعم تركي ضد قوات خليفة حفتر المدعومة من روسيا.
وقد ساعد اتفاق وقف إطلاق النار أبرم في تشرين الأول/أكتوبر في تمهيد الطريق أمام مفاوضات جديدة من أجل السلام.
وتأتي التحركات الأخيرة بناء على مقررات مؤتمر برلين للسلام الذي تمكن سلامة من تنظيمه في كانون الثاني/يناير وجمع فيه قادة القوى الأجنبية الرئيسية في ليبيا للمرة الأولى.
وقال سلامة إن ليبيا أصبحت الآن قريبة من إجراء انتخابات آمنة بما يكفي “لتمثل بشكل مقبول إرادة الشعب”.
وتابع “أظن أنه يمكن القيام بذلك في الأشهر الستة أو السبعة المقبلة”.
حذّر محللون من أن اللاعبين المحليين والقوى الأجنبية قد يسعون إلى تخريب أي تسوية لا تخدم مصالحهم.
ودعم مقتل محام وناشط حقوقي بارز في مدينة بنغازي على يد مسلحين مجهولين، هذه الفرضية.
كذلك أحاط التوتر بالمحادثات العسكرية في سرت بعدما اتهمت حكومة الوفاق الوطني مجموعة مسلحة روسية برفض السماح لوفدها بالهبوط في قاعدة جوية قرب وسط المدينة، وهي خطوة قيل إنها تهدد “احتمالات التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار”.
لكن سلامة أشار إلى أن روسيا وتركيا اللتين وقعت كل منهما عقود إنشاء بنى تحتية بقيمة مليارات الدولارات مع ليبيا قبل سقوط القذافي، قد تستفيدان من السلام.
وأوضح “الليبيون مستعدون لاحترام هذه العقود” وهم يعيدون بناء بلدهم، مضيفا “في الحقيقة، هم في عجلة من أمرهم”.
وحذّر سلامة من بعض السياسيين وصفهم بأنهم “معرقلون” الذين انتخبوا في 2012 و2014 “ولا يريدون ترك مقاعدهم”.
لكنه أشار إلى أن الليبيين أمسكوا بزمام عملية التفاوض بأيديهم.
وقال “أستطيع أن أقول لكم إن الليبيين يتخذون قراراتهم بأنفسهم كما لم يحدث من قبل، منذ العام 2011”.
وفي حين لفت إلى أن مشاورات الأمم المتحدة أظهرت أن الغالبية العظمى من الليبيين يريدون انتخابات وطنية، ثمة وسائل أخرى أخرى لقياس التقدم، فتح طرق وإنتاج النفط بشكل منتظم وعودة النازحين إلى ديارهم. وتملك ليبيا أكبر احتياطي مثبت من النفط الخام في إفريقيا.
وأضاف “سيستغرق الأمر وقتا. سيكون هناك فريق يريد بقاء الوضع على حاله وبالتالي يريد عرقلته. ومن المحتمل أن تكون ثمة دول أجنبية غير راضية أيضا”.
لكنه قال إن المبادئ التي اتفق عليها خلال مؤتمر كانون الثاني/يناير في ألمانيا، بدأت تؤتي ثمارها.
وختم “أنا سعيد جدا. الهيكلية التي أرسيت في برلين وجدت أخيرا طريقها إلى التطبيق”.