متفرقات
من أجل السلامة العامة..!
بقلم الصحافي خالد حميدان
خلال حملة التلقيح ضد وباء الكورونا التي تقوم بها سائر الحكومات في دول العالم، نسمع بعض أصوات النشاز التي تصدر عن مواطنين لا يعيرون أهمية لخطورة الوباء أو أنهم يرفضون الانصياع للتعليمات الأولية البسيطة التي تصدرها السلطات الصحية كغسل اليدين والابتعاد الاجتماعي وارتداء الكمامة في الأماكن العامة، أضف إلى ذلك رفضهم الخضوع لأخذ اللقاح في الوقت الذي يتسابق فيه الناس للحصول عليه. وقد أفضى البعض عن أسباب هذا الرفض بقولهم إنها ممارسة لحرية الاختيار الشخصية التي تحميها القوانين في الأنظمة الديمقراطية ويعتبرون أنفسهم أصحاب القرار: فإما يقبلون وينصاعون للتعليمات الرسمية التي ترعى الشأن العام بما في ذلك الصحة العامة وإما ينساقون لتقديراتهم الشخصية بعدم القبول ورفض كل ما يتعلق بالوباء وملحقاته من تدابير وقائية وعلاجية.
تبدو الصورة من خلال ما تقدم وكأن الأمر يُعرض بهذه البساطة كما ينظر إليه الممتنعون أو الرافضون للتدابير التي تقوم بها الحكومات للحفاظ على سلامة المواطنين. لا بل يروح البعض إلى أبعد من ذلك باتهام الهيئات الرسمية العبث بصحة الناس وحرياتهم إذا هي تشددت في مراقبة ومعالجة الإصابات الناجمة عن انتشار الوباء وكأن مايتي مليون إصابة حول العالم وأربعة ملايين من الأرواح التي قضت من جرائه، غير كافية لإقناع هؤلاء بالعودة إلى صوابهم والتقيد بما يحميهم ويحمي المجتمع الذي ينتمون إليه.
ومن المضحك المبكي تأثر هؤلاء بما يشاهدون ويسمعون على وسائل التواصل الاجتماعي من إجتهادات ومقارنات وتعليقات حول الوباء لعلماء في الطب والعلوم وبعض المتخصصين في علم الفيروسات المعدية وخلافه. والطريف بالأمر أن كلاً من هؤلاء المعلقين يقدم البراهين التي تؤكد وجهة نظره داعياً إلى عدم تصديق الآخرين بما يذاع ويشاع.
ومما لا شك فيه أن ادعاءات المجتهدين على اختلافها، خلقت بلبلة نفسية في صفوف الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي بحيث تأثرت نسبة غير قليلة، من الشباب تحديداً، بما يقدم من آراء واجتهادات وعملت بموجبها. وتبدو الصورة جلية في رفضهم التقيد بالتعليمات الصادرة عن الجهات الحكومية الرسمية.
وإذا ما نظرنا إلى هذا الواقع الماثل أمامنا يمكننا حصر أسبابه بإثنين: الرفض لتعلقه بالحرية الشخصية أو الرفض لمجرد الرفض تأثراً بأحد ادعاءات المجتهدين.
ففي كلا الحالين، نرى أنه لا يجوز التفرد بالرأي طالما أن الغالبية من الناس (ونتكلم هنا عن الملايين من مختلف الجنسيات) تتوخى الحيطة القصوى لتفادي الوقوع بعدوى الوباء وقد يكون الموت بنتيجته والمرض المضني في أقله. إن الاستهتار بطبيعة هذا المرض وعدم الرضوخ لتعليمات الجهات المسؤولة عن الصحة العامة أياً كانت الموانع، هو بحد ذاته خروج عن الإرادة المجتمعية ولا يمكن وصفه بأقل من الانحراف الأخلاقي. وإذا كان الرفض بسبب التمسك بالحرية الشخصية، نذكّر الرافضين، بكل محبة، بالمبدأ القانوني الذي يقول: تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين.. ذلك أن الامتناع عن التقيد بالتعليمات الصحية أو رفض تناول اللقاح أمران يهددان صحة الآخرين لا بل المجتمع بأسره. فهل يجوز، والحالة هذه، ترك الأمر للتقدير الشخصي أو الحرية الشخصية..؟ أضف إلى ذلك اجتناب الناس لغير متلقي اللقاح، خوفاً من العدوى، ما يربك صاحبه ويجعله محط انتقاد الآخرين له. ثم إن تدخل الحكومات في مكافحة الوباء، من تدابير وقائية وعلاجية وخلافه، ناجمٌ عن مسؤولية الدولة في حفظ أمن وسلامة المواطن، ولا يحق بالتالي الإخلال بهذه المعادلة لأي من المواطنين..
نأمل من جميع الرافضين إعادة النظر في مواقفهم وإعارة ما أوردناه آنفاً بعض الاهتمام ذلك أن سلامتهم هي من السلامة العامة وهو ما تحرص عليه الحكومات في جميع أنحاء العالم.