طفولة

متى أسمح لطفلي بالخروج وحده؟

“متى يصبح جاهزاً لمواجهة العالم؟ وهل يمكن أن أترك طفلي الصغير الذي لم يفارقني لسنوات طويلة ليمرح مع أصحابه بعيداً عن عيوني؟، كيف أتركه وكنت أخشى عليه التعرض لمشاكل الطريق، وهو معي؟ في النهاية كيف ومتى أسمح لطفلي بالخروج وحده؟

أسئلة أخرى كثيرة تدور بذهن الأمهات المحبات – جداً- لأطفالهن، يطرحنها ولا يجدن الإجابة عليها، وكأنهن غفلن ونسين أنه سوف يأتي اليوم الذي يطلب فيه الطفل الخروج والانطلاق مع أصدقائه؟.

سيدتي، الأمر طبيعي؛ لأن أطفالنا يكبرون بسرعة، والطفل وفقاً لتطوره الطبيعي يبدأ يطالب بهذا في السنوات الأولى بمرحلة المراهقة- 11-12-13 عاماً- حيث يسعى إلى تحقيق المزيد من الاستقلال والحرية عن عائلته.
اللقاء والدكتورة فاطمة الشناوي أستاذة الطب النفسي؛ للتعرف على ضمانات خروج الطفل وحده وأساسيات القبول أو الرفض، وتفاصيل أخرى قد تحتاجينها.

أول خطوة.. اتركي طفلك يستكشف العالم وحده

خروج الطفل للتنزه وحده للاستكشاف، أو الخروج وسط أصحابه، يتضمن اعترافاً ذاتياً، بانتقاله من مرحلة الطفولة إلى سنوات النضج وبدايات المراهقة.
خروج الطفل وحده بعد موافقة الوالدين، اعتراف ثانٍ بقدرة الطفل على التصرف وحده وتحمل مسؤولية نفسه لساعات بعيداً عن مظلتهم الأبوية، يقابلها إحساس أبوي بالثقة والأمان في حسن تصرف الطفل خارج المنزل.

الخروج عن المنزل فكرة تراود كل طفل تعدى العاشرة من عمره، وإن كانت تختلف من طفل لآخر، ومن أسرة لأسرة، تبعاً لطبيعة علاقاتهم الاجتماعية، وأسلوب قضاء أوقاتهم، وما تضمنه من إجازات.
رغم هذا فالأم وحدها هي التي تستطيع فقط تقييم طفلها، هل هو جاهز للتعامل مع العالم الخارجي بمفرده أم لا؟ بالإضافة إلى المكان الذي يمكن لطفلها الذهاب إليه.

ثاني خطوة.. اختبري قدرات التواصل لدى طفلك منذ الصغر

اغرسي في طفلك مبدأ الاستقلالية

غرس قيمة الاستقلالية في الطفل يبدأ من سن صغيرة في عمر الأربع سنوات، وذلك عن طريق تركه يلعب بمفرده في فناء المنزل أمام أعين والدته من بعيد، دون أن يلاحظ ذلك، وعند وصوله لسن الخمس سنوات يمكن للأم أن تتركه بمفرده في إحدى المدن الترفيهية المغلقة، وتنصحه باتباع تعليمات الأمان، وبعد وصوله لسبع سنوات يجب تركه وسط أطفال يسر بصحبتهم.

اختبري قدرات طفلك

يختلف كل طفل عن الآخر؛ والأطفال من مختلف الأعمار لديهم مستويات نضج مختلفة، قد يكون بعض الأطفال على ما يرام عند الخروج مع أصدقائهم حول الحي وهم بعمر 11 عاماً، وقد لا يكون آخرون مستعدين حتى سن 13 عاماً تقريباً، وإذا لم يتقن الطفل مهارة عبور الشارع أو أن يكون مهتماً بشكل عام، فقد لا يكون مستعداً.

درّبيه على المعاملات المالية

ولكي يكون الطفل على استعداد للخروج بمفرده بعد تخطي عمر الـ11-13 عاماً تقريباً، ويمكن دعم الطفل مادياً من خلال إعطائه نقوداً لإنفاقها في الطوارئ، أو لشراء وجبة غذائية عند شعوره بالجوع، مع ضرورة التواصل مع الأم طوال الوقت.

ثالث خطوة.. اخبريه ببعض المعلومات

يصعب على بعض الأمهات تحقيق التوازن بين السماح لأطفالهن بالاستقلال، وضمان سلامتهم خارج المنزل، حيث يأتي تخوفهن في المرتبة الأولى.

الخطوة الأولى بالسماح للطفل بالخروج لشراء بعض طلبات المنزل بمفرده، و يمكن بعدها أن يخرج للعب مع أصدقائه أو أبناء الجيران دون مرافقة أحد الكبار.

وقديماً، كان الأمهات يتركن أطفالهن يلعبون في ساحة المنزل، ويذهبن لشراء طلباتهن دون خوف أو قلق؛ أما الآن فالأمور تغيرت، أصبحت الشوارع والأماكن أكثر اتساعاً وأقل أماناً، لذا لا يُنصح بترك الأطفال دون الحادية عشرة من عمرهم بالخروج بمفردهم أبداً، وحتى بعد بلوغهم هذه السن.

وقبل السماح للطفل بالخروج بمفرده في مشوار قصير، يجب عليكِ أن تتأكدي من معرفته ببعض المعلومات الأساسية، مثل عنوان المنزل والمنطقة التي يسكن بها.
ومن الضروري أن تعلميه قواعد المرور، وكيفية عبور الطريق بسلام، وكذلك أساسيات الدفاع عن النفس، وتعليمات التعامل مع الغرباء.

رابع خطوة.. شجعي هوايات طفلك

  • عززي ثقة الطفل بنفسه صغيراً كان أو كبيراً، اغمري طفلكِ بحنانكِ وشجعيه على إنجاز المهام البسيطة، وامدحي جهوده أياً كانت النتائج، وتحدثي عنه بحب وفخر أمام الجميع.
  • افتحي حواراً معه: حتى وإن كنتِ تعتقدين أنه لا يفهمكِ، تحدثي إليه باستمرار، واشرحي له بأسلوب مبسط أن لكل فرد في الأسرة دوراً ومهام ومسؤوليات.
  • اجعليه يهتم ببعض الهوايات ويتقدم فيها، مما يبث الثقة بنفسه، واطلبي منه أن يشارك في اتخاذ بعض القرارات الأسرية، مثل: اختيار مكان النزهة الأسبوعية، وهكذا.
  • علميه المشاركة في الأعمال المنزلية: ليس بدافع العقاب أو إثقاله بمهام مملة، بل علميه أن الحفاظ على المنزل ونظافته مسؤولية جميع أفراد الأسرة.
  • وكلي إليه مهام مناسبة لسنه وقدراته البدنية، بداية من عمر السنتين، كوضع ملابسه في الغسالة، وإخراج الغسيل من الغسالة، وإعادة ألعابه إلى أماكنها.
  • خلع حذائه ووضعه في مكانه، وحددي له وقتاً لكل مهمة؛ وعلميه قيمة الوقت وأهمية الالتزام به، واجعليه يدرك أهمية الوقت ما يزيد من قدرته على تحمل المسؤولية، وترتيب أولوياته في المستقبل.

خامس الخطوات.. بثي الثقة بنفسه قبل مرحلة الخروج وحده

  • اسمحي لطفلكِ باكتشاف الأشياء من حوله، بعد تأمين البيئة المحيطة به، وإبعاد الأدوات الحادة والمؤذية عن متناول يديه.
  • اتركيه يتناول طعامه بمفرده، ويختار ملابسه بنفسه، وكلما كبر، عليكِ تكليفه بمهام جديدة تناسبه.
  • شجعيه دون مكافآت مادية على إنجاز المهام المكلف بها، ولكن تجنبي تقديم المكافآت والحلوى له، مقابل إنجازه تلك المهام.
  • الدافع لإنجاز المهام يجب أن يكون شعوره بالمسؤولية، وبدوره المهم في الأسرة، وليس للحصول على المكافأة في النهاية، حتى لا ينتظر مقابلاً لكل ما يفعله.
  • لا تنسي أن طريقتكِ في توجيه المهام لطفلكِ لها دور كبير في استقباله لها بصدر رحب، انزلي إلى مستواه، وحدثيه بصوت هادئ، ووجهي له الكلام والمسؤولية بتعليمات واضحة.
  • استخدام كلمات: “من فضلك” و”شكراً”، تحثه على أن يستخدمها هو الآخر لاحقاً، وأشركيه في أنشطة اجتماعية مختلفة.
  • كلما بدأتِ في تعليم الطفل تحمل المسؤولية في سن مبكرة، سينعكس ذلك على شخصيته في المستقبل.
  • في البداية ستبذلين جهداً كبيراً لتوجيهه، وغرس روح المسؤولية فيه منذ صغره، لكنك ستجنين ثمار تعبكِ معه عندما يكبر ليصبح مسؤولاً ويُعتمد عليه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى