“المنبّه” يرصد متاعب وتحدّيات الإعلاميين في لبنان
مخاطر ومعاناة بحثًا عن الخبر والموضوعية (ج2)
تحقيق منى حسن -“المنبّه” – بيروت
ناتالي المرّ: دمار مقرّ وزارة الخارجية أعاق تغطيتنا لزيارة المسؤولين العرب والأجانب
ناتالي المرّ صحافية وكاتبة وخبيرة في الشؤون الدبلوماسية ومعتمدة لدى وزارة الخارجية، هنّأت أسرة موقع “المنبّه” وقالت: “أتمنى لموقع المنبّه انطلاقة تبشّر بالمزيد من التقدّم ليكون إضافة للعمل الالكتروني. كل التمنيات بالنجاح للزملاء العاملين في الموقع وتحية كبيرة للزميلة النشيطة منى حسن.”
وعن الصعوبات التي تعاني منها كصحافية قالت المر: “التواصل مع مصادر الخبر ربما يكون الكترونيًا أو هاتفيًا أسهل من التواصل حضوريًا، وبالتالي هذا التواصل لم ينقطع في ظل جائحة كورونا لا بل ما يزال على نقس الوتيرة.
أما وجودي كمعتمدة في وزراة الخارجية فتأئر بشكل كبير جدًا أكان ذلك بسبب جائحة كورونا أو جرّاء انفجار بيروت حيث دُمر قصر بسترس الذي هو مقر وزارة الخارجية والمكاتب التابعة لها بشكل كبير. فلذا أصبح عملنا صعبًا بل متعذّرًا جدًا بحكم غياب كل وسائل العمل التي كانت متاحة من قبل وبالتالي فإن تغطيتنا لزيارة المسؤولين العرب والأجانب بعد انفجار المرفأ لتقديم المساعدات كانت تغطية تشوبها الكثير من المصاعب. وبتأثير انتشار كورونا بين عدد من موظفي وزارة الخارجية وحتى إصابة الوزير نفسه، أصبح تردّدنا إلى مقرّ الوزارة نادرًا جدًا كما أصبح عملنا من البيت أقلّ فعالية لغياب شبكة معلومات الكترونية يمكن أن تمدّنا بالمعلومات المتوخاة لكل صحافي.”
ميساء عبد الخالق: نعيش ضبابية في المشهد وشحّ في المعلومات ونشعر بالإحباط
الإعلامية ميساء عبد الخالق، محلّلة سياسية في تلفزيون “BBC” العربي، ومراسلة وكالة الأنباء القطرية، قالت: “الصعوبات التي نعاني منها كإعلاميين في المرحلة الراهنة هي (الضبابية في المشهد) والشّحّ في المعلومات. نعيش كل يوم على الفكرة نفسها. فعلى سيبل المثال لا الحصر مسار تشكيل الحكومة (العقدة هي ذاتها). من هنا فإننا نحتار في إيجاد أي أفكار جديدة للعمل عليها. حتى المصادرالتي نعتمد عليها قد لا يعرف أصحابها الأجواء، لذلك نحن نعيش نوعًا من (الأحباط ) بسبب الضبابية في التعاطي في كافة الأمور المهمة، خاصة وأن المبادرة الفرنسية تتعطّل.”
وأضافت عبد الخالق: “انفجار المرفأ كانت له تأثيراته السلبية على حياتنا في ظل الخراب والدمار الذي لحق بمدينة بيروت والشهداء والجرحى الذين كانوا الضحية. من هنا نحن كصحافيبن نبقى حريصين على أن ننقل الخبر بدقة ولكننا نعاني أيضًا من الواقع المرير الذي يمرّ فيه بلدنا وبالتالي نحن أكثر الناس توجّسًا من المستقبل ونقدرمعاناة الشعب اللبناني في ظل انهيار الوضع الاقتصادي والوضع الصحي.”
نورما أبو زيد: ثمّة إعلاميون من “الزقّيفة” ساهموا في ما وصلنا إليه وبنوا ممالك مالية
أمّا مديرة تحرير موقع “الرقيب” الإعلامية نورما أبو زيد فقد أكدّت لنا أنه “في المطلق ما من معوّقات تعترض عمل الصحافي في لبنان باستثناء حق الوصول إلى المعلومات الذي يخضع لاستنسابية كبيرة تمنع الصحافي من الوصول إلى مبتغاه وكذلك المواطن. وفي ما عدا ذلك هناك الكثير من الحرية في لبنان، وهذه الحرية تلامس أحيانًا حدود الفلتان اللامسؤول.
ثمّة حواجز حزبية تعترضنا بالدرجة الأولى كمواطنين في إدارات الدولة، بحيث يمكن لأي سياسي تافه أو لأي شبه سياسي أن ينصب لك حاجزًا في إدارات الدولة يمنعك بناءً على خلفيات حزبية بحتة من إتمام معاملاتك، وما يتعرّض له المواطن العادي في هذا الإطار يتعرّض له الصحافي بشكل مبالغ به في حال كانت لديه معاملات خاصة في إحدى إدارات الدولة بحيث ينكّل به على خلفية المواقف التي يكون قد اتّخذها في الإعلام. وبشكلٍ عام فسحة الأمل أمام الجميع وليس أمام الصحافيين حصرًا تضيق يوميًا. فالفساد المالي والسياسي الذي نخر البلد على مدى 30 عامًا أوصلنا إلى ما نحن عليه، وثمّة إعلاميون من “الزقّيفة” ساهموا في ما وصلنا إليه وبنوا ممالك مالية.”
دوللي بشعلاني: أشعر أنَّني أمام أحجية يصعب حلّها أو داخل نفق مظلم لا أعلم متى وكيف الخروج منه
الإعلامية دوللي بشعلاني كاتبة ومحلّلة سياسية ودبلوملسية في جريدة الديار قالت: “أواجه صعوبات عدّة في المرحلة الراهنة كصحافية وكمواطنة لبنانية على الصعد كافة، مثل أي مواطن آخر. فالوضع العام ككلّ في البلاد غير مستقرّ ما يجعلني أشعر أنَّني أمام أحجية يصعب حلّها، أو داخل نفق مظلم لا أعلم متى وكيف الخروج منه.
ولا يُخفى على أحد ما يُعانيه لبنان حاليًا من أزمات كثيرة تنعكس سلبًا على حياة المواطنين والموظفين والصحافيين والإعلاميين والعاملين في جميع القطاعات:
1-الوضع السياسي المجمّد بفعل حكومة تصريف الأعمال وعدم توافق السياسيين على تشكيل حكومة مهمّة تعمل على تحقيق الإصلاحات المطلوبة وعلى إنقاذ لبنان من المشاكل المتفاقمة التي يعاني منها.
2-الوضع الاقتصادي المتردّي، والوضع المالي والنقدي المتدهور بفعل الارتفاع الجنوني لسعر الدولار وانهيار قيمة الليرة اللبنانية. والمضحك المبكي أنه هناك ٣ أسعار للدولار الواحد، فهو يُحتسب ١٥١٥ ل.ل. بالنسبة لرواتب الصحافيين والموظّفين في جميع القطاعات، وتعطيه المصارف من حسابات مودعيها بسعر ٣٩٠٠ ل.ل. فيما يتمّ بيع وشراء المواد الغذائية والطبية والاحتياجات المعيشية اليومية وفق سعر السوق السوداء بسعر ٧٥٠٠ ل.ل. وهذا الأمر وحده كفيل بأن يجعل المواطن اللبناني يشعر بأنه يعيش في دوَّامة غير مسبوقة.
3-الوضع الصحّي العام لا سيما وباء كورونا الذي يجتاح العالم والذي تتزايد أعداد الإصابة به في لبنان بشكل كبير، وقد وصل إلى نحو ألف إصابة كحدّ أقصى يوميًا، الأمر الذي يقيّد المواطن من عيش الحياة الطبيعية ومن مزاولة أكثر من عمل ليتمكّن من كفاية احتياجات عائلته، على ما كان يفعل قبل انتشار كوفيد ١٩.
4-أضاف انفجار مرفأ بيروت في ٤ آب المنصرم كارثة جديدة على المشاكل المذكورة لا سيما بالنسبة لسكّان المناطق المحيطة بالمرفأ، من الصيفي والجميزة ومار مخايل، إلى الأشرفية وسواها إذ تهدّمت المؤسسات والشركات والأديرة والكنائس والأبنية ومنازل الكثيرين، ومنهم الصحافيون، ما يستلزم مبالغ طائلة لإصلاحها ووقتًا طويلًا لتعود كما كانت قبل الانفجار.
كلّ حالات الإنهيار هذه تؤثّر سلبًا على وضع الصحافيين الحياتي والمالي والمعيشي والاجتماعي، وتجعل الأفق مسدودًا والمستقبل غامضًا، وقد لا يُمكنهم الاستمرار بالعيش لولا التحلّي بالإيمان والصبر والأمل.”