قصة النساء المستعبدات اللواتي جلبن زراعة الأرز إلى أمريكا
قبيل الثورة الأمريكية، نزلت امرأة مغمورة ربما لن يتسنى لي معرفة اسمها قط، من سفينة في ميناء تشارلستون بولاية ساوث كارولاينا، وذهبت إلى أحد حقول الأرز. كانت هذه المرأة تنتمي لقبيلة ميندي في سيراليون، وحُفرت على ظهرها الأحرف الأربعة التي ترمز لعبارة “الشركة الأفريقية الملكية بإنجلترا” عن طريق الكيّ.
وكانت السفينة التي تقلها قادمة من ليفربول أو من لندن وشقت عباب البحر بمحاذاة ساحل غينيا. وتوقفت عند جزيرة برونس في مصب سيراليون، حيث تزودت بالإمدادات وحُملت بشحنة من “أفضل الرقيق الأصحاء” لبيعهم في مزاد على ظهر السفينة أو في رصيف الميناء عندما تصل السفينة إلى وجهتها، منطقة “لو كانتري”، وهي منطقة منخفضة مليئة بالمستنقعات جنوبي ولاية ساوث كارولاينا.
إن رحلة الأرز إلى الولايات المتحدة هي رحلة شعوب نهضت على أكتافها وبخبرتها زراعة الأرز في الولايات المتحدة. ففي الفترة بين عامي 1750 و1775، اختُطف أكثر من 50 ألف عبد أفريقي مما عرف بساحل الأرز، أي المنطقة التي يزرع فيها الأرز بين غينيا وغينيا بيساو وغربي ساحل العاج، من حيث ينحدر بعض أسلافي الأفارقة، وأصبح قلب هذه المنطقة الآن في سيراليون وليبيريا.
ونظرا لأن الأرز لم يكن من النباتات المحلية في الأمريكيتين وكان أصحاب المزارع هناك حديثي العهد بزراعته، فقد نُقل الرقيق للعمل في الزراعة وتربية الحيوانات لتوفير الغذاء لسكان السواحل الشرقية للولايات المتحدة، وبريطانيا، وأجزاء عديدة من المستعمرات البريطانية في منطقة الكاريبي.
وقد كان الأرز رافداً قوياً للاقتصاد في الولايات الأمريكية الجنوبية قبل اندلاع الحرب الأهلية، وربما لا يقل أهمية عن القطن، إذ أسهم في تحويل مقاطعة تشارلستون، وسافانا لاحقاً، إلى موانئ عالمية مزدهرة.