السنيورة أكد انه من مصلحتنا الابتعاد عن سياسة المحاور: “بلبنان مِنتدَعوَس”
دعا رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة في حديث صحفي إلى “العودة إلى الحقائق الأساسية، والتي تتمثل باحترام الدستور ومصالح لبنان. لأنّه منذ العام 2011 غادرنا إدراكنا لمصالحنا في المنطقة واتخذنا مساراً جعلنا في حال تصادم بيننا وبين الدول العربية، وما نمرّ به على كل الصعد هو نتيجة الممارسة التي عهدناها منذ الـ2011 الى الآن. فالنمو الاقتصادي انخفض من 9 % إلى درجات تحت الصفر. العجز في الموازنة والخزينة يحلّق. ميزان المدفوعات بدل ان يكون فائضاً كل الوقت اصبح سلبياً كل الوقت”. وسأل “أكنّا عرباً أم ايرانيين، هل نريد ان نكون على “ممرات الأفيال الكبرى” ضمن لعبة الأمم؟ “بيدعوسونا. وبلبنان مِنتدَعوَس”.
ورأى انه “يجب إدراك مصلحة لبنان وموقعه ودوره. مصلحتنا أن نكون بعيدين عن سياسة المحاور، حريصون على التضامن العربي، نحترم وثيقة الوفاق الوطني، ونربَأ عن الدخول كفريق في أيّ صراعات وتحويل لبنان ساحة للمعارك، أكانت هذه المعارك إقليمية أو دولية”.
ونبّه السنيورة إلى أنّ دعوته إلى “تحييد” لبنان استناداً الى ما تم الاتفاق عليه في اعلان بعبدا تختلف عن “الحياد” الذي ينادي به البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ولو أنّه يؤيّده بالعمق. فالتحييد يسهل الوصول إليه، فيما الحياد مسألة تراكمية تتطلّب عملاً طويلاً ودؤوباً وموافقة العالم أجمع على حياد لبنان، ومثالنا على ذلك سويسرا”.
في الملف الحكومي، شدد على ضرورة العودة إلى الدولة. وقال: “الدولة اللبنانية اليوم مخطوفة من قبل “حزب الله” والحزب يتلطّى خلف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لعدم تأليف حكومة، وهمّه ابقاء لبنان مصدر وجع، على غرار ما يحصل في اليمن والعراق، لأنه يستعمله مادة لتعزيز القدرة التفاوضية لايران في المفاوضات الجارية مع اميركا. من هنا نحن في ازمة وجودية، وهذا الامر يتطلب موقفاً وطنياً لبنانياً”.
واعتبر انّ “التفاهم بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري جيد للمصلحة الوطنية اللبنانية وبما يحترم الدستور اللبناني”، مشدداً في الوقت نفسه على ان “موقف الحريري يستند إلى أحكام الدستور. اي أن رئيس الحكومة هو الذي يؤلّف، ولكن يحق لرئيس الجمهورية أن يسأل ويعطي رأيه في اي وزير من الوزراء ولكن هذا لا يسحب من رئيس الحكومة حق التأليف”، معتبرا أنه “عندما تسود النوايا الحسنة يستطيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف ان يتواصلا للوصول إلى تركيبة حكومية”. وأضاف “في غمرة هذه التصريحات نضيّع البوصلة. هناك مشكلة سادت على مدى سنوات، تتجسد بما سُمي حكومات الوحدة الوطنية التي كانت تتألف لترضي السياسيين. هذه الحكومات خرّبت النظام الديمقراطي وأصبحت الحكومة انعكاساً لتركيبة المجلس النيابي”.
وأوضح السنيورة ان “النظام الديمقراطي مبني على قاعدة أساسية ان هناك أكثرية تحكم وأقلية تعارض، وهذه الأقلية تصوّب عمل الحكومة. ووجود أقلية تعارض أمر مهم جداً، فهذه الأقلية تسعى لقلب الحكومة وتصبح هي السلطة، وهذا الأمر كان مفقوداً كلياً في السنوات الماضية وباتت الحكومات انعكاساً لتركيبة المجلس، ففقدنا إجراءً مهماً ألا وهو مراقبة عمل الحكومة. وتحولت الحكومة إلى حكومة “الفيتوات المتبادلة” وبالتالي “المقايضات المتبادلة”. فيما الحكومة ليست مكاناً للفيتوات بل مكان لاتخاذ القرارات”. وأكد ان “تسلّط ايران على باقي الدول العربية لا يمكن أن يستمر. ومهما توسع نفوذ “حزب الله” لا بد من نهاية. اليوم نحتاج إلى حل. كل شيء غير طبيعي لا يُكتب له العيش”.
وذكّر بالأخطاء الكبيرة التي ارتُكبت، وخصوصاً لجهة انتخاب عون لرئاسة الجمهورية، ولجهة إقرار قانون انتخابي يشد العصبيات الطائفية، مجدداً الدعوة إلى العودة إلى الدولة. وقال: “اذا كنا لا نستطيع الآن ان نغيّر، لا يجب ان نسلّم ونستسلم”. وأسف لأنّ “هناك من يخضع لسياسة الإلهاء التي يعتمدها البعض، وصرف الناس إلى تأمين معيشتهم وخبزهم، فيما تُعتبر هذه المظاهر هامشية أمام أساس المشكلة، ألا وهي ان الدولة مخطوفة، وبوجود سلاح غير شرعي، وخرق مستمر للدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني”.
من جهة أخرى، أوضِح اننا لم نصل بعد الى “الارتطام الكبير”. لذا، “يجب التركيز على كيفية تقويم البوصلة بالاتجاه الصحيح للخروج من المأزق. لا احد يتوهّم انه بمقدورنا خلال 24 ساعة الانتقال من مرحلة الظلام الدامس إلى مرحلة الضياء الكامل، لكن يجب وضع البلد على المسار الصحيح، وهذا لم يحصل بعد. أضَعنا العديد من الفرص الانقاذية. في مؤتمر أصدقاء لبنان 1996، وباريس 1، وباريس 2، وباريس 3، ومؤتمر ستوكهولم، ومؤتمر فيينا، ومؤتمر سيدر، قطار الإصلاح أتى وأطلق صفاراته وانتظرنا طويلاً على امل ان يخرج لبنان ويقرر المضي في الإصلاح، لكننا لم نفعل”. وقال: “وصلنا الى مرحلة تحتاج الى حلول جذرية. وعبر المواجهة السلمية وبموقف وطني وجبهة معارِضة عابرة لحدود الطوائف والمناطق نحقّق الهدف. هناك محاولات وينبغي ان تكون. فلا المسيحي يريد أن يسكن في مربّعه الطائفي ولا المسلم أيضاً”.