أخبار دولية
عكس التوقعات.. لماذا تراجع الصوت الكردي في انتخابات تركيا؟
على عكس ما كان متوقعا، فإن حزب اليسار الأخضر وريث حزب الشعوب الديمقراطي ذي الغالبية الكردية، الذي قاد تحالف العمل والحرية الانتخابي مع مجموعة من الأحزاب اليسارية التركية، تراجع عدد أصواته وبالتالي مقاعده البرلمانية قياسا بانتخابات عام 2018 .
فاليسار الأخضر كامتداد للشعوب الديمقراطي، يمثل الحزب الأكثر استقطابا للصوت الكردي في البلاد، والذي يشكل نحو 20 بالمئة من مجموع الكتلة الانتخابية، حصد نسبة أقل من 9 بالمئة بعدد أصوات بلغ قرابة 4 ملايين و575 ألف، بواقع 62 مقعدا، بعد أن بلغت نسبة ما حصده في انتخابات 2018 نحو 12 بالمئة وبعدد أصوات بلغ قرابة 5 ملايين و868 ألف وبواقع 67 مقعدا .
أي أن الحزب تراجع بنسبة 3 في المئة بواقع نحو مليون و300 ألف صوت، فاقدا بذلك 5 مقاعد برلمانية، بدلا من زيادة نسبة أصواته ومقاعده، لدرجة أن أوساط الحزب كلنت تتحدث إبان الدعاية الانتخابية عن أنه سيتمكن من حصد 100 مقعد برلماني، وهو ما لم يتحقق، وهو ما يشكل وفق المراقبين فشلا واضحا .
والذين يرون أن النتائج عكست بصورة عامة بقاء خارطة توزع الصوت الكردي على حالها تقريبا، والمنقسمة ما بين تيار قومي علماني ويساري، وآخر ديني محافظ .
لماذا تراجع الصوت الكردي؟
يقول الباحث والخبير بالشؤون التركية جمال أريز، في حديث لموقع سكاي نيوز عربية :
لا شك هذا التراجع النسبي لم يكن متوقعا بالنظر لطبيعة التحولات التي طرأت على طبيعة الوضع الداخلي التركي، على وقع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بفعل سياسات الحكومة وهو ما فاقمته كارثة الزلزال.
فالأكراد كان يعول على دورهم في إقصاء أردوغان هذه المرة وترجيح كفة كلشيدار أوغلو وهو ما لم يحسم بانتظار الجولة الثانية، وأحد أسبابه الأبرز الانقسام التقليدي في الصوت الكردي، ما بين حزب الشعوب وحزب العدالة والتنمية الحاكم.
حيث لا بد من الاعتراف بإن ثمة قطاعات كبيرة من المحافظين والمتأثرين بالدعاية الدينية للحزب الحاكم وحلفائه كحزب هدى بار الكردي الإسلامي، تصوت لأردوغان وبنسب لا تقل عن ثلث الصوت الانتخابي الكردي، ولهذا فالعدالة والتنمية يحتل عامة المرتبة الثانية في حصد أصوات الولايات ذات الغالبية الكردية والبالغ عددها 15، بل ويتصدر عددا من تلك الولايات كما أظهرت النتائج .
صحيح أن حزب اليسار الأخضر هو الأول في المناطق الكردية، لكن هذا لا يعفي أنه قد تراجعت أصواته وأن ثمة عوامل موضوعية وذاتية وراء ذلك، أبرزها حملات القمع والتضييق الواسعة بحقه حيث يقبع آلاف من قياداته وأعضاءه ومناصريه في السجون وعلى رأسهم زعيمه السابق صلاح الدين دميرتاش، وهو ما ينعكس سلبا على أداء الحزب الانتخابي سياسيا وتنظيميا وتحشيديا .
فضلا عن أن دعمه لكليشدار أوغلو واجه بعض المعارضة في أوساط قواعده الانتخابية، بالنظر لعدم وجود رؤية واضحة ومتكاملة من قبل تحالف الأمة الذي يقوده حزب الشعب الجمهوري، لمعالجة المسألة الكردية وفق رأي أولئك المعارضين، فيما يرى آخرون أن فوز مرشح المعارضة هو بحد ذاته يخدم حل القضية الكردية .
على حزب الشعوب وعلى التيار القومي والديمقراطي الكردي عامة في تركيا، ممارسة النقد الذاتي والاقرار بوجود أخطاء فكرية وسياسية وتنظيمية كبيرة بحاجة لمعالجتها، تفاديا لتراجعات أكبر، ومن المهم البدء منذ الآن بذلك حيث أن جولة الاعادة تقترب، وعلى الحزب اثبات فعلا أنه صانع ملوك كما سمي قبيل هذه الانتخابات، عبر تغليب كفة المرشح الذي يدعمه وهو كليجدار أوغلو في مواجهة 28 مايو الحاسمة.
هذا ويتركز الصوت الكردي في الولايات ذات الغالبية الكردية في جنوب وشرقي البلاد مثل ديار بكر ووان وماردين وباتمان وشرناخ، فضلا عن وجود ملايين الأصوات الكردية في كبريات المدن التركية مثل إسطنبول وأنقرة وأزمير .