ها قد علت الزغاريد ابتهاجًا بالخبر السعيد!
فقد دُحِر الانتداب وأخرج آخر جنديّ أجنيّ من أرض لبنان!
كم كانت الفرحة كبيرة وكم حلم معها المواطن اللبناني أن ينعم بسلام وأمان واستقلال!
كم دغدغت أحلامه تلك الأماني بالعيش الرغيد، والمساواة والحرية بعد نيل الحرية!
مرّت الأعوام، وتتالت الاحتلالات للبنان وتعاقب المجرمون السفاحون على قتل الشعب اللبناني، واغتصاب الاستقلال، ألف مرّة!
هاجر الكثيرون وتركوا خلفهم أبواب الأمل مفتوحة.
سنعود يومًا همسوا ورحلوا.
مئات الأعوام مرّت على رحيلهم والوطن ينتظر عودتهم، وتنتظر الموانىء أيادٍ تلوّح بالمناديل للعائدين من البعيد.
كيف قتلوا الحلم؟
من اغتال الاستقلال ؟ أهو هذا الشعب المسكين الذي يتمسك بزعيمه ظنًّا منه أنه يحميه وعائلته؟! أم هو النظام الطائفي الذي يقتل كل شيء جميل داخل كل مواطن يحلم بوطن يكون له الملجأ الآمن؟!
كان لبنان قاب قوسين أو أدنى أن ينفض غبار الذلّ عن جبينه وأن يكسر قيود الظلم والطغيان لكن لم يرق للغربان أن يستفيق طائر الفينيق، طعنوه بخناجر الحقد والظلم، قلّموا أظافره وقصّوا جناحيه وكمّوا فمه فلا صوت له في أروقة الملوك يصدح!
اليوم نستذكر الاستقلال المنهوب والمسلوب والمقهور والمقتول والمنهك! لا فرحة ولا أعياد وكيف لبيروت أن تفرح وقد اغتالوها ومحوا البسمة من شفاهها؟ بيروت المدمّرة أعادت لنا ذاكرة الحرب الأهلية والاجتياح الإسرائيلي، ومواطنين مشرّدين داخل وطنهم.
أطفال تبكي آباءها، عيون فارغة من كل شيء إلّا الخوف والدمع!
أياد ممدودة نحو السماء ترجو خلاصًا، وشيوخ تئنّ قهرًا!
يا الله متى الخلاص؟ متى تقرع أجراس الاستقلال؟ ويرحل عن لبنان كل الملوك والحكام الفاسدين وأزلامهم الرعاديد كي يعود لبنان لبنان ؟!!