منوّعات

حفتر يقترح حلولا مستدامة لأزمة المهاجرين الأفارقة

بقلم د. أكرم حمدان

إن تصاعد وتيرة الهجرة غير الشرعية كظاهرة يعود إلى الظروف السياسية والأمنية والإقتصادية المتدهورة والخطيرة التي عرفتها مناطق كبرى من دول العالم الثالث.

وتعتبر منطقة شمال إفريقيا من الأماكن المهمة التي تنتشر فيها هذه الظاهرة، التي تؤثر بشكل سلبي كبير في ميدان التنمية ﺑﺄشكالها المختلفة، فإشكالية الهجرة والتنمية هي من أولويات السياسات التنموية لدول شمال إفريقيا، خصوصاً في ظل التباين الواضح في وتيرة التنمية بين الدول لجهة السياسات ومشاريع التعاون من أجل تنمية إقتصادية وإجتماعية تكفل الحّد من أسباب الهجرة غير الشرعية في المنطقة.

والهجرة غير الشرعية هي الدخول إلى دولة بطريقة غير قانونية، أو البقاء في بلد ما بطريقة غير قانونية أو الدخول بشكل قانوني وعدم الخروج ضمن المدة المحددة والمسموح بها للبقاء من الناحية القانونية.

لا شك أن من بين القضايا التي يعاني منها العديد من الدول العربية،وتحديداً الأفريقية،أزمة أومشكلة المهاجرين التي يصعب على طرف أو جهة واحدة التعامل معها وحلها بمعزل عن الآخرين،والتي تزداد حدة كلما إرتفعت وتيرة الأحداث ، خصوصاً في المناطق الحدودية بين الدول التي تُعاني من مشكلات وتوترات، إقتصادية وإجتماعية وأمنية.

وملف مكافحة الهجرة غيرالنظامية،كان محور الإتفاق الذي تم الإعلان عنه مؤخراً بين ليبيا وتونس بعد إجتماع مشترك بين وزيري الداخلية في البلدين،حيث إتفق الطرفان على ضرورة مزيد من التنسيق والتعاون الثنائي في المجال الأمني،خاصّة في مجال تبادل المعلومات،والتكوين،ومكافحة الجريمة المنظمة.

كذلك،تم البحث والإتفاق على سبل تذليل الصعوبات،بغية تسهيل الخدمات المسداة بالمعبرالحدودي رأس أجدير.

ووفق المعلومات، فقد تم التركيزعلى أهمية متابعة ملف المهاجرين الأفارقة من دول الساحل وجنوب الصحراء،لما له من تداعيات على كل من تونس وليبيا،والحدّ من تدفقهم على الحدود،الأمرالذي يحتّم تضافرالجهود والتنسيق المشترك لإيجاد الحلول الكفيلة التي من شأنها مراعاة المصلحة العليا للبلدين، ودعوة المنظمات الدولية إلى دعم مجهود الدولة والهلال الأحمرفي تونس وليبيا، في تقديم الدعم الإنساني، وعدم التردّد في القيام بواجبها تجاه المهاجرين والإحاطة بهم.

كذلك،تمّ الإتفاق على تشكيل فريق ميداني مشترك يُعنى بمراقبة سيرالحركة بالمعبر الحدودي رأس جدير، ورفع المقترحات الجديّة بكلّ المسائل المتعلّقة به،بغرض تطبيقها على أرض الواقع لتيسيرمرورالمسافرين من الجانبين، وتدعيم عمل اللجنة الأمنية المشتركة الدائمة، ومواصلة عقد الجلسات التنسيقية المشتركة، لتوطيد إضافي للعلاقات الثنائية،والدفع بها إلى أرقى المستويات.

هذا الإتفاق، شرع الأبواب على ضرورة وضع اليد على هذه المشكلة وإيجاد الحلول الدائمة والمستدامة لها ،كما طالب ويقترح الدكتورالصديق خليفة حفتر،لأنه لا يجوز ولا يُمكن أن تُحل هذه المشكلة بدون تعاون وتنسيق بين مختلف الأطراف المعنية، بدءً من منظمات الأمم المتحدة المعنية،مروراً بكل الدول الغربية التي ترفع شعارات حماية حقوق الإنسان، وصولاً إلى الدول المعنية وشعوبها التي تُخاطر بحياتها من أجل حياة أفضل .

ويعتبر الدكتور حفتر أن الهجرة غير الشرعية عبر ليبيا، هي مشكلة مركبة حيث ينظر المواطن الأفريقي إلى الدول الغربية المتطورة والمتقدمة على أنها الجنة، وبالتالي فهو يسعى للوصول إليها بأي طريقة،ومن الخطأ أن ينظرالعالم الغربي إلى هذه المسألة ويتعامل معها على قاعدة إعادة توطين هؤلاء المهاجرين في شمال أفريقيا وهي المحطة الأخيرة بينهم وبين المنطقة.

ويرى الدكتور أن هذه المشكلة سوف تتفاقم أكثر مما هي عليه الآن، وأن الحل يكون من خلال حلول جذرية وإصلاحات في بلدانهم،حيث يمكن لهم العيش بمستوى حياة كريمة،فهؤلاء وصلوا إلى قناعة بأن نهايتهم في هذا البحر وما زالوا يتدفقون بالآلاف،فهم ينظرون إلى أوروبا على أنها الجنة، وتصبح المعادلة إما الموت أوالدخول إلى الجنة، وهذه معادلة صعبة جداً، وكل الحلول التي عُرضت لحل مشكلة الهجرة غيرالشرعية ليست سوى مسكنات وليست جدية وإنما مؤقتة ومرحلية وبالتالي سوف ينتج عنها مشكلة أكبر وأعمق مما نحن فيه الآن،لأن البلدان التي يطرحون توطينهم فيها في شمال أفريقيا تُعاني من مشاكل إقتصادية وإجتماعية وصحية وأمنية وتعليمية متعددة ،فليبيا ومصروتونس والجزائروالمغرب تعتبر محطات عبورإلى أوروبا وأصبحت ليبيا من الأكبرعدداً في هذا المجال وهذا الأمر يحتاج إلى جهد كبير.

ويقول بأنه في حال كان في مركز القرار والمسؤولية سيعمل مع الأصدقاء في أوروبا لإيجاد الحلول الإيجابية التي تحفظ للأفارقة كرامتهم وإنسانيتهم من خلال تأمين سبل العيش الطبيعية لأي إنسان ، والتي تنطلق من حماية قيمة الإنسان قبل أي شيء آخر، سواء ذهب إلى أوروبا أو بقي في أفريقيا،لأن الأهم أن لا يغرق في البحر.

ومن المفترض أن يمنع الإتفاق التونسي –الليبي ، تدفق أي مهاجرسيصل إلى الحدود مستقبلاً، سواء من الجانب الليبي أوالتونسي.

ووثق العديد من وسائل الإعلام شهادات من مهاجرين ومن حرس الحدود الليبي ومن المنظمات غيرالحكومية تؤكد أن 350 شخصًا (بما في ذلك 12 إمرأة حاملاً و65 طفلاً) كانواعالقين في رأس جدير.

وتبذل ليبيا جهدًا كبيرًا للتعامل مع أكثر من 600 ألف مهاجرموجودين على أراضيها، وتقدم إليهم ما أمكن من المياه والغذاء عبرالهلال الأحمرالليبي.

وتتزايد معدلات البطالة في أفريقبا بشكل مقلق حيث وصلت في بعص البلدان إلى أكثر من 40 في المئة في ظل تراجع متوسط النموالسنوي في القارة من 4.1 في المئة في 2021 إلى 3.3 في المئة في 2022، وذلك بسبب جائحة كورونا وموجات الجفاف الناجمة عن التغيرالمناخي، إضافة إلى تداعيات الإرهاب والحروب الأهلية والتحولات السياسية في معظم البلدان الأفريقية.

ويرجح بعض الخبراء أن الصعوبات الإقتصادية في أفريقيا ولا سيما الإنعكاسات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية وتعطل إمدادات الحبوب والطاقة، والإنخفاض الكبير في أسعار صرف العديد من العملات الأفريقية بعد رفع الإحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة،والظروف المناخية السيئة في العديد من البلدان الأفريقية وخاصة في شرق أفريقيا والتي تسببت في فشل المحاصيل وأدت بالتالي إلى نقص الغذاء وزيادة الأسعار، كل هذه العوامل ربما جعلت الهجرة والتفكير فيها من الوسائل التي يسعى الكثير من الأفارقة من خلالها إلى تغيير واقعهم والبحث عن الأفضل.

ويعتبر الدكتور حفتر من القلائل الذين يطرحون تصوراً لحل هذه المشكلة المزمنة في شمال أفريقيا، إنطلاقاً من منطق إنساني بحت بعيداً عن الحسابات، لأن المهم بالنسبة له هو قيمة الإنسان وكرامته.

فالدكتورفي القانون الدولي وصاحب الشخصية القوية وحامل أحلام شباب ليبيا، يُفضل العمل والإنجاز، من خلال المشاريع الناشئة وبرامج التنمية الإقتصادية والإجتماعية،بعيدًا عن ساحات المعارك ودوي الرصاص.

فهو يحمل تصورًا متكاملا ً لحل مشكلة الهجرة .

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى