جاليات

“الرب يراني” للمخرج طوني نعمة ينقل الروحانية المارونية الاصيلة لمشاهديه في مونتريال كندا وبعروض متتالية في المقاطعات الكندية

غصّت سينما guzzo في مونتريال بجمهور أقلّ ما يقال عنه متعطّش لمشاهدة الافلام العربية لاسيما منها اللبنانية التاريخية الدينية، فبعد فيلم “مورين” ها هو فيلم “الرب يراني” للمخرج طوني نعمة يحصد الكثير من الانبهار في العروض التي بدأت في مونتريال وستكمل في العديد من المقاطعات الكندية، اولا لانه عمل وطني بامتياز وثانيا لانه أُنجز تكريماً لسيرة الراهب اللبناني الماروني الطوباوي الأخ أسطفان نعمة، وهو العمل الاول لسيرة حياته بالتصوير السينمائي.

والفيلم الذي حرصت مؤسسة ومديرة مهرجان السينما اللبنانية في كندا والولايات المتحدة الاميركية هاي لاف حدشيتي ان تجمع حوله أكبر كوكبة من اللبنانيين والعرب لانه من صميم روحانياتنا وبلادنا الام مستوحى من كتابين: الأوّل كتاب ”إبن الضيعة” للأب يوسف خشان الراهب اللبناني الماروني والثاني كتاب “في أثر الأخ إسطفان نعمه” للأب ايلي قزي الراهب اللبناني الماروني وتدور احداثه التي تستغرق 90 دقيقة حول سيرة القديس اللحفدي اسطفان نعمة الاخ الذي يعاني من التهاب العصب الوركي المؤلم والذي ترك بيته الوالدي ليلتحق بدير كفيفان ناذرا نفسه لخدمة الرب واخيه الانسان.

تبدأ القصة مع طلب الوالدة من ابنها أن يعدها بالتزامه الدائم بالكنيسة وبيسوع ومن ثم موت الوالد الذي كان يشكّل الدعم الكبير لعائلته مرورا بدخول الابن الاصغر اسطفان الدير حيث بات مصدر ثقة كل اخوته الرهبان، اما اللافت فهو الاضاءة التاريخية على حقبة الحكم العثماني والمجاعة التي ضربت لبنان وراح ضحيتها الآلاف من الناس كما  الدور الذي لعبته الاديرة في حمايتهم وتأمين الغذاء لهم.

ويتميز العمل بكمّ هائل من التناغم بين افراده، فكل ممثل مشارك كان بطلاً في دوره، وقد كان لافتا حضور بعضهم بأدوار كهنوتية اجادوا لعبها باتقان ومهنية ما أغنى المَشاهِد وأعطاها لونا وطنيا متميزا فباتت تنتقل في ما بين الاحداث بسلاسة وتناغم ورقي واحتراف، آخذة الحضور في رحلة استفسارية عما سيحصل وماذا سنكتشف بعد؟

حول مدة تصوير العمل اجاب مخرج الفيلم طوني نعمة قائلا: “استغرق العمل على الفيلم اربع سنوات من الصبر والانتظار قبل ان يبصر النور وسط تحديات عديدة منها جائحة كورونا التي لم ترحم احد والتي وعلى الرغم من قساوتها لمسنا يد الله معنا، حيث في تلك الفترة كانت الاصابات لا تعد ولا تحصى فيما نحن كنا نتابع التصوير ولم يسجل اصابات فيما بيننا، انفجار بيروت الآثم، الازمة الاقتصادية التي ضربت لبنان في بداية العام ٢٠٢٠ والتي اثّرت على تحركنا كثيرا لافتقادنا لادنى مقومات الحياة منها البنزين مثلا، فعشنا يومها ما عاشه اسلافنا في تلك الحقبة ودون اي مبالغة، الميزانية المتواضعة المرصودة لانجاز عمل بهذه الاهمية، والتي وعلى الرغم من فداحتها -التحديات- لم تمنع فريق العمل الكبير والمؤلف من ممثلين وصل عددهم الى ٢٥٠ ممثلا، تنوعت طوائفهم ما بين المسلمين والمسيحيين تطوعوا وبكل حب لانجاز هذا العمل الفني الضخم ،من متابعة رسالتهم، وهنا اود القول انني اعتبر ان الارادة الالهية دبّرت كل الامور لاتمام هذا العمل الذي راعينا فيه احترام الحقبة التي عاش فيها الطوباوي اللبناني الاخ اسطفان نعمة من خلال التنفيذ الاخراجي والثياب والديكور وأماكن التصوير التي وصلت الى خمسة مواقع واديرة منها بلدة لحفد حيث ترعرع وكبر الطوباوي نعمة”.

 

وحول اختياره تقديم مشاهد متنوعة سريعة ما بين الامس واليوم والتي اتعبت المُشاهد وان شدّته اكثر لمتابعة مجريات الموضوع كما وافتقاد الفيلم الى سيرة حياة متكاملة للاخ اسطفان اجاب نعمة قائلا: “في السينما هناك لغة سينمائية نعتمدها في اعمالنا، الحبكة، ومن السهل جدا ان اخرج فيلما كلاسيكيا يروي قصة قديس منذ الولادة وحتى الوفاة لكني اخترت العمل على الحبكة حتى يكون لدينا لغة سينمائية متميزة، وهنا اود ان الفت الى ان الفيلم استند الى مرجعين اثنين في كتابة السيناريو الذي عرضناه على الرهبانبة المارونية والتي بدورها وافقت على العمل. ان ما اتعب الجمهور هو ما ارته من هذا الفيلم حتى يكون له نكهة خاصة في عالم الافلام التاريخية الدينية”.

وفي مداخلة لراعي ابرشية كندا للروم الملكيين الكاثوليك قال: “شهادتان اود ان اتحدث عنهما الاولى ان الفيلم “الرب يراني” ينقل لنا وبكل أمانة الروحانية المارونية الاصيلة والتي اراها بوضوح انا كمطران للروم الكاثوليك وممثل لكنيستي الكاثوليكية، وفي هذه المناسبة، اتمنى ان يرجع الموارنة وبعمق الى ما قاله جد الاخ اسطفان في الفيلم الله والارض والارزة، على امل ان تعود هذه الروحانية المتشبثة بالارض، في ظلّ معاناة لبنان من وضع سياسي مقلق، اصلّي لاصالتها لان لا خلاص للبنان الا بخلاص المسيحيين والكنيسة المارونية تحديدا، فاذا كانت الكنيسة المارونية قوية نحن كلنا اقوياء وان كانت ضعيفة فنحن كلنا ضعفاء.

والشهادة الثانية هي اشادتي بهذه الروح المارونية الاصيلة، فانا ايضا ابن رهبنة، اعيشها برهباننا وأديرتنا ومنطقتنا، فما عانوه في شمال لبنان في كفيفان والمنطقة نحن أيضا في البقاع والجنوب عانيناه، لقد عشنا الاضطهاد والجوع، فدير المخلص مثلا الذي اتيت منه احترق 7 مرات، وهجّر من فيه 7 مرات، انها نفس الروحانية والثبات بالارض والتعلق بمنطقتنا. وهنا اود ان اعطي شهادة  بطوني الذي تربطني به صداقة قديمة، فهو ابن كنيسة بكل ما للكلمة من معنى، له باع طويل في عالم الكليبات الدينينة من انتاج محطة التيلي لوميير والشاريتي تي في، كما انه احد مؤسسي عائلة ابونا بشارة ولطالما قلت له انك تعمل لابونا بشارة اكثر مما يعمله الرهبان انفسهم، مبروك عملك، فالفيلم لبناني ماروني روحاني، انت اخرجت فيلم بطل عن حياة اخ عادي لديه الروحانية المثالية التي وبحسك الاخراجي استطعت ان تقدمها بشكل اكثر من رائع”.

وأثنى الاكسرخوس الرسولي للسريان الكاثوليك في كندا بولس انطوان ناصيف على هذا العمل الرائع الذي اعادنا بالفعل الى الروحانية المارونية مبيناً دور الكنيسة الهام مع معاناة الشعب، متسائلا بعتب عن غياب السريانية في الفيلم رغم تجذّر الروحانية المارونية بجذورها السريانية في الحقبة التي عاش خلالها الاخ اسطفان نعمة متمنيا لو ان بعض المشاهد تضمنت مخطوطات او كتب سريانية ليرد نعمة بالقول: “في الحقيقة لقد كانت نيتي ان يكون عنوان الفيلم الرب يراني بالسريانية، الا ان  المؤرخ الاب ايلي قزي كان له رأي مخالف نصحني به وهو ان الاخ اسطفان لم يكن يجيد القراءة والكتابة فلماذا نود ربطه بالسريانية طالما انه لا يتكلمها ولا يقرأها، والفيلم هو سيرة حياة شخص وليس كنيسة”.

يذكر ان  فيلم “الرب يراني” من بطولة الممثلين جوزيف ساسين في شخصية الطوباوي أسطفان نعمة، ميراي بانوسيان والدة الطوباوي، ميشال حوراني، سعد حمدان، نيكول معتوق، رالف س. معتوق، شربل رزق وجورج حران، ضيوف الفيلم الممثلون عصام الشناوي، فؤاد شرف الدين، رندة كعدي، عصام الأشقر، برناديت حديب، جان قسيس، بول سليمان، جوزيف بو خليل وحسام الصباح، الموسيقى التصويرية تأليف نادر خوري، توزيع موسيقي وتنفيذ وتسجيل فادي أبي هاشم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى