منوّعات

المسحراتي شخصية رمضانية بين الماضي والحاضر

المسحراتي هو رجل رمضان الأهم، صوته المدوي يميز ليالي رمضان عن غيرها من أشهر العام. ورغم أن البعض لا يزال يحفظ الكثير من أناشيده التقليدية التي طالما رددها لايقاظ الأهالي للحاق بوجبة السحور، الا أن حضوره لم يعد ملحوظا كالسابق، ولم يعد صوته يسمع الا في القليل من الأزقة والشوارع الخلفية في البعض من أحياء العاصمة عمان والقليل من المحافظات الأخرى.

كان المسحراتي يجوب الأحياء في رمضان ينادي عليهم وقت السحور للقيام والتهيؤ للصوم عن الطعام والشراب. وعادة يقرع على طبلةٍ صغيرةٍ بقضيب من الخيزران مرددا أشعارا وأناشيد دينية ومدائح وينادي على الصائمين أن يقوموا للسحور ومرددا عبارات مثل “يا نائم وحد الدائم”، و “قوموا لسحوركم إجا النبي يزوركم”.

صوت جهوري وطبلة وعصا وموعد ثابت، عوامل عدة جعلت من مهنة المسحراتي واسعة الانتشار في الدول الاسلامية. وذلك منذ العام 228 للهجرة، قبل أن تزدهر في العهد الفاطمي وتنتشر في العديد من الأقطار وأهمها مدينة بغداد التي حفلت بالابتهالات الدينية وفنون الأدب الشعبي، والقاهرة، حيث بدأ المسحراتية هناك الاعتماد على الطبل مرافقة للنداءات المعتاده. وبعد أن كانت مكافأة المسحراتي أطباقاً منوعة من موائد الافطار، أصبح الكثير منهم يعتمدون على ما تجود به أنفس الناس من أموال يحصلونها اما مع نهاية الشهر المبارك أو عشية عيد الفطر.

كما باتت مهنة التسحير كغيرها من مهن العصر الجميل، تواكب ايقاعات الحاضر في البعض من جوانبها، فقد انتشرت في المملكة في السنوات الأخيرة أساليب مبتكرة لايقاظ الناس للسحور من قبل شباب أصغر سناً، يجوبون الطرقات جماعات، في سياراتهم عوضا عن التجول سيراً. يقوم هؤلاء الفتية بافتعال العديد من الأصوات، مستخدمين اما أبواق سياراتهم أو حناجرهم كلما استطاعوا لايقاظ أهالي المنطقة في مشهد قد يبدو غريبا للجيل الأكبر، بينما يراه الكثيرون طريفاً ويشير الى نوع عصري من التكافل الاجتماعي المحبب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى