برّي المتفائل يروي تفاصيل سير المفاوضات وبنود الاتفاق
يقرأ رئيس مجلس النواب نبيه برّي، كتاب “الحرب” لبوب وودورد، والذي يروي تفاصيل ومعلومات واتصالات مسؤولين إسرائيليين وأميركيين حول الحرب على غزّة، ما بعد عملية طوفان الأقصى. تتزامن القراءة مع خوضه مفاوضات شاقة مع الأميركيين حول الوصول إلى وقف لإطلاق النار. يستند إلى ما يرد في الكتاب حول مخطط إسرائيلي كان واضحاً في الأيام الأولى للحرب على غزّة، والاستفادة من الظرف وشنّ حرب على لبنان. لكن الأميركيين تمكنوا حينها من منعهم. يقول برّي ذلك في معرض ردّه على كل اللوم الذي يُلقى على حزب الله حول فتح جبهة الإسناد. يبدو برّي متفائلاً بمسار المفاوضات، على الرغم من الحاجة إلى معالجة بعض النقاط العالقة.
نحو نهاية للحرب
يقول برّي لـ”المدن”: “هذه المرة، يمكن لمنسوب التفاؤل أن يرتفع. فالأميركيون جادون جداً، ودونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لهوكشتاين لوقف إطلاق النار في لبنان. كما أن الإسرائيليين وحسبما تبلغنا من الأميركيين يريدون الانتهاء من الحرب”. ويكشف برّي أن الاتفاق لا يلحظ أي حق لإسرائيل بحرية الحركة العسكرية في لبنان. فهذا أمر غير قابل للنقاش ولا مجال للبحث به. وهو ما يعلمه الأميركيون جيداً. يؤكد برّي أن مسار التفاوض مستمر، وهناك بعض التعديلات والأفكار اللبنانية سيتم إرسالها للأميركيين، كاشفاً أن: “لا موافقة على تشكيل لجنة دولية لمراقبة تطبيق القرار 1701، ولا إدخال قوات متعددة الجنسيات، ولا قوات أطلسية، بل يتم الالتزام بالقرار 1701، وتفعيل عمل قوات اليونيفيل والجيش اللبناني لتطبيقه. ويستلهم الاتفاق بعضاً من تفاهم نيسان، والذي بموجبه تشكلت لجنة لمتابعة التفاهم، وتضم إلى جانب لبنان، إسرائيل، أميركا، فرنسا، والأمم المتحدة”.
ويؤكد برّي أن هذه اللجنة “هي التي تتولى ضمانة تطبيق القرار، ولا حاجة لتوسيعها ولا لإدخال أي دولة أخرى إليها، على الرغم من محاولة الأميركيين إدخال ألمانيا وبريطانيا”. وهذه النقطة يمكن معالجتها.
أيام مفصلية
يؤكد برّي أن لا وجود مطلقاً لفكرة حرية العمل العسكري لإسرائيل، بل على العكس فبمجرد الوصول إلى وقف النار، ستكون هناك ضمانات بوقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان براً، وبحراً وجواً. ولهذا السبب نريد وقف النار، وإلا فما الحاجة إلى الاتفاق؟ ولدى السؤال عن مطالبة إسرائيل بضمانات، يأتي الجواب سريعاً، “أميركا هي الضمانة لإسرائيل. ولا يترك الأميركيون فرصة إلا ويؤكدون فيها موقفهم الداعم لإسرائيل هجوماً ودفاعاً”.
ويعتبر برّي أن الأيام الحالية مفصلية، فالجميع يريد وقف الحرب، والعبرة تبقى بالتنفيذ وبالتزام الإسرائيليين. أما لدى سؤاله عن التصعيد العسكري الذي يمارسه الإسرائيليون، فيقول برّي: “هذه طريقة الإسرائيليين عموماً ونتنياهو خصوصاً، وهو يعتبر أنه بالتصعيد وتكثيف الضربات والضغط يمكن له أن يفرض ما يريد. ولكن هذا الأمر لن يتحقق، ونحن لن نخضع، ونلتزم فقط بما جرى الاتفاق عليه حول تطبيق القرار1701.
الإيجابية الإيرانية
وحول زيارة مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي لاريجاني إلى بيروت، يقول برّي إنها إيجابية جداً. وأبدى لاريجاني دعمه للبنان والدولة اللبنانية وللمقاومة وللوصول إلى وقف لإطلاق النار، وتطبيق القرار 1701. يشير إلى ارتياحه لزيارة لاريجاني ونتائجها، وأنه أكد دعم طهران ووقوفها إلى جانب لبنان ودعم الدولة اللبنانية، بالإضافة إلى دعم المهجرين والدعم في إعادة الإعمار.
.. حتى الأخصام
أما لدى سؤاله عن مخاوفه على الوضع الأمني الداخلي وحصول حرب أهلية، يجيب سريعاً: “اللبنانيون تعلموا من تجربة حرب 1975، ولا أحد يريد تكرار تلك التجربة المشؤومة، ولبنان يشهد أكبر حالة احتضان وتضامن شعبي مع المهجرين، ولا يمكن نسيان أي فريق أو طرف أو طائفة في احتضان اللبنانيين، هناك مليون و200 ألف مهجّر، موزعين على مناطق مسيحية وسنية ودرزية، حتى الأخصام في السياسة وخصوصاً القوات اللبنانية وسمير جعجع اتخذوا مواقف لا يُمكن أن تُنسى بموضوع المهجرين، ولا سيما في دير الأحمر حيث خرجت الناس من منازلها وقالت للمهجرين منازلنا ملك لكم ونحن ضيوف عندكم”.
إشادة بالسعودية
يشيد برّي بالمواقف التي صدرت عن القمة العربية الإسلامية الاستثنائية في الرياض، ويؤكد أن الموقف السعودي كبير جداً، وذات سقف أكثر من مرتفع وأكثر من ممتاز، خصوصاً الالتزام بالدولة الفلسطينية، ورفض الإبادة في غزة، وإدانة الهجوم على إيران ورفض العدوان على لبنان. ويستشهد برّي بكتاب وودوورد “الحرب”، للإشارة إلى موقف السعودية حول التمسك بالدولة الفلسطينية، وأنه لا يمكن لها أن تتنازل عن هذا المطلب وأنه يجب إبلاغ الإسرائيليين بذلك.
تفاصيل الاتفاق
ووفق ما تفيد مصادر متابعة لـ”المدن” فإن نص الاتفاق الذي حملته السفيرة الأميركية إلى رئيس مجلس النواب يضم 13 نقطة، موزعة على خمس صفحات بخط كبير. وتشير المصادر إلى أن برّي وجّه للسفيرة الأميركية سؤالاً مباشراً طالباً منها الإجابة عليه بشكل مباشر، وهو إذا كان هناك اتفاق آخر تم وضعه بين الأميركيين والإسرائيليين، ويختلف عن النص الذي بين يديه. فنفت السفيرة ذلك وأكدت عدم وجود أي اتفاق من هذا النوع. والمقصود بذلك أن لا يكون هناك اتفاق جانبي حول حرية العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان.
أما بنود الاتفاق فبعضها من البنود البديهية والمستمدة من اتفاقات سابقة، فيما البنود الأهم هي:
– وقف إطلاق النار وتحديد موعد لبدء الالتزام به وتحديد التاريخ، لحظة إبرام الاتفاق.
– دخول الجيش اللبناني إلى الجنوب على مراحل. فيدخل في المرحلة الأولى 5 آلاف جندي.
– الجيش اللبناني هو الجهة الشرعية الوحيدة والمخولة التحرك عسكرياً ويكون السلاح محصوراً به.
– توفير الدعم اللازم للجيش لضبط المعابر الحدودية ومنع إدخال الأسلحة.
– تعزيز وتفعيل دور قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل).
– انسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من المناطق التي دخل إليها.
– يتولى الجيش عملية المسح لعدم وجود أسلحة خارج سيطرته في الجنوب.
– تشكيل لجنة لمراقبة آليات تطبيق القرار 1701 والتي ينص المقترح على إدخال ألمانيا وبريطانيا إليها. وهو ما يرفضه لبنان برفض توسيع اللجنة والاكتفاء بفرنسا وأميركا.
– ضمانات بعدم حصول أي اعتداء إسرائيلي على لبنان براً وبحراً وجواً.
– بعد فترة ستين يوم من وقف إطلاق النار يتم تفعيل عمل اللجنة الثلاثية التي تضم لبنان، إسرائيل وضابط من اليونيفيل للبحث في تثبيت ترسيم الحدود البرية ومعالجة النقاط الـ13 العالقة.
“المدن”