ثقافة وفنون

كاتب وكتاب: “ما تبقى من العمر”

الكاتب: جمال ثابت قلته (جيمي)

الكتاب: “ما تبقى من العمر”

من مئة وست وستين صفحة، بالحجم الوسط، صدر للروائي الكاتب الكندي المصري، جمال ثابت قلته (جيمي)، كتابه الجديد “ما تبقى من ألعمر”.

يتضمن الكتاب مجموعة من القصص والحكايات من صميم الواقع الإنساني الاجتماعي، تصوّر مختلف جوانب شخصياتنا وميولنا وعواطفنا عند كل مفترق من مفترقات المواجهة مع الحياة.

والجديد في هذا النتاج، أن الروائي قلته حاول أن يقدّم تجربة جديدة في فنيّة صياغة الحكاية، فاستعان بما ملك من موهبة الشعر العفوي البسيط والرقيق والمباشر، دونما صنعة ولا تكلّف ولا افتعال، لينسج حكاياته وقصصه على ايقاع موسيقاه الهادئة فتأتي أكثر حرارة في التأثير وأشد لصوقًا في حنايا المشاعر.

أهدى الروائي قلته كتابه إلى :

من يقدّس الحبّ والزواج إيمانًا بقيمة الإنسان.

وإلى العاملين والمنادين بالسلام سعيًا للخير والأمان.

وإلى المناصرين للحقّ والعدل في كل زمان ومكان.

من حديقة الكتاب نقتطف قصة “أحلام شاعرة” كما رواها الكاتب:

التقينا في الجامعة كزملاء

فكانت لي خير لقاء

وسرنا على درب المستقبل

بأمل وحبّ وصفاء

كانت طالبة بكلية الآداب واسمها نجلاء

وكنت أدرس العلوم وأتخصّص في علم الطبيعة والأحياء

وهناك شيء رائع يجمع بيننا

حبّ الأدب ونظم الشعر والإلقاء

***

تجمعنا في مهرجان الشعروالشعراء

حيث تقام في الجامعة مسابقة ويتنافس الزملاء

ويتم اختيار الأفضل في نظم الشعر والإلقاء

وأعلنت أسماء الفائزين بالجوائز والفائزات على السواء

وكانت الأولى في الشعر عن الطالبات “نجلاء”

وأنا طالب العلوم عن الجامعة في نظم الشعر والإلقاء

وانتهى المهرجان ببرنامج حافل بالمنوعات والأضواء.

***

تعارفنا بودّ وبحبّ تبادلنا النظرات

هكذا بدأ هيامي وحبي لنجلاء

بين جدران الجامعة ومحيطها

ومع العلم والثقافة والأضواء

وفي لحظة من لحظات الصفاء

اعترف كل منا بالحب والوفاء

وتعاهدنا أن نمضي قدمًا على درب الأمل والضياء.

***

أكملنا دراستنا بنجاح

واتجهنا إلى ميدان العمل والحياة

وتوجهت لأداء الخدمة العسكرية

وبدأت نجلاء تعمل معلمة بإحدى مدراس القاهرة العصماء

وما زلنا نتواصل عبر الأثير وكتابة الرسائل أو بلقاء.

***

وحينما نشبت حرب أكتوبر أو حرب العبور والجلاء

عبرت قواتنا القناة وتقدمت شرقًا في عمق الصحراء

ومع تطورات حرب شعواء

وما لم يكن متوقعًا أو بالحسبان

ومع عدو عرف بالمكر والدهاء

ولم يعد هناك اتصال بيننا أو أي أنباء

إلى أن فكّ التطويق وفتح الحصار

وكنت في لهفة لرؤية نجلاء ومشتاق لحديث الأحبة الشعراء.

***

عدت إلى أسرتي وسألت في لهفة عنها وعن أخبارها

أجابتني والدتي في أسى ليس هناك أي أخبار

لقد توقف السؤال وانقطع الاتصال

لقد غابت نجلاء عن الأنظار

تحيّرت كثيرًا وتساءلت

ما عسى أن تكون الأحوال؟

***

ذهبت إلى عملها سائلاً

أخبروني أنها توقفت عن العمل

فترة طويلة من الزمان

وسألت هل هناك أسباب

للانقطاع عن العمل والغياب

أجابوا لقد سافرت لدول الخليج

بلاد البترول والثراء

إزداد قلقي ولهفتي

لمعرفة المزيد ولو بعناء.

***

وخلال إحدى الأمسيات وفي أحد أحياء القاهرة الراقية

حيث يحلو الانطلاق والسير على الأقدام

وبينما أنا سائر كانت المفاجأة

فقد شاهدت نجلاء

تقف بجاب سيارتها المرسيدس الفاهرة

تتحدث من هاتفها

وبيدها الأخرى سيجارة

تنفس منها بسخاء

وعند رؤيتها عن قرب أصبت بالأسى والذهول

فلم تعد نجلاء التي أعرفها

فقد كثرت المساحيق والألوان في وجهها وعينيها

لقد تغيّرت في كل شيء نجلاء

في حديثها وحركاتها ونظراتها

وحينما أحسّت بوجودي

صاحت قائلة: أين أنت؟

وتقدّمت صافحتني قائلة: إنني أبحث عنك في كل مكان

أجبتها: هل هذه سيارتك؟

أجابت بالطبع سيارتي

وسألتها: ماذا تعملين في المملكة السعودية؟

أجابت سكرتيرة ومساعدة لأحد المستثمرين الأثرياء

ولي نسبة كبيرة من الفوائد والأرباح

واستمرت تتحدث عن الفوائد والاستثمارات

وفارق العملة والدولار والعقارات والأملاك والنقود والبنوك

وشقق التمليك والسيارات.

***

أدركت الجديد في حياة نجلاء

أين تطلعاتها واهتماماتها

لم تعد نجلاء التي أعرفها

نجلاء الشاعرة الرقيقة ذات الأحلام والطموح

في الأدب والشعر

سألتني أن نذهب إلى أحد المطاعم أو المقاهي

لكنني رفضت مضطرًا للانصراف

فلم تعد نجلاء التي أحببتها كل هذا الحب

لم تعد نجلاء الكاتبة الشاعرة

اختفت شاعريتها وشفافيتها

تبدلت ثقافتها وأحلامها البريئة النقية

ضاعت قيمها وطارت مع أدخنة سجائرها التي تشعلها بشراهة

صافحتها مودّعًا

وكان وداعًا نهائيًا

لآخر لقاء.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى