من القلب

ذاكرتي المثقوبة وتسريب الأسماء

“أسامينا، شو تعبوا أهالينا  تلاقوها، وشو افتكروا  فينا”.

بالطبع تعرفونها، إنها إحدى أغنيات السيدة فيروز الرائعة، والتي تؤكد تمسّك كل فرد بما أطلق عليه من اسم سيرافقه مدى الحياة، مع ما يستتبع من صفات عامة يجتمع عليها حاملوه.

وكما الاسم، الكنية أو ألألقاب المحببة التي يستسيغها الناس ويمشون بها إما افتخارًا بتاريخ جميل وإما تأسّيًا وتحببًا بأحد الأفراد المقربين، وفي كلا الحالتين نعود إلى السيدة فيروز والعطايا الممنوحة لاؤلئك بالشكل والمضمون ودون أي استفسار يذكر أو حتى مطلوب.

قد تخوننا الذاكرة بإسم لمرة،لمرتين، لثلاث، لكن أن تبقى الخيانة لدرجة إطلاق الأسماء وفق تطلعات معينة ويبقى الإصرار سيد المواقف؟ لهو أمر نادر الحصول.

لكن، مهلًا، ليس معي، فأنا ممن يتذكرون تفاصيل قد تغيب عن بال الكثيرين، أما الأسماء فلي معها قصص وحكايات ولها معي تفاصيل وإبداعات.

قد ألتقي أحد الأصدقاء بلهفة المشتاق، نعم أصدقاء، نتبادل الأحاديث ونستمتع بحكايا ودواوين لطالما عشنا تفاصيلها، ومنذ لحظة اللقاء، وأنا ممتنة لنفسي معرفتي اسم محدثي وتاريخ لقائنا  القديم، ورويدًا رويدًا، ورغم عملية التصويب وإعادة التصحيح أعود لنغمة “حليمة العائدة إلى عادتها القديمة” بالتسمية، والتي أراها مناسبة وفق تفصيل أكون ربما وضعته مسبقًا وبما يليق بمحدثي، ودون خجل أو إحراج، وبعد انتباه ليس بيسير، أعود لأطلق العنان لذاكرتي الهوجاء مستذكرة للحظات قيمة الاسم الحقيقي قبل أن اعود لما أكون قد رتبته سابقًا.

لا عتاب مع من نحب، ولا خلاف على تسمية، فأنا كما أنا، وأصدقائي كما هم، أصدقاء، لا هم يحزنون أو يعاتبون لأنني “نسيت” الاسم الحقيقي ولا أنا اتراجع أو أعتذر كوني تجرأت على التغيير، فمن يصادق بصدق، وكما لا تغويه المناصب، لا يمكن أن تغريه الخلافات.

كثيرة هي المرات التي أحاول فيها استرجاع اسم معين وإعادته إلى أصحابه، فأفشل ودون سبب يذكر، فأضحك، وهو يضحك ومعنا تضحك الدنيا، فلا أنا أقصد ولا هو مقصود ولا الموقف في ما بيننا عن قصد، ولأنني ربما من المؤمنين بأن الأسامي كلام، وشو خصّ الكلام، أتأكد وللمرات ما بعد الألف، أن عينينا هني أسامينا، بالإذن من السيدة فيروز والشاعر جوزف حرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى