Uncategorized

بدء محاكمة المتّهمين باعتداءات “شارلي إيبدو”… أجواء “تحفظ الكرامة”

بدأت اليوم، في باريس، وسط إجراءات أمنية مشددة، محاكمة 14 متهماً بالهجمات العنيفة التي زرعت الخوف والغضب في فرنسا والخارج واستهدفت في كانون الثاني 2015 هيئة تحرير صحيفة “شارلي إيبدو” الساخرة، ورجال شرطة وزبائن محل لبيع الأطعمة اليهودية.
ونُشر مئات من رجال الشرطة خارج وداخل المحكمة التي أغلقت الطرق المؤدية إليها. فبعد أكثر من خمس سنوات على تلك الهجمات التي تلتها سلسلة من الاعتداءات الدامية التي نفذها إسلاميون متطرفون في فرنسا، فُتحت الجلسة في أجواء مثقلة بحضور 11 من المتهمين الأربعة عشر. وقد وُضع عشرة منهم في قفصي اتهام تحت مراقبة شرطيين ملثمين. في حين مثل الحادي عشر حراً تحت إشراف قضائي.
وحضر في القاعة بعض الناجين من الهجوم على “شارلي إيبدو” وأقارب الضحايا ومن بينهم طبيب الطوارئ باتريك بيلو الذي كان من بين أول من حضروا إلى الموقع في 7 كانون الثاني 2015 ومن اتصلوا برئيس الجمهورية فرنسوا هولاند لينقل إليه وقائع المذبحة في مقر الصحيفة.
قبل افتتاح الجلسة بوقت قصير، أعرب النائب العام المكلف مكافحة الإرهاب جان فرانسوا ريكار عن حرصه على أن تجري المحاكمة في أجواء تحفظ “الكرامة”. ويتابع الجمهور جلسة الاستماع من غرفة في الطابق الأرضي.
ومن أوائل الواصلين الطالب توم موبوسين الذي قال إنه جاء: “للتعبير عن التضامن مع الضحايا وأيضاً بدافع الفضول لأنها محاكمة تاريخية”.
رسوم ساخرة
قبل يوم من بدء المحاكمة، قررت “شارلي إيبدو” إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد التي جعلت من الصحيفة الأسبوعية هدفاً للجهاديين. وقال محامي الصحيفة ريشار مالكا: “في الأساس هذه هي ذهنية شارلي، إنها ترفض التخلي عن حرياتنا”.
وعلى مدى شهرين ونصف الشهر، سيمثل نحو 150 شاهداً وخبيراً أمام محكمة الجنايات الخاصة المكلفة محاكمة المتهمين وستصور المحكمة بأكملها، في ما يشكل سابقة في مجال قضايا الإرهاب.
والمتهمون الأربعة عشر يشتبه بتورطهم بدرجات متفاوتة بتقديم دعم لوجستي للأخوين سعيد وشريف كواشي ولأميدي كوليبالي، مرتكبي الهجمات التي أدت إلى مقتل 17 شخصاً بين السابع والتاسع من كانون الثاني، وهزت فرنسا وبقية العالم. وشارك الملايين في فرنسا، وبينهم العديد من رؤساء الدول والحكومات، في تظاهرة غير مسبوقة للتنديد بالهجمات.
وستخصص الأسابيع الأولى من المحاكمة للاستماع لشهادات 200 طرف مدني. ولن يُناقش سير التحقيق واستجواب المتهمين إلّا لاحقاً. وقال باتريك كلوغمان الذي يدافع عن ضحايا متجر الأطعمة اليهودية “هايبر كاشير” أمام قاعة المحكمة: “نريد ملء قاعة المحكمة هذه بما عاناه عملاؤنا”.
ثلاثة متهمين غائبين
في السابع من كانون الثاني 2015، قتل الأخوان شريف وسعيد كواشي 11 شخصًا في هجوم استهدف هيئة تحرير الصحيفة الأسبوعية الساخرة قبل أن يلوذا بالفرار ويقتلا شرطياً. وفي اليوم التالي، قتل أميدي كوليبالي شرطية في مدينة مونروج في ضواحي باريس، وفي التاسع من كانون الثاني، قتل أربعة أشخاص، جميعهم يهود، عندما احتجز رهائن في متجر “هايبر كاشير” على أطراف باريس الشرقية.
وقتلت الشرطة كوليبالي بعد أن اقتحمت المتجر وقُتل الأخوان كواشي على أيدي القوات الخاصة في الشرطة الفرنسية في مطبعة لجأوا إليها في دامارتان-اون-جول في شمال شرق باريس.
ما هو الدور الذي لعبه المتهمون الأربعة عشر؟ وماذا كانوا يعرفون عن الهجمات؟ سيحاول القضاء حتى العاشر من تشرين الثاني تحديد درجة مسؤولية كل منهم في الإعداد للهجمات. لكن سيحاكم ثلاثة غيابياً، من بينهم حياة بومدين صديقة كوليبالي، والأخوان محمد ومهدي بلحسين وقد فر الثلاثة من البلاد قبل الهجمات مباشرة إلى العراق وسوريا.
وقالت تقارير غير مؤكدة رسمياً إن الثلاثة قتلوا، ولكنهما ما زالوا خاضعين لمذكرات توقيف. لكن يعتقد أن بومدين لا تزال حية في سوريا.
“إحباط”
وجّه القضاة المختصون بمكافحة الإرهاب تهم “التواطؤ” في جرائم إرهابية ويعاقب عليها بالسجن المؤبد، ضد محمد، الأخ الأكبر للأخوين بلحسين، وعلي رضا بولات الماثل في قفص الاتهام. ويُشتبه في أن بولات المقرب من كوليبالي أدى دورا رئيسيا في التحضير للهجمات، ولا سيما في توفير الأسلحة للإرهابيين الثلاثة، لكنه ينفي ذلك.
ويحاكم المتهمون الآخرون بشكل أساسي بتهمة “تشكيل جماعة إرهابية إجرامية” ويواجهون عقوبة السجن لمدة عشرين عاماً. ويمثل شخص واحد طليقا تحت الرقابة القضائية بتهمة “الاتفاق مع مجرمين”، وهي جريمة يعاقب عليها بالسجن عشر سنوات.
وترى المحامية صفية “عكوري” من فريق الدفاع أنه “سيكون أمام المحكمة مهمة صعبة لمحاكمة أفعال منفذوها الرئيسيون غائبون ولا يمكن محاسبتهم. ومن ثم سيخضع القضاء لامتحان صعب”. واعترف النائب العام الوطني لمكافحة الإرهاب بأن غياب الأخوين كواشي وأميدي كوليبالي يشكل “مصدر إحباط”. لكنه قال إنه “يرفض فكرة” أن المتّهمين الأربعة عشر “ليسوا أساسيين ولا أهمية لهم”.
وأدت سلسلة الاعتداءات التي شهدتها فرنسا منذ كانون الثاني 2015 إلى مقتل 258 شخصا. وما زال مستوى التهديد الإرهابي “مرتفعاً جداً” بعد خمس سنوات من ذلك، كما تقول وزارة الداخلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى