السيدة التي كانت وراء إطلاق اليوم العالمي للمرأة.. قصة الناشطة الألمانية كلارا زيتكين
مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في جميع أنحاء العالم، في الثامن من مارس/آذار من كل عام، نلقي نظرة إلى الوراء على المرأة التي نظمت أول يوم رسمي للاحتفاء بالنساء وتحقيق مطالبهن في العام 1911.
اليوم العالمي الأول للمرأة
اليوم كان يُعرف في الأصل باليوم العالمي للمرأة العاملة، وتكمن جذوره في النضال الاشتراكي العُمالي في أوائل القرن العشرين.
وعلى الرغم من الاحتفال بالأعياد الوطنية قبل عام 1911، كان يوم 18 مارس/آذار من ذلك العام بمثابة اليوم العالمي الأول للمرأة، بعد اقتراح من الناشطة الشيوعية الألمانية كلارا زيتكين.
ووفقاً لصحيفة The Guardian البريطانية، شاركت زيتكين في الحركة الاشتراكية في ألمانيا منذ سبعينيات القرن التاسع عشر، وكثيراً ما كان يظهر اسمها في تقارير مانشستر غارديان، في المؤتمر السنوي للاشتراكية والنقابات العمالية.
كما كانت أيضاً ناشطة فاعلة تجاه حقوق المرأة وحق المشاركة في الاقتراع العام والتصويت، وفي ذلك الوقت كان يُعتقد أن الاشتراكية هي الحركة الوحيدة التي يمكنها تلبية احتياجات نساء الطبقة العاملة. لذلك كانت تلك الحركة النسوية حكراً على الطبقتين العليا والمتوسطة من العاملات.
ومع ذلك، بقدر ما كانت آراء الاشتراكية السياسية تركز على التقسيمات الطبقية وليس الجنس، فإن التقارير الصحفية منذ عام 1901 كانت تسلِّط الضوء على كيفية النظر إلى النساء ومستويات تلبية حقوقهن في ذلك الوقت.
نشأة الناشطة الجريئة
ولدت كلارا زيتكين كلارا جوزفين، الابنة الأكبر بين ثلاثة أطفال في قرية زراعية بولاية سكسونيا الألمانية.
وكان والدها جوتفريد إيسنر مدير مدرسة وعازف أرغن بالكنيسة، وبروتستانتياً متديناً، بينما والدتها جوزفين فيتالي كانت لها جذور فرنسية، وهي تنحدر من عائلة من الطبقة المتوسطة ذات تعليم عالٍ.
وفي عام 1872، انتقلت عائلة كلارا إلى لايبزيغ، حيث تلقت الفتاة هناك تعليمها في كلية لايبزيغ للمعلمات للنساء.
وبسبب الحظر الذي فرضه البسمارك على النشاط الاشتراكي في ألمانيا عام 1878، غادرت زيتكين إلى زيوريخ عام 1882، ثم ذهبت إلى باريس، حيث درست لتصبح صحفية ومترجمة.
وخلال فترة وجودها في باريس، لعبت كلارا دوراً مهماً في تأسيس المجموعة الاشتراكية الدولية. وبعد ارتباطها بالناشط الروسي اليهودي أوسيب زيتكين، الذي كان ماركسياً مخلصاً، فحملت اسمه إلى أن توفي بسبب المرض في العام 1889.
وبعد فقدان زوجها انتقلت زيتكن مع أطفالها إلى شتوتغارت بألمانيا.
حياتها المهنية ونشاطها النسوي
لطالما كانت كلارا زيتكن مهتمة بسياسات المرأة، بما في ذلك الكفاح من أجل تكافؤ الفرص وحق المرأة في التصويت والاقتراع، وذلك من خلال وسائل اشتراكية.
في عام 1907 أصبحت زعيمة “مكتب المرأة” الذي تأسس حديثاً في الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وقد ساعدت في تطوير الحركة النسائية الديمقراطية الاجتماعية في ألمانيا، ومن عام 1891 إلى عام 1917 قامت بتحرير صحيفة المرأة في الحزب الديمقراطي الاشتراكي.
وبحسب الموقع الرسمي ليوم المرأة العالمي، اشتهرت زيتكن طوال حياتها المهنية بمهاراتها الخطابية الشغوفة، إذ مثَّلت الحزب الشيوعي الألماني في الرايخستاغ (البرلمان الألماني)، منذ عام 1920 حتى عام 1933، عندما حظر هتلر حزبها.
وقد جعلها انتخابها لعضوية البرلمان عام 1932 أكبر أعضائها سناً، لذلك كان التقليد يُملي عليها افتتاح الدورة البرلمانية. ولطالما فعلت زيتكن ذلك بهجوم مدته 40 دقيقة على هتلر والحزب النازي وممارساتهم في وقت قلَّت فيه المعارضة السياسية بشتى أشكالها.
توفيت كلارا زيتكين في عام 1933، وفي نعيها أشارت صحيفة مانشستر جارديان إليها على أنها “جدة الشيوعية”، التي كانت سبب شهرتها الأبرز في التاريخ، إلا أن دورها أيضاً في إطلاق يوم المرأة العالمي وإسهامها فيه، بشكل لا يمكن تجاهله.
إلهام من الطبقة العاملة لنساء أمريكا
نضال نساء الطبقة العاملة لتشكيل نقابات عمالية والنضال من أجل امتياز النساء لم يبدأ أول الأمر في ألمانيا النازية، إذ وحدت هاتان المسألتان النساء الأوروبيات مع أخواتهن في الولايات المتحدة أولاً.
ففي عام 1908، تظاهرت مئات النساء العاملات في تجارة الإبر في نيويورك في ميدان روتجرز في الجانب الشرقي الأدنى من مانهاتن، لتشكيل نقابتهن الخاصة والمطالبة بحق التصويت.
وجرت هذه التظاهرة التاريخية في الثامن من آذار (مارس). وقد أدى الحراك في العام التالي إلى “انتفاض” 30,000 امرأة من صانعات القمصان ونتج عنها إنشاء أول نقابات عمالية دائمة للنساء العاملات في الولايات المتحدة الأمريكية.
في غضون ذلك وصلت أصداء هذا الكفاح إلى النساء في أوروبا، وألهمت النساء الاشتراكيات الأوروبيات اللاتي أسسن، بمبادرة من الناشطة كلارا زيتكين، المؤتمر النسائي الاشتراكي الدولي.
وقد اجتمعت هذه الهيئة الأخيرة لأول مرة في عام 1907 في شتوتغارت، جنباً إلى جنب مع أحد المؤتمرات الدورية للأممية الثانية (1889-1914). وبعد ثلاث سنوات فقط، في عام 1910، قالت زيتكين في مؤتمر كوبنهاغن الدولي الثاني: “ستحتفل النساء الاشتراكيات من جميع البلدان كل عام بيوم المرأة، والذي يجب أن يكون هدفه الأساسي هو المساعدة في الحصول على حق المرأة في التصويت”.
وتابعت بحسب مكتبة MarX Memorial لتاريخ الاشتراكية: “يجب التعامل مع هذا المطلب بحيث يتضمن كل حقوق المرأة الممكنة، وفقاً للمبادئ الاشتراكية. ويجب أن يكون ليوم المرأة طابع دولي، على أن يتم التحضير له بعناية”.
وبالفعل كانت تلك البداية، إذ تم قبول الاقتراح رغم أنه لم يتم تحديد موعد رسمي أو يوم بعينه ليوم المرأة العالمي في هذه المرحلة. ومنذ ذلك الحين تميز اليوم العالمي للمرأة بالمسيرات الاحتفالية والتظاهرات في العديد من دول العالم.