موجة القيظ تشتد عالمياً .. وتحذير من موجات أكثر سخونة
مع استمرار حرائق الغابات في اليونان وأمريكا وكندا، ووصول درجات الحرارة في مناطق عديدة في العالم إلى مستويات خانقة، اشتدت أمس، موجة القيظ التي تضرب، خصوصاً، نصف الكرة الشمالي. وفي تذكير صارخ بآثار الاحتباس الحراري، حذرت الوكالة العالمية للأرصاد الجوية، التابعة للأمم المتحدة من موجات حر أكثر شدة.
وقال المستشار رفيع المستوى لشؤون الحرارة الشديدة في الوكالة، جون نيرن، إن «شدة الظواهر ستستمر في الازدياد، وعلى العالم أن يستعد لموجات حر أكثر شدة».
ودقت السلطات الصحية بدول عدة في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية ناقوس الخطر وحذرت السكان من القيظ، ونصحت بشرب المياه والسوائل والاحتماء من الشمس.
«خارون» في أوروبا، أطلق على موجة الحر التي تلف الساحل الشمالي للبحر المتوسط اسم «خارون» تيمناً بشخصية من الميثولوجيا الإغريقية مهمتها نقل الأموات في العالم السفلي.
وواجه عناصر الإطفاء لليوم الثاني على التوالي «يوماً صعباً» في مكافحة العديد من حرائق الغابات في اليونان، وأشدها حريق قرب أثينا، فيما وضعت 20 مدينة في حالة إنذار قصوى وفي إيطاليا، من بولسانو عند سفوح جبال الألب إلى باليرمو في جزيرة صقلية، مروراً بالبندقية وبولونيا وفلورنسا وروما ونابولي وكالياري.
ويتوقع أن تتجاوز الحرارة في روما، «المدينة الخالدة»، 40 درجة مئوية. وحذرت السلطات الصحية من أن الأطفال وكبار السن هم الأكثر عرضة للخطر. وقالت مورغانا كوكا، مديرة مركز رياضي في لانوسي بجزيرة سردينيا الإيطالية «نحن لا نسمح للأطفال بممارسة الرياضة ونقسم وقتهم بالتناوب: ثلاثة أيام في البحر وثلاثة أيام في الغابة».
ويرزح جنوب إسبانيا تحت وطأة موجة الحر الشديد. ووضعت السلطات الإسبانية عدداً من المناطق في حالة إنذار قصوى بينما واصلت فرق الإطفاء مكافحة حريق في أرخبيل الكناري أتى حتى الآن على 3500 هكتار من المساحات الخضراء. وقرابة الظهر، بلغت الحرارة 41.7 درجة مئوية في مقاطعة جيرونا بإكاتالونيا.
حتى سويسرا، لم تفلت من موجة الحر الاستثنائية. وتم إجلاء أكثر من 200 شخص من قرية بيتش في الألب السويسرية؛ بسبب حريق غابات كبير اندلع قريباً منها.
موجة قيظ
وفي الولايات المتحدة، حذرت الأرصاد الجوية من موجة قيظ في جنوب البلاد، متوقعة أن تحطم درجات الحرارة المرتفعة الأرقام القياسية. وفي وادي الموت الشهير بكاليفورنيا، أحد أكثر الأماكن حراً على كوكب الأرض، بلغت الحرارة 52 درجة مئوية يوم الأحد الماضي.
وأدت حرائق عنيفة في أنحاء من جنوب الولاية إلى عمليات إجلاء سكان. وأكبر هذه الحرائق، رابيت فاير، التهم حتى الآن حوالي 3200 هكتار من الأراضي.
وفي اليابان حذرت السلطات سكان 32 من مقاطعات البلاد الـ47 من مخاطر التعرض لضربة شمس بسبب الحرارة التي اقتربت الاثنين من أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وفي قطاع غزة، توافد الآلاف على الشواطئ هرباً من القيظ وانقطاع الكهرباء في منازلهم، في ظل موجة حارة قفزت معها درجات الحرارة إلى 38 درجة مئوية.
إعصار عكسي
واعتبر مدير معهد «بيار سيمون لابلاس»، المتخصص بعلوم المناخ، روبير فوتار، أنه إذا لم تكن هناك روابط مناخية بين مناطق العالم المختلفة، فإن التغيرات المناخية تغذي ظواهر الطقس المتطرف في جميع أنحاء الكوكب وتزيد وطأتها.
وأضاف «بالنسبة لجنوب أوروبا على سبيل المثال، الأمر يتعلق بإعصار عكسي قوي للغاية هو عبارة عن مرتفع جوي ومع الرياح الضعيفة التي تصاحبه يحول دون حدوث اضطرابات جوية. مناطق الضغط الجوي المرتفعة هذه تحبس الهواء الدافئ ما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة.
هذا الأمر تغذيه رياح جنوبية على الجناح الغربي تجذب كتلاً هوائية حارقة من الصحراء». ويعزو الخبراء تغير المناخ إلى غازات الاحتباس الحراري التي تحجز الحرارة.
وتؤدي الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز دوراً مهماً في منع انعكاس بعض أشعة الشمس إلى الفضاء. هذه الدورة عندما تكون متوازنة، تجعل درجة الحرارة مناسبة للعيش على الأرض.
لكن الزيادة غير المقبولة في كمية غازات الدفيئة في الغلاف الجوي تعني احتجاز مزيد من الحرارة فيه، ما يؤدي ليس إلى ارتفاع حرارة الأرض فحسب بل إلى ظواهر مناخية غير مألوفة أخرى أيضاً.
سيول في الهند
بالمقابل ثمة أمطار وسيول، فقد لقي 8 أشخاص على الأقل حتفهم ونزح أكثر من 115 ألفاً بسبب السيول في ولاية آسام الهندية، بعد أن فاض نهر على ضفتيه في وقت سابق من الشهر الجاري إثر هطول أمطار موسمية غزيرة.
وأغرقت المياه المتدفقة من نهر براهمابوترا نحو 450 قرية و17 منطقة في الولاية الواقعة بشمال شرق الهند، كما اجتاحت المياه مساحات شاسعة من محميات الحياة البرية.