منوّعات

أمسية موسيقيّة من السَّماعِ المقاميّ الطرابلسيّ

ضمن فعاليّات طرابلس عاصمة للثقافة العربيّة للعام 2024 ،وتحت رعاية وحضور وزير الثقافة القاضي محمّد وسام المرتضى، وبدعوة من “بيت الموسيقى” في جمعيّة النجدة الشعبيّة اللّبنانيّة،قدّم كل من الدكتور نداء أبو مراد والدكتور هيّاف ياسين أمسية موسيقيّة تمحورت حول التقليد الموسيقيّ الفنّيّ المشرقيّ العربيّ،وذلك على مسرح مركز العزم الثقافيّ (بيت الفنّ)، الميناء، طرابلس.

استهلّ اللّقاء بدقيقة صمت على أرواح الشهداء في لبنان وفلسطين ثم القى ياسين كلمة شكر فيها معالي الوزير على رعايته هذا الحفل متحدثا عن النهج الموسيقيّ المقاميّ الخاصّ بالأمسية،ومما قاله:” هو تقليد موسيقيّ غابر في التاريخ وواسع المجال الجغرافيّ، ومشترك بين أطياف اجتماعيّة وعرقيّة متنوّعة ،وهو الهويّة الثقافيّة العميقة لهذا المشرق في طيّاته، وبالتالي هناك واجب للتمسّك به وممارسته، للمساهمة في حراك ثقافيّ مقاوم يسمح بالمحافظة على وجودنا الثقافيّ اليوم في وجه ثقافة العولمة التي تذيب الكلّ في سَيَلانها. ”

وأكّد ياسين  على الدور الذي يلعبه “بيت الموسيقى” في جمعيّة النجدة الشعبيّة اللّبنانيّة خصوصًا في منطقة عكّار، وعلى منهجيّته التي تحترم الازدواجيّة اللسانيّة الموسيقيّة، والتي تتيح تجذير الهويّة الموسيقيّة المقاميّة المشرقيّة في نفوس الأطفال والشباب من جهة أولى، كما وتسمح لهم بالتثاقف مع موسيقات مختلفة أخرى منتشرة في العالم من جهة ثانية، داعيًا إلى تعويض نقص الموسيقى المقاميّة المشرقيّة الأصيلة الحاصل في مناهج مؤسّسة الكونسيرفاتوار الوطنيّ. ثمّ شرح عن مضمون الأمسية الموسيقيّة، حيث أنّها مبنيّة بقوّة على ثقافة الإبداع الفوريّ والابتكار الآنيّ، وهذا ما يعرف “بالارتجال الموسيقيّ”؛ إذ ينطلق الأداء الموسيقيّ من نصوص موسيقيّة سابقة التلحين ومحدّدة ومحفوظة، ليبدأ بعدها الموسيقيّان بتوليد ألحان موسيقيّة جديدة ومجدّدة وطارئة، يحترمان فيها قواعد وأصول النحو الموسيقيّ الخاصّ بهذا التقليد الموسيقيّ المشرقيّ الفنّيّ.

مرتضى

وفي كلمته وجه المرتضى  التحيّة إلى طرابلس المقاومة بثقافتها وحضورها، وإلى الجنوب اللبنانيّ وإلى غزّة الأبيّة التي تستمرّ صامدة مقاومة، منوّها بهذا اللقاء في “بيت الفنّ”، الذي تبنّى بعمق الرؤية الموسيقيّة التي تطرّق لها الدكتور هيّاف ياسين، مشدّدًا على ضرورة التمسّك بالهويّة الثقافيّة ومصاديقها وتجلّياتها، وأكّد على وجوب الحفاظ على موروثنا المشرقيّ وعلى هويّتنا الثقافيّة مع الانفتاح على الثقافات الأخرى التي معها نتفاعل ونتكامل. كما ونوّه بكلّ من الموسيقييّن البروفيسور نداء أبو مراد والدكتور هيّاف ياسين على اعتبار أنّهما موسيقيّان استثنائيّان في هذا الوطن بما يملكانه من مهارة خاصّة وخبرة عميقة ومعرفة علميّة في الحقل الموسيقيّ.

وأكد مرتضى  أنّه ومن خلال تواجده في هذه الأمسية في طرابلس، فهو مَعنيّ مباشرة بأنّ يؤكّد أنّ هذه المدينة ليست فقط عاصمة ثقافيّة للعام 2024، بل هي عاصمة ثقافيّة أولى في لبنان على مدى الأعوام القادمة، ويشرّفه جدًّا وبحقّ أن يكون في حضرة موسيقيّيَن استثنائيّيَن كالدكتور هيّاف والدكتور نداء وما يمثّلانه في الجامعة الأنطونيّة، مضيفًا: “ثمة تهمة بأنّ وزير الثقافة هو الوزير الأنطونيّ، ولكنّها تهمة حميدة بالنسبة إليه، مؤكّدًا على هذا التمسّك بهذا الانتماء الجميل الوطنيّ التعايشيّ”.

وتمّ تقديم أربع وصلات موسيقيّة توزعت على مدار ساعة من الزمن ما بين  أبو مراد على الكمان وياسين على السنطور، ابهروا خلالها الحضور برقي ما قدموه.

من هما

نداء أبو مراد:

بروفيسور، دكتور في علم الموسيقى، دكتور في الطّبّ، عميد كلّيّة الموسيقى وعلم الموسيقى ومدير مركز البحث في التقاليد الموسيقيّة في الجامعة الأنطونيّة (لبنان)، كما هو رئيس تحرير مجلّة التقاليد الموسيقيّة، المحكّمة دوليًّا؛ وله كتاب تأسيسيّ لنظريّة السيمياء المقاميّة (نحو توليديّ موسيقيّ) و40 دراسة منشورة في موسوعات ودوريّات علميّة دوليّة، وقد منحه المجلس الوطنيّ للبحوث العلميّة في لبنان جائزة التميّز العلميّ لعام 2017. وهو كذلك مؤلّف موسيقيّ وعازف كمان في الموسيقى الفصحى العربيّة، وله 20 قرصًا موسيقيًّا مدمجًا.

هياف ياسين:

دكتور في علم الموسيقى، رئيس قِسمَي علم الموسيقى الشامل للتقاليد والموسيقى الفصحى العربيّة الفنّيّة في كلّيّة الموسيقى وعلم الموسيقى في الجامعة الأنطونيّة، وهو مدير عامّ “بيت الموسيقى” في جمعيّة النجدة الشعبيّة اللبنانيّة، وقد طوّع آلة السنطور لتنخرط في سياق التقليد الموسيقيّ الفنّيّ العربيّ المشرقيّ وابتكر آلة السنطور التربويّ للسياق التعليميّ، وقد فاز بجائزة المسابقة الدوليّة في التأليف الموسيقي العربيّ للمجمع العربيّ للموسيقى (التابع لجامعة الدول العربيّة) لعام 2020، وله 15 قرصًا موسيقيًّا مدمجًا.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى