من القلب

كورونا إرحلي… لن يتّعظوا

إنطوى عام، ومعه طوى العمر إحدى وُرَيقات جدوله الزمني بتجارب أقلّ ما قيل فيها مُرّة وبتفاصيل أكثر مرورة، ومعه، نقلّب نحن، بعض “أصناف البشر” بالتأكيد بعض، صفحة حزينة من دفاتر أعمارنا لنستقبل بأمل موصوم بالخوف “شبه المكسور” عامًا جديدًا، وما أدرانا ما يحمل في خباياه من وعود وإشراقات أمل لعلّها تكون منطقية أو يا ليت.

عام مضى، والكورونا يتلاعب بنا، يوجّه لنا الصفعات الواحدة تلو الاخرى، صفحات الفايسبوك باتت أوراق “نعوة” ما إن تتخذ قرارك بمتابعة أخبار الأصدقاء حتى تكرّ رسائل الشؤم المحمّلة برائحة غدر الوحش الكوروني مرّة بتعليق حياة أحد الأحبّاء ما بين الحياة والموت، وأخرى بالإستسلام لبراثنه، هو الشَرِه، المقيت الذي لا يرتوي.

كفرنا بك كورونا، أتعبنا احتلالك لكل همسات الحب والفرح في عروقنا، أنهكنا استغلالك لخوفنا على مستقبل أطفالنا وشبابنا وما تبقّى من أيام لشيبنا وكهولنا.

كفرنا بالجائحة التي احتلّت مقدمات نشرات الأخبار وعناوين الصحف والمقابلات حتى باتت مصطلحات هذا الفيروس اللئيم أكثر ما يتم تصفحه عبر محركات غوغل ومواقع التواصل الإجتماعي والأحاديث اليومية و… و…

كورونا، رغم أنفك البغيض، ووصمة العار التي لحقت بأيامك ولياليك، ها أنذا أضع همسات فرح صغيرة أتحدّى بها جُبْنِك لأقول للناس أجمعين:

– كورونا القاتلة، هي نفسها من جمعت العائلة وقرّبت القلوب العطشى للدفء من بعضها البعض، فعادت السهرات اليومية الحاملة الهموم والأحلام المتعلقة  بمستقبل الأولاد تشهد النقاشات التي كانت قد افتقدتها لسنوات طوال.

– كورونا الهاجس الثقيل، أعادت الصلوات والتضرعات لمن سرق منهم التلهّي بالقشور ومباهج الحياة المغمورة بالضياع، افتقاد رحمة الله ورعايته، فاستسمحوه وأعادوه مَلِكًا على عروش قلوبهم.

– كورونا الضيف الثقيل، أطاح بنرجسيي العقول وساوى الغني بالفقير، فما عاد من فضل لصاحب المال الوفير ولا من سلطة لهيبة مدير ولا من شأن لمتسلط قدير، و، و، فالكل تحت سقف الوباء واحد، اللهم إلّا المسؤول في بلادي، لم ولم ولم يفهم أنه… من التراب وإلى التراب سيعود.

– كورونا المدمّرة لبعض فرص النجاة، ألزمت أمهات الجيل الجديد بالعودة إلى مزايا مطابخ ومحاسن سيدات الزمن الجميل، وأعطت السيليكون والبوتوكس راحة ملزمة أتاحت للرجال فرصة التعرف على زوجاتهم أكثر، وسمحت للآباء بالإستمتاع بتربية الأولاد، فبَدَوْنَ هنّ شاطرات أميرات في منازلهن، وهم أبطال أمراء في مملكتهم البيتية.

– كورونا القبيحة العديمة الإحساس، فرضت على سيدات المجتمع “المتزيف  المخملي” وعلى أشباه الرجال المتعبّدين للمال، الإلتفات ولو لدقائق معدودة، إلى عيوبهم الأخلاقية لا الخلقية فهزّت عروش أنانيتهم على أن يتّعظوا ويا ليتهم …. يدركون.

كورونا المجنونة، غدًا سترحلين، وإلى غير رجعة بإذن الله، لكن وقبل الرحيل، سأحمّلك سرًا، رجاء، عديني ألّا تشي سرّي، غدًا، وبعد أن ينجو منّا من كُتِبَ له النجاة، سينسى أصحاب المال والسلطة والشهرة ما فعلت حروفك بالناس، وسيعودون إلى ما كانوا عليه، فهم وللله لن يتّعظوا.

فرجاء، ورجاء، إرحلي وسريعًا، ما اعتاد بعضنا الإتعاظ وما تعلّموا من عِبَر الحياة إلّا ما يتناسب مع طموحاتهم، فإن كنتِ بانتظار أن يتعلّموا، فارحلي، وكفّي شرورك عنا، فهم لم يتّعظوا ولن ولن يتّعظوا إطلاقًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى