منوّعات

قصة فرار أكاديمي إيراني عبر الجبال سيرًا على قدميه

تمكن أكاديمي بريطاني-إيراني كان يواجه حكمًا بالسجن لمدة 9 سنوات من الفرار من إيران ليبدأ حياة جديدة في بريطانيا.

وكانت محكمة إيرانية قد أصدرت قبل شهرين حكمًا بالسجن بحق كميل أحمدي بتهمة التخابر مع دولة عدوة، وهي تهمة ينفيها أحمدي.

وحكم عليه بالسجن لمدة 9 سنوات وبغرامة تزيد عن نصف مليون جنيه إسترليني.

ولكن، وعندما كان خارج السجن بكفالة وفي مرحلة استئناف الحكم الصادر بحقه، فر أحمدي من إيران راجلًا عبر جبال البلاد الغربية للفرار من قوات الحرس الثوري.

وأحمدي كردي الأصل، ولد في غربي إيران. ولما بلغ من العمر 18 عامًا، أرسله والداه إلى بريطانيا لإكمال تعليمه.

ومكث أحمدي في بريطانيا لعدة سنوات، حيث كان يدرس في جامعة كنت ومعهد لندن للدراسات الاقتصادية. وقد أحب بريطانيا حبًا جمًا، بحيث تقدم بطلب للحصول على جنسيتها قبل عودته إلى إيران للعمل كعالم في مجال الأنثروبولجيا (العلوم الإنسانية).

وركزت البحوث التي كان يجريها على مجالي زواج القاصرات وختان الإناث في إيران، مما استرعى انتباه السلطات الإيرانية خصوصًا وأنه كان يدعو لرفع سن زواج الفتيات المحدد حاليًا بـ 13 سنة حسب اللوائح المعمول بها في إيران.

وفي صبيحة أحد الأيام في شهر أغسطس/آب 2019، طرق شخص باب مسكنه في طهران قائلًا إنه ساعي بريد.

فتح أحمدي له الباب، فإذا بـ 16 من عناصر الحرس الثوري تداهم المسكن وتعتقله وتنقله إلى سجن إيفين سيء السمعة.

وقال أحمدي انه استهدف ليس فقط لأنه يحمل جنسية مزدوجة، ولكن لأن إيران كانت في تلك الفترة تريد أن ترد على احتجاز القوات البريطانية لناقلة نفط إيرانية قبالة جبل طارق للاشتباه بانتهاكها للعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي.

وقال أحمدي لـ “بي بي سي”، “باعتبارك تحمل جنسيتين، فإنك دائما مثار شبهة”.

وأضاف، “قال لي المحقق، إنك صيد ثمين أولًا لأني كردي وثانيًا لأني من خلفية سنية بخلاف أغلبية الشعب الإيراني شيعي المذهب وثالثًا لأني كنت باحثًا يثير شتى المسائل الحساسة. ولم أكن مجرد باحث، بل كنت أستخدم نتائج أبحاثي لزيادة الوعي المجتمعي بهذه القضايا”.

قضى أحمدي ثلاثة شهور في سجن إيفين حيث حاول المحققون هناك التأثير عليه ذهنيًا.

وقال، “على المستوى الإنساني، عاملوني بشكل جيد، ولكن لا تقللوا من أهمية مبدأ “التعذيب الأبيض” وخطورته – أي حجم ووطأة الضغوط النفسية التي تمارس هناك. وكل هذه العمليات تتم بشكل مرحلي، وهم (المحققون) خبراء في تسليط كم أكبر من الضغط عند الحاجة لذلك”.

وقال: “هناك العديد من “الألعاب الذهنية” بحيث كان الأمر أشبه بمهنة في حد ذاتها. أعطني هذا وسأعطيك ذاك. كان طلب إجراء مكالمة هاتفية لا تتجاوز مدتها دقيقة واحدة يستلزم شتى أشكال المفاوضات مع المحققين. والأمر نفسه ينطبق عندما كنت أطلب إطالة فترة التمتع بالهواء الطلق أكثر من نصف الساعة المسموح بها. ويصبح الأمر محزنًا وتافهًا لأنك تصبح ترغب بالتحقيق معك أكثر من أجل تجنب العودة إلى زنزانتك التي تشبه القبر”.

وبعد ثلاثة شهور، أطلق سراحه قبيل بدء محاكمته، ولكن أخضع لرقابة مشددة.

وأصدر القضاء الإيراني في ديسمبر/كانون الأول الماضي حكمًا بتجريم أحمدي بالتخابر مع دولة عدوة، وهي تهمة ينفيها، وذلك بعد أن ادعت النيابة العامة بأن المنظمة الخيرية التي كان يعمل لديها كانت قد استلمت أموالًا من الولايات المتحدة. كما وجهت له تهم أخرى، منها الترويج للمثلية في بحوثه.

وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة تتجاوز 9 سنوات وبغرامة تتجاوز نصف مليون جنيه إسترليني (683 ألف دولار).

ولذا قرر الهرب من إيران أثناء فترة سريان كفالته.

وقال، “رُفض الاستئناف الذي تقدمت به. كانت تلك هي اللحظة التي قررت فيها أن أهرب من إيران. قررت الهرب لأنني لم أكن أتصور البقاء في السجن لعشر سنوات ورؤية ابني وهو يشب وينمو عن بعد – إذ كان سيبلغ من العمر 15 عامًا وقت إطلاق سراحي”.

ولذا قرر أحمدي الهرب مشيًا على قدميه عبر الجبال دون أن يخبر أيًا من أقاربه.

وقال، “بكل بساطة، هربت. ولم أصطحب معي إلا معدات الحلاقة وبعض الكتب وحاسوبي الشخصي”. “وبعض الملابس الدافئة، لأنني كنت أعرف بأنني سأضطر لاجتياز الجبال. كان البرد شديدًا والظلام دامسًا والوضع مخيفًا بشكل عام”.

“كان علي أن أترك ورائي كل شيء أحبه وعملت من أجله وكل الروابط الإنسانية التي كونتها عبر السنين. كان الأمر محزنًا ومخيفًا. فلو ألقي عليّ القبض، لكنت أعدت لأمثل أمام القاضي، والله أعلم بما كانت السيناريوات المحتملة”.

“كان قرارًا صعبًا. وكان قرارًا عسيرًا من الناحية النفسية والعاطفية علاوة على صعوبته من الناحية البدنية. كان قرارًا اضطررت لاتخاذه ضد إرادتي. لقد أجبروني على الخروج، وكان ذلك أمرًا محزنًا”.

ويواجه أحمدي الآن مستقبلا مجهولا في بريطانيا.

وقال، “كان ينبغي أن أفعل ما فعلت. لم يكن من الممكن أن أمكث في السجن لعشر سنوات، فقد كنت أشعر بأنني سأستطيع أن أكون أكثر نفعًا خارج السجن، كما أتحمل مسؤولية أسرتي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى