جاليات

سامي هلال في “وتر اصيل في عود الزمن الجميل” يعيدنا الى امجاد عائلة البندلي التي لن تتكرر

رينيه، روجيه، فادي، دورا، ميشلين، ناديا، يولا، رندة، نورما، هانيا، سونيا وفاديا البندلي اسماء لمعت في سماء لبنان لا بل في العالم كألوان قوس قزح حاملة الفرح والامل بأصواتها وتنوع غنائها الذي دخل القلوب ودون استئذان هي التي غنت العائلة، الوطن، الجيران، الورد وكل ما يمتّ للحياة العائلية بصلة.

عائلة البندلي النتاج الطرابلسي العريق عُرِفَت بفطرة ذكائها الفنّي وحسّها الموسيقي المرهف كيف تخطّ لنفسها طريقًا خاصًا في زمن كان “جميلًا” واستطاعت ان تترك بصمة رائدة في زمن عُرِف بزمن العمالقة من امثال السيدة فيروز ونصري شمس الدين ووديع الصافي وغيرهم كثيرين حتى باتت اغانيهم محفورة في ذاكرة الحاضر الذي لا يعرفه النسيان اطلاقًا.

في كندا وتحديدًا في صالة Centre des Loisirs توقف المبدع في اختيار مواضيعه وشخصياته المتميزة، المحاضر سامي هلال عند نشأة العائلة البندلية، تاريخها وتفاصيل عديدة عن دورها في تلك الحقبة التي لما تزل في بالنا ورافقت اجمل ذكرياتنا تاركًا للحاضرين تذوّق عبق ذاك البستان الغني مرة بالاغاني التي رافقت محاضرته عبر الشاشة الكومبيوترية وطورًا بما قدمه ادي بندلي احد اركان الجيل الثالث للعائلة وبحضور احد اعمدة الجيل الثاني منها الفنان روجيه بندلي.

اسرة البندلي “وتر اصيل في عود الزمن الجميل” هو العنوان الذي استقطب عددا كبيرا من ابناء الجاليات العربية ومحبي الفن الذين تابعوا وبشغف سرد تفاصيل الحديث الذي بدأه هلال عن ادوار الاب ونعيمة بيطار الام اللذان اجتمعا معًا على تأسيس عائلة كبيرة على امل ان يمنّ الله عليهما بطفل فنان هما المحبان للفن لا بل العاشقان لشقّيه الموسيقي والغنائي، واللذان استجاب لهما الله وبدل الفنان الواحد انجبت العائلة اثنتا عشرة فنانا وفنانة، يتمتعون بالصوت الجميل والذكاء الموسيقي الذي بدأ فطريا وتطور مع الدراسة والتدريب.

والقى هلال الضوء على دور الوالد الذي قدم الحانًا لكبار الفنانين من امثال سعاد محمد ووديع الصافي وغيرهم تاركًا ارثًا فنيًا كبيرًا لعلّ احلاه ما قدّمه لأولاده، ودور الوالدة التي اهتمت برعاية اطفالها والاهتمام بمواهبهم لا سيما في اثناء عمل زوجها في الاذاعة البريطانية متوقفًا عند موهبة دورا الاستثنائية حافظة اسرار العائلة، الذكية التي تحفظ الالحان وتغنّيها بفرح.

وعن بدايات البندلي توقف هلال عند الحفل الخاص الذي اراد الاخوة الاثنا عشر ان يقيموه لوالدتهم لمناسبة عيد الام، حيث بدأوا بالعزف بالملاعق والطناجر والصحون وبالعود والغيتار ايضًا، ويومها انتبه الأب لهذه الموهبه التي لا بد ان تجد طريقها للاحتراف فعمل على تشكيل فرقة فنية الاعضاء فيها هم الاخوة جميعًا والتي لم يكن لها مثيل في عالم الفن حتى يومنا هذا، فحققت شهرة على مستوى الوطن العربي، بما قدّمته من عروض وحفلات في دول اجنبية  عبّرت خلالها العائلة عن بساطة احلامها في كل اغنية قدمتها والتي تركت اثرًا رائعًا لما تزل صداه حتى لحظة كتابة هذه السطور.

كما تناول هلال موضوع اعتلاء الاسرة مسرح كليمنصو اول غيث احلامهم الكبيرة والذي تزامن مع بدايات الحرب اللبنانية فعادوا ادراجهم الى طرابلس ومن ثم انتقال بعض افرادها الى سوريا حيث لاقوا حفاوة كبيرة من الشعب السوري وهناك قدمت دورا اغنية “بردى” ومدتها 15 دقيقة فتميزت بالابداع والجمالية ونالت استحسان الجمهور.

اما عن المعجزة ريمي بندلي والتي لما يزل الناس يذكرون اسمها المقرون دائما بموهبتها الخارقة لا سيما بعد ادائها أغنية “اعطونا الطفولة” ولم تكن قد تجاوزت الرابعة من العمر بعد فباتت ظاهرة فنية هي التي ملأت الدنيا وشغلت الناس بجرأتها وحسها الفني المرهف.

وترافقت المحاضرة بمداخلة مسجلة لدورا بندلي شكرت فيها سامي هلال على هذه الالتفاتة اللطيفة متحدثة عن بدايات البندلي ورؤية الاهل الذين وجدوا في صوتها تميزًا وفي عزف رينيه موهبة حقيقية وعن تشكيل فرقتهم الفنية التي حظيت باهتمام الجمهور وحبهم الكبير لموهبة عائلة فنية بامتياز. كما تحدثت عن غنائها وهي بعمر الـ 11 سنة مع الراحل وديع الصافي في مهرجان الارز ومن ثم مهرجان طرابلس.

وتوقفت دورا عند الحفلات التي اقامتها العائلة داخل وخارج الوطن وعند الالبومات الناجحة التي قدموها مشيرة الى ان الحياة تستمر حتى وان سافر او تزوج بعض افراد الفرقة متمنية لقاءات قريبة باذن الله.

وختم هلال متحدثًا عن روح المحبة والالفة والاخوّة التي تجمع هذه العائلة المتكاتفة رغم رياح الزمن التي عصفت بها لا سيما بعد رحيل الوالد والوالدة ويولا وسفر ريمي الى السويد وروجيه الى كندا وفادي الى اميركا مشيرًا الى عدم حصولها على التكريم الذي تستحقه من الجهات الرسمية وان كان الجمهور كرّمها في اي بقعة من الارض غنّوا فيها.

وترافقت المحاضرة مع باقة من الاغاني منها ليولا “يا قلبي يا صغير”، “يا رايح لبعيد”، “ورق الخريف والتي لحنتها بنفسها”، لناديا “انا قلتها كلمة”، حبيتك وقلت بتبقالي، لدورا “بين الرضا وبين الدلال” “عنا جار” “ما بيكفي تكوني صلاة” ولناديا “خبّي حزن عينيك” من كتابتها والحان روجيه.

وفي مداخلة للفنان روجيه بندلي اثنى فيها على ما قدمه هال في محاضرته عن العائلة البندلية الفنية ومما قاله: “حديث هلال مشوق وكأني عشت فيلم عائلتي صورة ما بعدها صورة. ان عائلة البندلي مثال يحتذى به من الفراسة والعلم والثقافة ومدرسة فريدة بالعالم العربي، فهي وكما قال الراحل عبد الوهاب ثروة وطنية، توجهت الى اجيال كثيرة وكانت موسيقاها تسبق عصرها لانها تحمل روح السهل الممتنع والكلمة الغنية بالحب والمشاعر، ما قدمه هلال جيد جدا وانا عندي امل بالتاريخ الذي سينصف عائلة البندلي لانها لم تنصف من انسان لكن التاريخ بالتأكيد سينصفها في المستقبل. نحن لا نريد التكريم لاننا نعيش حياة العائلة تجمعنا المحبة والفن، فالفن بالنسبة لنا رسالة وليس لاشغال ومهنة ثانية، نحن وحتى الساعة لما نزل هواة ولكننا نزرع في اجيالنا روح المحبة والانسانية والفن والدليل ادي بندلي”.

وفي الختام غنّى ادي بندلي باقة منوعة من اغاني الزمن الجميل منها “وردة حمرا، بزعل منك، عنا جار، دوّرها، اعطونا الطفولة “واغنيته الخاصة “سكت الحكي” كما اغان منوعة تفاعل معها الجمهور الذي تمنّى لو انها لا تنتهي.

عائلة البندلي بصمة فنية لبنانية خاصة في عالم الفن الراقي، كم نشتاق لصدق كلمات وعذوبة الحان في عالم صهرته التكنولوجيا والمواضيع الكثيرة البعيدة كل البعد عن حب العائلة والوطن والانسان التي اعتدناها في فنهم العابر للحدود.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى