جاليات

ردود من وجوه سياسية وثقافية كندية بارزة على ادّعاءات صحافي كندي عن “كنديين بالاسم”: تجنّ كبير على اللبنانيين

كتبت دارين حوماني

بتاريخ 14 آب/ أغسطس 2024 نشر الصحافي نورمان ليستر Norman Lester مقالًا في “صحيفة مونتريال” Le Journal de Montreal في ردّ على طلب رئيس الوزراء جاستن ترودو من الكنديين مغادرة لبنان فورًا بسبب الوضع الخطير بفعل تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة، وقد تضمّن مقال ليستر ادّعاءات واتهامات غير صحيحة بحق الكنديين من أصل لبناني، ما يعدّ منشورًا تحريضيًا تجاه جالية كبيرة لها دورها الفعّال على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي في كندا. دور يؤكّد عليه ترودو نفسه في رسالته للّبنانيين في مقدّمة كتاب لرئيسة موقع “الكلمة نيوز” الكندي الإعلامية جاكلين جابر بعنوان “من لبنان إلى كندا- خبايا الوطن وسحر الغربة” تناولت فيه جابر مسيرة شخصيات كندية من أصل لبناني حققوا إنجازات مهمة في كندا، وإذ يقول ترودو: “لا شكّ بأن كندا محظوظة جدًا بوجود جالية لبنانية ناشطة، فعلى مرّ السنين ساهم الكنديون من أصول لبنانية بشكل فعّال في المجتمع الكندي مع الحفاظ على الأواصر التقليدية التي تربطهم بوطنهم الأمّ والتي كان لها الدور الأبرز في بلورة التراث الثقافي الغني للجالية”.

يستعيد ليستر كيف أرسلت كندا الطائرات والسفن خلال حرب لبنان في العام 2006 لإجلاء أكثر من 15000 كندي، وأن الإخلاء كلّف كندا 85000 دولارًا، ورغم ذلك فإنه “عندما انتهت الحرب، عادوا إلى ديارهم واحتفظوا بجوازات سفرهم الكندية الثمينة حتى الأزمة التالية”. كما أضاف بأن مئات الآلاف من الكنديين “الزائفين” الذين يحملون جوازات سفر كندية، ومن يُطلق عليهم بـ”الكنديين حين يناسبهم ذلك”، يعيشون في الخارج دون دفع أي ضرائب في كندا.  ويدّعي ليستر إنهم “لا يهتمون بكندا، إلا إذا كانت الأمور تسير بشكل سيئ في بلدهم أو كان لديهم مشاكل صحية. غالبًا ما يكون لهؤلاء الكنديين الزائفين عناوين وهمية مع أقارب أو أصدقاء يعيشون في كندا”.

“الكنديون بالاسم” Canadiens de convenance، استعاد ليستر هذا المصطلح في وصفه لعشرات الآلاف من الكنديين من أصل لبناني، وهو مصطلح مهين يشير إلى الأفراد الذين يحملون الجنسية الكندية ويعيشون بشكل دائم خارج كندا دون “روابط جوهرية” بكندا. ويشير المصطلح إلى أن هؤلاء المواطنين يكتسبون جنسيتهم أو يحتفظون بها فقط لتحقيق مكاسب شخصية أو للاستفادة من كندا بطريقة أخرى، حتى يتمكنوا من طلب الحماية من الحكومة الكندية في حالة الطوارئ، أو حتى يتمكنوا من السفر دوليًا بجواز سفر كندي.

المحافظون سبق أن روّجوا لهذا المصطلح

وكان السياسي الكندي والنائب عن حزب المحافظين جون غارث تورنر John Garth Turner قد روّج لهذا المصطلح بعد إجلاء المواطنين الكنديين من لبنان خلال حرب لبنان عام 2006. وقد استخدم المحافظون الكنديون في الأثناء عودة نسبة من الكنديين اللبنانيين إلى لبنان لإجراء تعديلات دستورية فيما يتعلق بحق حصول الأبناء المولودين خارج كندا على الجنسية الكندية، ولإثارة قضية بوجه الحزب الليبرالي الكندي، كون معظم المهاجرين العرب خاصة يؤيدون الحزب الليبرالي الكندي. علمًا أنه تبيّن بعد التدقيق أن كندا في العام 2012 سحبت الجنسية من 3300 كندي من الصين والشرق الأوسط، وليس من لبنان فقط، في نسبة قليلة جدًا مقارنة بعدد اللبنانيين من أصل كندي والذي حدّدته هيئة الإحصاء الكندية ما بين 200 و400 ألف مواطن. لكن الأمر جرى الترويج له فيما يشبه حربًا بين الحزب الليبرالي وحزب المحافظين في كندا. فقد اعتبر ليستر في مقاله المذكور بأن القانون الكندي “معيب” وبأن الحزب الليبرالي الكندي طبّقه لتحقيق مكاسب سياسية. وبهذا المعنى، فإن ليستر لا يتهم فقط مكوّنًا أساسيًا في المجتمع الكندي هو الجالية اللبنانية، إنما يتهم الحزب الليبرالي الكندي باستغلاله قوانين معيّنة خاصة بالهجرة من أجل مكاسب سياسية.

تقرير هيئة الإحصاء الكندية

في تقرير لهيئة الإحصاء الكندية Canada Statistics نُشر ملخّص عنه بتاريخ 2-2-2024 تحت عنوان “يغادر العديد من المهاجرين كندا في غضون سنوات من وصولهم”(*)، يذكر التقرير أن الهيئة قامت بفحص هجرة المهاجرين من عام 1982 إلى عام 2017، وتبيّن أن أكثر من 15% من المهاجرين غادروا كندا في غضون 20 عامًا من الوصول، وأن الهجرة أكثر شيوعًا قليلاً من ثلاث إلى سبع سنوات بعد القبول.

وفي محاولة تفسير هذه الظاهرة، اعتبر التقرير أن الفترة المذكورة تعكس الوقت الذي يحاول فيه المهاجرون الاندماج في كندا من خلال محاولة العثور على وظيفة ومكان للعيش والتكيف مع الحياة في كندا. قد يهاجر بعض المهاجرين أيضًا إذا واجهوا تحديات في الاندماج أو لأنهم قصدوا ذلك منذ البداية. بمعنى آخر، فإن أحد أسباب العودة إلى الوطن الأصلي هو عدم الاندماج في كندا وعدم العثور على وظيفة ومكان للعيش. ومن المعروف بأن نسبة عالية من المهاجرين إلى كندا الذي يحملون شهادات جامعية لا يحصلون على وظائف متناسبة مع دراساتهم بسبب الإجراءات والاعتبارات التي تواجههم للدخول في سوق العمل، وحاجتهم إلى إعادة الدراسة من جديد وأحيانًا تغيير اختصاصاتهم، بسبب عدم أخذ المؤسسات الكندية شهاداتهم الجامعية بعين الاعتبار، وهو ما يصيب المهاجر بمستوى عالٍ من الإحباط؛ فحاجة المهاجر المتعلّم للاندماج عبر سوق العمل، أولًا، هي أهم أسباب شعوره بالاستقرار والتمسّك بالبقاء، لكون كندا ستوفّر له، ليس فقط وطنًا آمنًا بعيدًا عن الحروب، بل توفّر له معيشة جيدة له ولأولاده. وقد أكّد تقرير هيئة الإحصاء الكندية ذلك حيث ذكر بأن “المهاجرين الأكثر تعليمًا كانوا أكثر عرضة لمغادرة كندا من أولئك الذين لديهم مستويات تعليمية أقل”.

ويذكر التقرير بأن النسبة الأعلى لهؤلاء العائدين إلى أوطانهم الأم هم من المهاجرين المولودين في تايوان أو الولايات المتحدة أو فرنسا أو هونغ كونغ أو لبنان، وجاء لبنان في المرتبة الأخيرة بعد 4 دول أساسية، إذًا لبنان ليس الوحيد في هذا السياق. وأكّد التقرير أن هذه الدراسة لديها درجة عالية من التماسك، حيث تم تحديد المهاجرين من خلال المعلومات الواردة في الإقرارات الضريبية T1 وفي ملف هبوط المقيمين الدائمين من الهجرة واللاجئين والمواطنة الكندية. وأنه تمّت مقارنة نتائج هذه الدراسة بنتائج من مصادر أخرى وفقًا للتقرير. ونذكر هنا أن كندا ضاعفت مؤخرًا من إجراءات مساعدة المهاجرين الجدد على الاندماج بشكل أفضل بين القوى العاملة، ودعمهم للاندماج في اقتصاد كندا وثقافتها ومجتمعها الأوسع.

 آراء شخصيات سياسية كندية من أصول لبنانية

وقد تواصلت صدى أونلاين مع وجوه كندية سياسية وثقافية بارزة من أصل لبناني، وكان لهم تعليق على القضية.

رئيس المعارضة عضو بلدية مونتريال عارف سالم

قال رئيس المعارضة عضو بلدية مونتريال عارف سالم إن كاتب ذلك المقال قد لا يقدّر قيمة جواز السفر الكندي بالنسبة للكندي من أصول لبنانية المضطر للإقامة في لبنان، وإن هذا الكاتب لديه حكومة تؤمّن له ما يحتاج، ليس لديه همّ للحصول على طعامه، وليس عنده همّ بالتفكير بالمستقبل، وإذا لم يجد عملًا فإن الدولة ستؤمّن له معيشته.

وأضاف سالم: “المواطن الكندي قد لا يفهم جيدًا كيف يعيش مواطن في بلد مثل لبنان حيث لا حكومة ولا دولة لا كهرباء ولا ماء ولا مستقبل، لكن المستقبل الوحيد الذي يتمسّك به الكندي من أصول لبنانية والمقيم في لبنان هو جواز السفر الكندي. بل إنه يضع جواز سفره الكندي معه على السرير، لأنه يشعر في كل لحظة بأنه يريد العودة إلى كندا. أفهم أن تقول الحكومة إنه ليس لديها القدرة على إجلاء المواطنين الكنديين في لبنان في حالة توسّع الحرب، ولكن لا يمكن التحريض على ذلك ومنعهم من أن يكونوا كنديين في الوقت الذي يوجد في السعودية كنديون، وفي أندونيسيا كندييون، وفي الصين كنديون، وفي الكثير من دول العالم. لا يمكن حصر وجود كنديين خارج كندا فقط بلبنان. والكنديون من أصل لبناني الذين يعيشون في لبنان، جاؤوا كندا وعملوا ودفعوا الضرائب ثم قرّروا العودة، كما حصل مع رئيس وزراء كيبيك السابق فيليب كويار Philippe Couillard الذي ولد في كيبيك وكان طبيبًا، وهاجر إلى السعودية، وعمل فيها 9 سنوات دون أن يدفع الضرائب في كندا، قبل أن يعود ويصبح رئيس وزراء كيبيك ويدفع مجدّدًا ضرائبه هنا. لا يمكن التعامل مع المواطنين الكنديين اللبنانيين كأنهم من ‘قبيلة مختلفة‘”.

وختم سالم: “هناك أمر قد لا يقدّره الكنديون، أن هذا المواطن الكندي من أصل لبناني الذي يصرّ على السفر إلى لبنان لديه عائلة هناك، لديه أم وأب، المسألة ليست مسألة سفر واستمتاع، قد تكون هذه واردة ولكن بشكل قليل، الأهم هو رؤية الأهل في لبنان. هناك تعلّق في نفس الكندي اللبناني بعائلته، بأقاربه، إذا كان الكندي يرى أهله أيام الأعياد هنا، فإن ذلك المواطن الكندي اللبناني يحتاج أن يرى أمه وأبيه، لو مرة كل عام، هذه من قِيَم اللبناني”.

 

رئيس المجلس الوطني اللبناني الكندي من أجل الحرية والديمقراطية الدكتور نزيه الخياط

وقال “رئيس المجلس الوطني اللبناني الكندي من أجل الحرية والديمقراطية” الدكتور نزيه الخياط إن تحديد اللبنانيين كعنوان لمقال ثم ربطه بالناس القادمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ينمّ عن موقف عنصري تجاه اللبنانيين، ولا يجوز ذلك.

واعتبر الخياط بأن ذلك الإعلامي ليس موضوعيًا، وليكون موضوعيًا يجب أن يضع العنوان والقضية التي سبّبت المشكلة، وأضاف:

“هل اللبنانيون فعلًا لديهم قانون هجرة خاص بهم؟ وهل قانون الهجرة هذا يخصّص اللبنانيين بامتيازات معيّنة؟ لا. أريد أن أسأل: هل يا ترى الكنديون اللبنانيون الموجودون في لبنان يخرقون بوجودهم في لبنان قوانين الهجرة؟ لا شيء يمنع أن يعيش الكندي خارج كندا. أعطى الكاتب أرقامًا بين 40 و75 ألف كندي لبناني يعيشون في لبنان، ولكن في مقابل ذلك لم نر إعلاميًا أميركيًا يقول أنه يوجد حوالي 200 ألف أميركي لبناني يعيشون في لبنان. لم يتطرّق أحد بطريقة مسيئة تنمّ عن موقف عدائي للّبناني كما أشار هذا الكاتب”.

وتخوّف الخياط من أن يكون هذا المقال له علاقة بإثارة سياسية مقصودة، فقال:

“أنا أخشى أن يكون هذا الموضوع له علاقة بالموقف السياسي للإعلامي، لأنه يربط بين الكنديين اللبنانيين والحزب الليبرالي الكندي والحزب الديمقراطي الجديد. إذا أردت التدقيق في ذلك، فقد عدّل الحزبان الليبرالي والديمقراطي موقفهما من الحرب الإسرائيلية على غزة وهو تعديل جعل اللوبي الصهيوني يهاجمهما. فإثارة الموضوع في هذه المرحلة ليست بريئة بأن يعود ويستعيد ما حصل في العام 2006، مدّعيًا بأن كل الذين تم إجلاءهم من لبنان عام 2006 عادوا إلى ديارهم، وهذه معلومات وأرقام غير صحيحة”.

وأكّد الخيّاط: “أي مخالفة للقانون الكندي نحن ضدّها. لسنا ندافع عن الكنديين اللبنانيين لمجرّد الدفاع، نقول أن الغالبية العظمى منهم لم يرتكب مخالفات ولن يرتكبها، قد نجد عيّنة منهم تفعل ذلك، ولكن هذه العيّنة غير تمثيلية، والدليل أنه عندما تم فتح تحقيقات في العام 2006 واكتشفوا أن البعض يعيشون في لبنان ويتقاضون مساعدات اجتماعية من الحكومة الكندية تم سحب الجنسيات منهم. عندما فُتح التحقيق لم يتم سحب الجنسيات من الـ15 ألف كندي لبناني الذين تم إجلاؤهم، فلماذا يعمّم هذا الصحافي بأن مئات الآلاف من اللبنانيين كنديين موسميين؟”.

وأضاف الخيّاط: “هذا الكاتب ليس له أي مقاربة اجتماعية خاصة بالإثنيات الموجودة في كندا. نحن كمجتمع كندي ولبناني وشرق أوسطي يعني لنا موضوع الأسرة كثيرًا. فإذا كان يعيش هنا آلاف الأبناء ويقدّمون طلب لمّ شمل العائلة ‘المباشرة‘، ويتم التلكّؤ بذلك لسنوات كثيرة، في حين أن طلب لمّ الشمل هذا، يجب أن يكون أسرع من موضوع الحصول على الجنسية. في الولايات المتحدة الأميركية، أي مواطن أميركي لبناني يحقّ له لمّ شمل أهله مباشرة عند طلبه، وللأهل الحق بالحصول على تأمين صحي في أميركا”.

وأكّد الخيّاط أن هذا الكاتب يطالب بتعديل القانون المتعلّق بالكنديين المقيمين خارج كندا من أصول لبنانية وعربية، فهؤلاء يصوّتون للحزب الليبرالي الكندي، لأن طروحات هذا الحزب هو التعدّدية الثقافية والتنوّع الديمغرافي وبوحدة الأراضي الكندية. كل مهاجر يطلب الهجرة إلى كيبيك يفعل ذلك لأن كيبيك هي جزء من الأراضي الكندية، وكذلك بالنسبة لباقي المقاطعات الأخرى، فالحزب الليبرالي الكندي يؤيد وحدة الأراضي الكندية.

وقال “من غير الصحيح أن اللبناني يريد أن يأخذ جواز السفر ويعود. أساسًا عندما لا يكون الكندي اللبناني موجود هنا سيظهر ذلك من خلال الإقرارات الضريبية السنوية، ومن حركة الدخول والخروج في المطار. كل مخالف تُطبّق عليه المخالفة، ولكن لا يمكن التشهير بالإعلام أن كل اللبنانيين حائزين على جواز سفر ‘غبّ الطلب‘ أو موسمي”.

وختم الخيّاط: “قانون الهجرة الكندي يسمح بالإبقاء على جنسية الموطن الأصلي. عندما يضطّر قسم كبير من الكنديين من أصل لبناني أن يعود إلى لبنان للإقامة مع أمه وأبيه، وخصوصًا مع ظروف السنوات العشر الماضية حيث حصل في لبنان انهيار اقتصادي ومعيشي وبطالة، اضطر الكثير من الكنديين أن يساعدوا أهاليهم في لبنان، وأن يذهب بعضهم للإقامة معهم في لبنان، لأن القانون الكندي يضع إجراءات طويلة أمام لمّ الشمل، وهذا هو ما يجب تعديله، قانون لمّ الشمل، أن يتمّ تعديله للأحسن والأسرع. كما أن الكندي من أصل لبناني حين يغادر كندا للإقامة فترة مع أهله في لبنان فإن ذلك يشير إلى الالتزام بالقيم، وهذا ما يجب الإشارة إليه”.

 

المحامي ويليم خربطلي

قال المحامي ويليم خربطلي إن ما يحكم علاقة المواطن الكندي والحكومة الكندية هو مختلف القوانين والأنظمة، بداية بشرعة حقوق الانسان الكندية. وتأتي بعدها القوانين والأنظمة والمراسيم الحكومية المتخذة من مختلف الوزارات مثل وزارة الخارجية، على سبيل المثال. 

وأضاف خربطلي: “بتحديد أكثر، وفقًا للمادة 7 من شرعة حقوق الإنسان الكندية، كل مواطن كندي يتمتع بحق الحياة والحفاظ على أمنه سواء داخل أو خارج الأراضي الكندية. بتعبير آخر، الحكومة الكندية لديها مسؤولية في حفظ أمن مواطنيها. طبعًا مدى هذه المسؤولية تتغير وفقًا للظروف السياسية، الاجتماعية أو الجغرافية، وإمكانية الحكومة لاحترام هذا الموجب وفقًا لهذه الظروف. طبعًا قوة هذا الموجب داخل الأراضي الكندية تكون عالية جدًا، لأنه من المفترض أن يكون للحكومة سيطرة أكبر بكثير على أراضيها مقارنة بوجود المواطن الكندي خارج الأراضي الكندية، حيث تدخّل الدولة الكندية مرتبط بالمعاهدات الدولية مع مختلف الدول”.

واعتبر أن ما أثاره ليستر نقطة مهمة جدًا، ومع تحفّظ خربطلي على ما ذكره هذا الكاتب “كونه ليس مستندًا بالضرورة إلى دراسات موثوقة”، إلا أن خربطلي يعتبر أن بعض ما يذكره صحيح، لكن هذا الأمر لا ينطبق على اللبنانيين فقط، بل على غرار العديد من الإثنيات الأخرى، يوجد العديد من اللبنانيين الذين يضربون عرض الحائط التوصيات الكندية في عدم الذهاب الى لبنان أو بلدان أخرى لمختلف الأسباب، منها المبرّر ومنها غير المبرّر، برأي خربطلي، الذي يضيف: “أختلف مع الكاتب، حول تسمية ‘كنديين بالاسم‘، فالدستور لا يوجد لديه هكذا تسميات، ولا يميّز بين الكندي المقيم في كندا وذلك الذي لا يعيش في كندا. المواطن الكندي هو هو أينما ولد وأينما عاش، ويتمتعون جميعًا بنفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات. ومن ضمن هذه الواجبات، احترام القوانين والأنظمة ومختلف المراسيم الحكومية. بوضوح أكثر، عندما تنصح وزارة الخارجية  بعدم الذهاب الى لبنان وتحذّر اللبنانيين أنه يوجد احتمال أن لا تستطيع الحكومة الكندية أن تنجدهم في حال اندلاع حرب في لبنان وإغلاق المطار الوحيد في لبنان، فإن على اللبناني أن يأخذ هذا التحذير على محمل الجدّ، وفي حال قرّر زيارة لبنان، فسيكون ذلك على مسؤوليته. الحكومة الكندية نفّذت ما هو على عاتقها وحذّرت مواطنيها بأن أي إجلاء سيحصل، سيكون على نفقة هؤلاء الذين قرروا الذهاب إلى لبنان متجاهلين هذه التحذيرات. فاللبناني الذي يقرّر أن يذهب إلى لبنان، بغضّ النظر عن المبرّرات، عليه أن يتحضّر لهكذا احتمال وأن يجهّز نفسه ماديًا ونفسيًا في حال ضرورة إجلائه”.

وأكّد خربطلي أن وزيرة الخارجية ميلاني جولي اجتمعت عدّة مرات شخصيًا مع مختلف الجمعيات  اللبنانية وقادة الجالية على اختلاف أطيافها وشرحت لهم الوضع منذ بدء اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس. واعتبر خربطلي أن المواطن اللبناني يجب أن يحظى بحماية حكومة لبنان داخل الأراضي اللبنانية، ولا يمكن أن يلوم كندا على احتمال عدم قدرتها على إجلاء الكنديين في لبنان،  وبنفس الوقت فهو لا يقوم بمحاسبة ولوم الحكومة اللبنانية المعنية بأن يكون لديها سيطرة على أراضيها.

وختم خربطلي بأن على الكنديين من أصل لبناني أن يكونوا موضوعيين ومسؤولين وعدم لوم الحكومة الكندية، “علينا أن نسأل أنفسنا، هل احترمنا واجباتنا وما هو مفترض أن نتبعه من قوانين وأنظمة؟”، ومن ثم تقدير الضرر الممكن لذلك المواطن اللبناني الذي يصرّ على السفر إلى لبنان بالرغم من كل التحذيرات والمخاطر.

 

رئيس تجمّع منتدانا الثقافي المهندس بشير القزّي

أسّس رئيس تجمّع منتدانا الثقافي المهندس بشير القزّي في مطلع الألفية الثالثة شركة توظيف بعنوان ELMO للمهاجرين اللبنانيين وذلك لمساعدتهم في الاندماج في المجتمع الكندي من خلال سوق العمل. وقد ساهمت هذه الشركة عبر مكتبها ومعارض التوظيف التي أقامتها حتى إغلاقها في العام 2009 بمساعدة مئات اللبنانيين من إيجاد وظائف ما منحهم شعور بالاستقرار. يقول القزّي في حديثنا معه:

“أجد أن معلومات كاتب المقال فيها تجنٍّ كبير على اللبنانيين! خلافًا لما ورد. اللبنانيون يتميّزون بحبّهم لكندا وتفانيهم تجاهها، وقد عانوا الأمرّين عندما تفاجأ الكثير منهم بأن الشهادات التي حملوها معهم لم تنفعهم بشيء رغم أن تلك الشهادات معترف بها دوليًا دون أن يكون لها أي اعتبار في كندا! وقد اضطرّ الكثير منهم إلى العمل بمهام لا تتماشى مع مستواهم العلمي وذلك بسبب الصعوبات التي وُضعت أمامهم لتعديل شهاداتهم. كما أن المسؤولين عن التوظيف لم يعطوا المتقدّمين من أصول لبنانية أية فرص لإثبات مهاراتهم. لذلك اضطر كثيرون مرغمين للعودة إلى بلادهم لعدم تواجد الفرص المتاحة للعمل لهم. وقد أثبتت التجارب أن المسؤولين عن التوظيف ما زالوا يعطون الأفضلية للشكل والاسم قبل النظر إلى المهارات!“.

رئيسة المجلس الوطني للعلاقات العربية الكندية  NCCAR رانيا حمدان

وفي حديث مع رئيسة المجلس الوطني للعلاقات العربية الكندية  NCCAR رانيا حمدان، التي استغربت حديث الكاتب، وقالت:

إن المجلس الوطني للعلاقات العربية الكندية NCCAR يشعر بالقلق إزاء الإشارة إلى أن الدعم للكنديين اللبنانيين قد يكون غير مؤكد في أوقات الأزمات. إن الكنديين اللبنانيين جزء لا يتجزأ من المجتمع العربي الكندي، ومن الضروري أن تقدّم حكومتنا مساعدة متساوية لجميع مواطنيها في الخارج، بغض النظر عن خلفيتهم أو موقعهم”.

وتابعت حمدان: يقف المجلس الوطني للعلاقات العربية الكندية بحزم ضد أي شكل من أشكال المساعدة الانتقائية. تقع على عاتق الحكومة الكندية مسؤولية ضمان سلامة وأمن جميع الكنديين، ويجب أن يكون هذا الالتزام ثابتًا، وخاصة في الأوقات الصعبة. نحن نؤمن بالمبدأ القائل بأن جميع الكنديين، بغضّ النظر عن أصلهم أو إقامتهم الحالية، يستحقون الدعم المستمر والمتساوي من حكومتهم. نحث الحكومة على إعادة النظر في موقفها وإعطاء الأولوية لتطوير خطط شاملة لمساعدة الكنديين في لبنان وأماكن أخرى، حسب الحاجة. إن التواصل الواضح والعمل الحاسم ضروريان لضمان رفاهية مواطنينا والحفاظ على سمعة كندا كأمة تقدر جميع أفراد شعبها”.

وختمت حمدان: “نحن في المجلس الوطني للعلاقات العربية الكندية على استعداد للتعاون مع الحكومة وأصحاب المصلحة الآخرين لمعالجة هذه التحديات والدعوة لحقوق وسلامة الكنديين اللبنانيين والمجتمع العربي الكندي الأوسع”.

ختامًا، نود في صدى أونلاين التأكيد على ما يلي:

– اللبناني الكندي غير المقيم لا يستفيد من التقديمات الصحية والاجتماعية الكندية.

– ⁠اللبناني الكندي وفقًا لمركز الإحصاء الكندي  Stat Canada من أكثر الجاليات انخراطًا بالمجتمع الكندي.

 اللبناني الكندي هو الأكثر اندماجًا بالمجتمع الكندي لأنه يتأقلم بسرعة فائقة ويتكلم اللغتين الأساسيتين (الفرنسية والإنكليزية) ولديه قدرة استثنائية على التأقلم.

– اللبنانيون الكنديون المقيمون في لبنان هم بأكثريتهم من كبار السن وأولادهم وأحفادهم وفلذات أكبادهم في كندا والذين يشكّلون مواهب وطاقات شابة بحاجة إليها كندا.

– أن يكون في لبنان هذا العدد الكبير من اللبنانين الكنديين يشكّل قيمة مضافة لكندا يعزّز الحضور الكندي في لبنان والشرق الأوسط، ويظهر “القوة الناعمة” لكندا في العالم.

– لبنان هو آخر قلعة فرنكوفونية في الشرق الأوسط والجالية الكندية اللبنانية هي جسر عبور لكندا والدور الفرنكوفوني الرائد لكندا في المنطقة

 ⁠الكثير من اللبنانيين استجابوا لنداءات السلطات الكندية بعدم السفر إلى لبنان والعديد منهم عاد إلى كندا.

– إذا حصل بعض الشواذات خلال إجلاء 2006 لا يعني أن ذلك ينسحب على كافة اللبنانين الكنديين، لا سيّما وأن الأعداد الكبيرة أدّت إلى بعض التجاوزات، وهذا أمر طبيعي وترفضه أغلبية قيادات الجالية.

– ⁠المساهمات العظيمة للجالية منذ 135 عامًا لا يجب أن تحجبها بعض التجاوزات. يوجد في كندا نصف مليون لبناني 10%؜ منهم يعيشون في لبنان لكنهم يزورون أهلهم وأولادهم في كندا باستمرار، وهم جالية حيّة على ارتباط عضوي بكندا ولديهم تجاهها كل الحب والاحترام والولاء المطلق.

المصدر صدى اونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى