قصص من بلادي

بعضها يعود الى مئات السنين وبعضها دخل كتاب غينيس

طبخات لبنانية تعاند الزمن

تقرير من اعداد الكلمة نيوز

من الريف اللبناني الى موائد العالم انطلقت المأكولات اللبنانية الشعبية، بعضها دخل التراث اللبناني مثل التبولة والحمّص والكبّة النيّة وأخرى رافقت اجيالاً كثيرة وتستمر حتى اليوم لقمة طيبة هنيّة ومطلوبة مثل الخبز المرقوق وخبز التنور وملّة السميد والملوخية و..

في هذا التحقيق، سنلقي الضوء على اهم المأكولات اللبنانية عامة لنتوقف عند بعض الاكلات التراثية البيروتية التي كانت ولا زالت معروفة بانتمائها البيروتي ان بطريقة طبخها الخاص او   بمكنوناتها المتعددة.

الخبز المرقوق

يعود تاريخ الخبز المرقوق الى مئات السنين فهو من الاكلات التراثية التي اشتهرت فيها القرى والبلدات اللبنانية منذ زمن، يصنع من القمح الكامل ويعدّ نموذجاً غذائياً صحياً لكل افراد العائلة.

ولهذا الخبز، فوائد كثيرة، ففي طعمه اللذيذ يختبىء سر استمراره وإعادة احيائه من جديد، سريع الهضم، خفيف على المعدة يتميز بسعرات حرارية قليلة وغياب كامل للسكر الذي يدخل في صناعة الخبز الابيض او ما يسمى بالخبز العربي، اضافة الى افتقاده لأي مواد حافظة او كيماوية.

يصنع هذا الخبز من دقيق القمح الكامل ويعجن مع الماء وقليل من الملح فيتحول الى عجينة متماسكة تُرق بشكل دائري كبير ويُخبز على “الصاج”.

ولصناعة رغيف “خبز المرقوق” حكاية اخرى، فهو يحتاج الى خفة ومهارة في العمل، اذ يترتب على ست البيت ان ترق العجين على يدها وتلوح بالرغيف بالهواء ومن اليد اليمنى الى اليد اليسرى قبل ان يتربع الرغيف على التارة ومنها الى الصاج ليخرج محمراً مثل قرص الشمس عند المغيب.

ملّة السميد

ولملّة  السميد حكاية اخرى، فهذا النوع من الخبز كان على قاب قوسين او ادنى من فقدانه لولا نساء تعاونية دير قانون راس العين في جنوب لبنان اللواتي عملن على اعادة احيائه ليصبح اليوم كنزاً من كنوز التعاونية يصدّر الى بلدات الجوار.

“رفيق السفر” لقبه، فهو يدوم لأسابيع طويلة دون ان يفسد ولو ظل خارج التبريد وقديماً كان اهالي القرية يزوّدون المسافرين به ليقيتهم في رحلاتهم الطويلة سواء الى الحج او الى بلاد الشام وفلسطين والعراق فكان خير رفيق.

ملّة السميد خلطة من البرغل وطحين القمح والسمسم وزيت الزيتون والملح والماء تغطّى وتترك ساعات حتى تختمر العجينة التي يصار الى تقطيعها الى دوائر بأحجام مختلفة ترق لتوضع في التنور المحفور في الارض بشكل دائري، حتى النضوج او على صاج كما يحضّر الخبز المرقوق.

التبولة شيخ الطاولة

لا تكاد تلفظ لبنان حتى يتبادر الى ذهن السائح “التبولة” و”الكبة النيّة” فهما من اركان البيوتات والموائد الخاصة والعامة.

التيولة ابنة الريف  باتت اليوم سفيرة المطبخ اللبناني الى مختلف انحاء العالم. تتصدر قائمة المأكولات المطلوبة لما تتمتع به من طعم لذيذ وفوائد غذائية متنوعة لغناها بالفيتامينات المتنوعة وتسهيلها لعملية الهضم.

التبولة او “شيخ الطاولة” كما يحلو للجميع مناداتها، من رموز التراث اللبناني العريق. خليطها جميل، حضورها مميز بألوانها المتنوعة وطبق شعبي رئيسي يحبه كل افراد العائلة، من اغنياء وفقراء تتكون من النعنع، البصل، البندورة، البرغل، عصير الحامض، زيت الزيتون، ملح وبهار وغالباً ما تزينها اوراق الخس او الملفوف.

الكبّة النيّة والحمّص بطحينة

طبقان اساسيان على الطاولة اللبنانية، ظهورهما بدأ منذ مئات السنين ولا يمكن فصلهما عن التبولة كونهما من مكونات المازة اللبنانية. احدهما يكمل الآخر. فالكبة النية ابنة القرى، حيث اعتاد القروي تربية الماشية وذبحها في مناسبات متعددة مقدماً لحمها نيئاً او مشوياً لأهل بيته وزواره وعرفت الكبة النية والتابلة منذ زمن بعيد ولم تلبث ان احتلت الموائد في المطاعم والدعوات الرسمية.اما الحمص بطحينة فلا زال طبقا مهما على المائدة طعمه لذيذ وفوائده متنوعة يؤكل مع زيت الزيتون او مع اللحم المقلي.

       كبة حيلة بحامض

ومن المأكولات التي باتت اليوم على شفير الانقراض نذكر “كبّة الحيلة بحامض” المعروفة في بلاد بنت جبيل والجوار وهي ذات قيمة غذائية عالية وفوائد متعددة.

فهذا الطبق القروي بامتياز عاد ولو بخجل الى بيوتات القرى النائية حيث لا زالت الجدّات يقمن بإعداده لأحفادهن يوم تجتمع العائلة.

طبق غني بالفيتامينات، طيب المذاق، خفيف على المعدة ومكوناته من طحين وبرغل وملح وحمّص وسمّاق. وتحضيره يتم بتقطيع العجين الى دوائر صغيرة، سلق الحمّص المطيّب بالسمّاق، قلي البصلة بزيت الزيتون حتى تستوي فيوضع فوقها الحمّص والسمّاق ثم العجينة.

وصفات بيروتية

الملوخية، حرّاق باصبعه، شيخ المحشي برب الرمان، … عصيدة، نمورة، خبيصة وغيرها من الاطباق البيروتية التي تمتاز بطابع خاص ونكهة فريدة، بعضها غاب الا في المناسبات الخاصة وبعضها الآخر لا زال يجمع العائلات والاحباب ايام العطل والآحاد.

وكونها بيروت ام الدنيا لا بد من وقفة عند اهم اطباقها المعروفة تاريخياً ولا زالت بمكوناتها وطعمها اللذيذ لا سيما منها الملوخية.

الملوخية  

طبق عريق، تعرفه مطابخ لبنان والدول المجاورة غير ان لكل منطقة طريقة معينة في الطهي تمتاز بها وتتفرد في طعمها وهذا هو حال منطقة بيروت التي تعرف الملوخية منذ القدم، هذا الطبق الشهير الذي يطبخ في كل الاوقات لا سيما عند اجتماع العائلات في الاعياد في بيت الجدة او بناء على دعوات غداء مميزة ، ترتكز مكوناته على الملوخية والدجاج والكزبرة والثوم وهو يحوي الكثير من الفيتامينات والمعادن والالياف وذو منفعة غذائية عالية

حراق باصبعه

طبق تكاد تتفرد بطبخه سيدات بيروت الفاضلات فهو الى كونه لذيذ الطعم، فهو مليء بالفيتامينات المتنوعة ويشكل طبقاً اساسياً في فصل الشتاء القارس.

تتألف مكوناته من عدس، بصل، كزبرة خضراء، ثوم،حامض رب الرمان، عصير الحامض، خبز عربي، زيت نباتي وبعض البهارات اما طريقة طبخه فلا تحتاج الى وقت طويل اذ يسلق العدس ويحمر البصل والكزبرة والثوم ويضاف نصف الخليط الى العدس مع عصير الحامض ورب الرمان. وفي الختام يقلى الخبز ويوضع فوقه العدس المزين يقليل من البصل والكزبرة والثوم.

المغربية او المفتول

من الاطباق البيروتية العريقة، يعتمد في الاعياد كطبق اساسي مهم، يتميز برائحته الذكية وطعمه الذي لا يقاوم، اما منافعه فكثيرة ومتعددة تبعاً لمكوناته المعروفة بحبوب المغربية او المفتول، دجاج، بصل، سمن، بهارات اما طريقة عمله فتبدأ بسلق الدجاج ثم قلي البصل، بعدها توضع المغربية مع البصل والدجاج وقليل من المرق وتترك على نار هادئة حتى النضوج.

المفتقة، الخبيصة والعصيدة

   – المفتّقة طبق بيروتي عريق، تتفنن في صناعته السيدات البيروتيات يوم الاربعاء الموافق “اربعة ايوب” فيخصصن له حيزاً هاماً من الاهتمام، فهو الى كونه ذو طعم لذيذ، يشكل مادة غذائية مهمة، فهذا الطبق البيروتي بامتياز يعتبر من الاطايب والحلويات الموسمية مكوناته من ارز وماء وطحينة وسكر وعقدة صفرا وصنوبر، تحضيره يتم بنقع الارز، غلي الماء والعقدة الصفراء، وضع الارز المصفّى فوقهما، اضافة السكر والطحينة ثم الصنوبر اما العملية المطلوبة فهي التحريك المستمر حتى تصبح الطحينة كتلة واحدة لا تلتصق بجوانب الطنجرة.

لا زال هذا الطبق يجمع بعض العائلات البيروتية ليلة اربعاء ايوب وان كان قد اختفى من عادات وموائد عائلات اخرى

-اما الخبيصة فهو ايضاً طبق بيروتي الاصل، عرف كحلوى لذيذة الطعم، كثيراً ما عرف “بحلوى الفقراء” نظراً لمكوناته المتواضعة والمؤلفة من النشاء والسكر والماء وقليل من المستكة والجوز، اما طعمه فلذيذ وخفيف على المعدة، يأكله الصائم في رمضان دون انزعاج او احساس بثقل.

حلوى الخبيصة تعود اليوم الى البيوت دون استثناء وفي كل الاوقات لتواضع كلفة مكوناتها وسهولة طبخها وتقديمها.

   والعصيدة ايضاً بيروتية المنشأ فهي طبق شهي يقدم كترويقة خفيفة قوامها الطحين المذوب بالماء والسكر مع اضافة القلوبات المتنوعة. طبق قديم جداً، يعود اليوم بقوة الى بعض البيوت على امل الانتشار الاوسع لمذاقه الطيب ومكوناته المتوفرة في كل البيوت.

هي اطباق متنوعة، اردنا التوقف عند بعضها على امل اللقاء في مواضيع تعيد الماضي العريق الى طاولات حاضرنا وبيوتنا بعيداً عن الوجبات السريعة والاطعمة الجاهزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى