دور “خفي” لبوتين في هدنة غزة: “راقبوا تحركات موسكو المقبلة”
تشير التصريحات الرسمية الروسية التي تناولت العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة إلى نية موسكو الاضطلاع بدور ديبلوماسي أكبر في عملية السلام الاسرائيلية -الفلسطينية، بحسب تقرير كتبه الخبير سامويل راماني ونشره موقع “المونيتور”.
يعود راماني إلى تصريح أدلى به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 21 أيار الجاري. وآنذاك، أعرب المسؤول الروسي عن دعمه لوقف إطلاق النار، داعياً إلى اجتماع عاجل للجنة الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط.
ويرى راماني أنّ تصريح لافروف هذا بُني على تصريحات روسية سابقة دعت إلى وقف لإطلاق النار ومسار واضح نحو إرساء سلام دائم، إذ حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنّ النزاع في غزة يهدد أمن بلاده، أمّا وزارة الخارجية الروسية فحذّرت إسرائيل من أنّ سقوط المزيد من الضحايا المدنيين سيكون “غير مقبول”. وبدوره، أكّد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي، ليونيد سلوتسكي، استعداد موسكو لاستضافة مفاوضات حول “تسوية فلسطينية-إسرائيلية”.
انطلاقاً من هذه المواقف، يؤكد راماني رغبة موسكو في توسيع دورها الديبلوماسي في مسار السلام الإسرائيلي-الفلسطيني، كاشفاً أنّ روسيا انخرطت خلال أيام العدوان الإسرائيلي في جهود ديبلوماسية مكوكية مع الطرفين المتحاربيْن ومع الجهات المعنية الخارجية لتسهيل وقف إطلاق النار. وبعدما أبلغ نائب رئيس المكتب السياسي لـ”حماس”، موسى أبو مرزوق، روسيا برغبة الحركة في وقف إطلاق النار، تشاروت موسكو- بحسب راماني- مع كل من مصر والأردن ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس لإنهاء النزاع.
هل تنجح مساعي روسيا؟
كيريل سيميونوف، خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي، يرى أنّ روسيا قادرة إلى جانب الولايات المتحدة على لعب دور في استئناف المفاوضات بين إسرائيل وفلسطين، مستبعداً أن تؤدي العلاقات الأميركية-الروسية السيئة إلى عرقلة التعاون في ما يتعلق بإسرائيل وفلسطين، حيث سبق للبلديْن أن ناقشا حدود منطقة خفض التصعيد في جنوب سوريا في العام 2017 في وقت كانت فيه العلاقات الثنائية متوترة.
في المقابل، يشكك السفير الروسي السابق إلى السعودية، أندريه باكلانوف، في قدرة وقف إطلاق النار على الصمود، معرباً في الوقت نفسه عن دعمه لحصول تعاون أميركي-روسي بهدف حل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني وجهود موسكو الرامية إلى تسهيل الحوار الإسرائيلي-الفلسطيني. ويبرر باكلانوف موقفه المتشائم مستشهداً بموافقة واشنطن على صفقة أسلحة بقيمة 735 مليون دولار لصالح إسرائيل، وذلك بالتزامن مع تصاعد العنف في غزة. ولدى سؤاله عن مبادرة سلوتسكي المتعلقة باستضافة محادثات بين إسرائيل وفلسطين والسعودية والدول العربية المطبعة مع إسرائيل، يشدّد باكلانوف على استعداد موسكو للعمل مع القوى الإقليمية، لافتاً إلى أنّ روسيا لن “تؤسس مجموعة دولية جديدة لمراقبة الوضع”.
وفي حين يعرب السفير الفلسطيني في موسكو، عبد الحفيظ نوفل، عن دعمه لدعوة واشنطن إلى استئناف اجتماعات اللجنة الرباعية، تلفت المديرة الرئيسية السابقة للسياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، ميكي أهارونسون، إلى أنّ إسرائيل تلقت استضافة روسيا لممثلين عن “حماس” و”الجهاد الإسلامي” “بشكل سيئ جداً”. وتقول أهارونسون: “إذا أعيد إحياء اللجنة الرباعية، ستكون روسيا جزءاً منها”، مضيفةً: “بخلاف ذلك، أرى مشاركة شديدة الرمزية فحسب”.
وإذ يشكك خبراء ومسؤولون فلسطينيون في قدرة اللجنة الرباعية على خدمة قضيتهم، لا يستبعد راماني اتجاه موسكو إلى الترويج لحوار فلسطيني-فلسطيني. وهنا، يذكّر راماني باستضافة موسكو مؤتمرات فلسطينية في الأعوام 2011 و2017 و2019 و2020، داعياً إلى إبقاء العيون على روسيا: “بصرف النظر عن نجاح أو فشل رهاناتها الديبلوماسية”.