منوّعات

كاتدرائية نوتردام دو باريس: ليلة احتراق قلب فرنسا النابض

بقلم سامي خليفة

 إلى جانب دلالاتها الدينية، حيث أُقيمت في مكان أول كنيسة في باريس، ارتبط اسم كاتدرائية نوتردام بالعديد من التواريخ المهمة. وقد أثار حريق الكاتدرائية صدمة وحزنًا ليس فقط في فرنسا، وإنما حول العالم كله، لما يحمله هذا الصرح من قيمة تاريخية وحضارية.

عاشت العاصمة الفرنسية باريس قبل نحو عامين ونيّف، ليلة حزينة، بعد احتراق أشهر معالمها السياحية: كاتدرائية “نوتردام دو باريس”، التي يمتد تاريخها إلى منتصف القرن الثاني عشر الميلادي، وكانت شاهدة على العديد من الأحداث التاريخية والسياسية المهمة، التي غيرت مجرى تاريخ فرنسا.

وفي هذا السياق، تسلط المعلقة السياسية الفرنسية، أغنيس بوارييه، في كتابها: “كاتدرائية نوتردام: روح فرنسا Notre-Dame: The Soul of France ” ( مكوّن من 240 صفحة، منشورات وان وورلد، 16.99 يورو)، الضوء على أهمية الكاتدرائية التي تعد أحد رموز العاصمة الفرنسية باريس ومن أبرز معالم المدينة، حيث تصفها بأنها وجه الحضارة وروح الأمة. كما تروي تفاصيل الحريق الهائل والمحاولات المضنية التي جرت لإنقاذ هذا الصرح التاريخي.

قلب باريس النابض

بدأ العمل في إنشاء كاتدرائية “نوتردام” في جزيرة “إيل دي سيتيه” وسط نهر السين في باريس تحت حكم الملك لويس السابع في عام 1163. ولعبت دورًا مهمًا في الكثير من النقاط التاريخية المحورية، واستحوذت على مخيلة الملايين من الناس في أرجاء العالم، إذ كان يزورها 13 مليون شخص تقريبًا في السنة.

اكتسبت الكاتدرائية شهرتها العالمية التي ساعدت على إنقاذها من الدمار، بفضل رواية “أحدب نوتردام” من تأليف الكاتب فيكتور هوغو، التي نُشرت في العام 1831. وتعود أحداث الرواية إلى القرن الخامس عشر، ودارت الأجزاء الأكثر أهمية منها في كاتدرائية نوتردام.

طوال قرون عدة بقيت هذه الكاتدرائية المهيبة والجميلة قلب العاصمة الفرنسية النابض، ومثلت جزءًا هامًا من حياة باريس وفرنسا بأكملها. ووقعت فيها مراسم ملكية وإمبراطورية وحفلات زفاف ملكي وجنازات وطنية.

كاتدرائية نوتردام: تاريخ من العراقة في قلب باريس - BBC News عربي

تفاصيل مؤلمة

تروي بوارييه في كتابها، كيف سيطرت فرق الإطفاء في العاصمة الفرنسية فجر 16 أبريل 2019 على الحريق الضخم، الذي يبدو أنه عرضي، في كاتدرائية “نوتردام” في باريس، فيما وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه ستتم إعادة بناء هذا الصرح التاريخي.

كما تشير إلى دور العديد من الرجال والنساء الذين ساعدت تحركاتهم في تلك الليلة على إنقاذ كاتدرائية “نوتردام” ومحتوياتها التي لا تقدر بثمن من الدمار المطلق، بما في ذلك المدير العام للكاتدرائية، لوران براديس، وماري هيلين ديدييه، أمينة التراث الوطني، المسؤولة عن الفن الديني في فرنسا.

إضافةً إلى ذلك، تعرض المعلقة الفرنسية كيف تم إنقاذ عدد لا يحصى من القطع الأثرية التي لا تقدر بثمن، وكيف تم حفظ التاج وحمله في شاحنة إلى قاعة في مدينة باريس القريبة، والجهود الكبيرة التي بذلها جان كلود جاليه، قائد فرقة الإطفاء في باريس، لإخماد الحريق الهائل.

بالفيديو.. حريق مهول يأتي على كاتدرائية نوتردام أحد أشهر معالم باريس | فرنسا  أخبار | الجزيرة نت

الكاتدرائية وتاريخ فرنسا

معظم الجزء المتبقي من كتاب بوارييه يربط بين قصة الكاتدرائية وقصة فرنسا. ويتحدث عن تاريخ الكاتدرائية، من وضع حجرها الأول في القرن الثاني عشر إلى الاضطراب الدموي للثورة الفرنسية وتتويج نابليون وسرد الكاتب فيكتور هوغو للقرّاء حكاية حالة المبنى البائسة آنذاك.

خلال السنوات القصيرة والدموية التي أعقبت الثورة، فقدت “نوتردام” أجراسها، ورؤوس ملوك يهوذا الـ 28 التي زينت واجهتها، والتي أُزيلت واحدة تلو الأخرى لأنها كانت يُعتقد أنها تمثل ملوك فرنسا.

ورغم تعرّض الكاتدرائية للتلف والإهمال في تسعينيات القرن الثامن عشر، أثناء الثورة الفرنسية. ساعدت رواية هوغو على تحفيز عملية إصلاحات كبيرة في الفترة من عام 1844 وحتى عام 1864؛ وخلالها قام المهندسان المعماريان جان بابتيست أنطوان لاسوس، ويوجين إيمانويل فيوليت لو دوك بإصلاح البرج ودعامات الأعمدة.

وتعود بوارييه إلى لحظات حاسمة أخرى في تاريخ الكاتدرائية، بما في ذلك مرور الموكب المهيب للجنرال شارل ديغول في الممر في 26 أغسطس 1944، إبان تحرير باريس، وتسرد حكايات مثيرة للاهتمام وتفاصيل غير متوقعة.

القصة الكاملة لـ كاتدرائية نوتردام.. عمرها 850 عاما.. بنيت مكان أول كنيسة  فى باريس على أنقاض معبد رومانى.. خلدها فيكتور هوجو فى رائعته "أحدب نوتردام"..  والأساطير: تماثيلها تستيقظ ليلا - اليوم السابع

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى