أخبار لبنان

الهمّ المعيشي يتصدّر البيان الوزاري… ميقاتي يستعجل ثقة الناس قبل النواب والبيان

علمت “الجمهورية” انّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أبلغ الى اللجنة الوزارية المكلفة اعداد البيان الوزاري، في اجتماعها الثاني برئاسته أمس، اصراره على الانتهاء من صيغة مسودة هذا البيان خلال يومين من اجل الاسراع في نيل الثقة وبدء العمل الفوري بخطط الانقاذ.

أعطت المصادر المتابعة لـ”الأنباء الكويتية” استعجال الحكومة قبل إصدار البيان الوزاري والحصول على ثقة مجلس النواب، تفسيرا يتجاوز الإصلاحات المالية والاقتصادية الى مسألة أساسية بنظر داعمي هذه الحكومة، وهي الانتخابات النيابية.

تتحرك حكومة نجيب ميقاتي بسرعة قياسية، كما لو أنها في سباق مع الوقت، فمن التأليف الى البيان الوزاري الى ثقة مجلس النواب التي تبدو مضمونة سلفا، بعد تلميحات التيار الحر الى عزم كتلته النيابية منحها الثقة.

ويبدو ان الرئيس ميقاتي يريد الحصول على ثقة الناس، قبل ثقة مجلس النواب، ومن هنا يمكن فهم رغبته بزيارة دار الفتوى، ولقاء مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان اليوم، حتى قبل حصول حكومته على ثقة مجلس النواب.

ومن مظاهر استسراع التحرك، شروع لجنة صياغة البيان الوزاري الفضفاضة بمناقشة البيان أمس، تمهيدا لمتابعة المناقشة حوله اليوم. واللافت هنا، تكون اللجنة من نصف أعضاء الحكومة زائدا واحدا، ما يطرح السؤال عن كيفية طلب الحكومة ثقة مجلس النواب، بينما أعضاؤها لا يثقون ببعضهم بعضا، بدليل وجود أكثر من نصف الحكومة بين أعضاء في لجنة البيان!

المصادر المتابعة تعطي استعجال الحكومة قبل إصدار البيان الوزاري والحصول على ثقة مجلس النواب، تفسيرا يتجاوز الإصلاحات المالية والاقتصادية الى مسألة أساسية بنظر داعمي هذه الحكومة، وهي الانتخابات النيابية، هذه الانتخابات هي حجر الرحى بالنسبة للمجتمع الدولي، كونها المؤهل للتغيير السلمي.

وقد زارت السفيرة الفرنسية آن غريو النائب جبران باسيل، وأكدت له على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.

هذه الزيارة للسفيرة الفرنسية، تعكس قلق باريس وواشنطن من احتمال«تطيير» الانتخابات من جانب الفريق الرئاسي، المهدد بفقدان أكثريته النيابية في اي مواجهة انتخابية، حيث فاقت نسبة العاطلين عن العمل الـ 50%، بحسب المديرة العامة لوزارة العمل بالإنابة مارلين عطاالله، بينما كانت هذه النسبة بحدود 11% عام 2011، كاشفة عن ان نحو 10 آلاف شخص من المصروفين من أعمالهم تقدموا بشكاوى أمام وزارة العمل.

والظاهر ان ميقاتي مطمئن الى أجواء الانتخابات، خصوصا ان وزارة الداخلية أصبحت في عهدة فريقه ممثلا بالوزير بسام المولوي، وهو ما كان فريق تيار المستقبل يأمل ان تبقى في عهدته، إلا ان التشكيلة الحكومية أعطت الحريري وزارة البيئة بشخص د.ناصر ياسين، المستقل عن الأحزاب والتيارات.

ولاستعجال الثقة النيابية، علاقة برفع الدعم عن المحروقات والأدوية، وقبل الحصول على الثقة، لا رفع رسميا للدعم، ولا قدرة للحكومة على مواجهة الارتفاع الصاروخي المتوقع للدولار في السوق السوداء.

ويبدو ان العناية الدولية، بحكومة ميقاتي، لم تقتصر على تسهيل تأليفها، فها هو صندوق النقد الدولي يلاقيها في أول الطريق، إذا تبلغت وزارة المال من صندوق النقد بأن لبنان سيتسلم حوالي مليارا و135 مليون دولار أميركي، بدل «حقوق السحب الخاصة» عن العام 2021، وقيمته 860 مليون دولار، وعن العام 2019 وقيمته 275 مليون دولار، تودع في حسابات مصرف لبنان.

الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أعلن مساء امس الأول، عن وصول باخرة المازوت الإيرانية الى بانياس، في سورية، وافترض بدء وصول حمولتها، بواسطة الصهاريج الى البقاع غدا، وأشار الى انه خلال أيام قليلة تصل الباخرة الثانية الى مرفأ بانياس محملة بالمازوت، والباخرة الثالثة ستأتي بالبنزين، واتفقنا على باخرة مازوت رابعة.

وحدد نصرالله مساء اليوم او صباح الغد موعدا للإعلان عن السعر الرسمي «الذي نراه مناسبا للمازوت في المرحلة المقبلة»، ما يطرح حالة من المنافسة غير المألوفة بين نفط الدولة ونفط حزب الله، ولغير مصلحة الدولة بالتأكيد.. الى جانب المغزى السياسي لخطوة الحزب، الواقعة ضمن إطار الانتشار الناعم في مفاصل المجتمع اللبناني المتعطش لبديهيات، منها النفط والدواء.

واكدت مصادر المجتمعين لـ”الجمهورية” ان لا بنود خلافية في مسودة البيان، وان نقاشاً تقنياً ـ علمياً يدور في شأنه بعيداً عن السياسة، وهناك شبه اجماع على البنود السيادية وذات البعد الاستراتيجي في اعتبارها من الثوابت، خصوصاً البند المتعلق بالمقاومة وتحرير ما تبقى من الارض المحتلة ومزارع شبعا وحق لبنان في مقاومته ضد العدو، كذلك ترسيم الحدود البحرية والبرية، بالاضافة الى البند المتعلق باللاجئين الفلسطينيين وحق التوطين وملف النزوح السوري مع الاصرار على تأمين عودتهم الى بلادهم. وتولي الحكومة في بيانها اهمية قصوى للبنود الحياتية، وقد طلب ميقاتي ان يكون البيان رشيقاً فضفاضاً ولا يتضمن خططاً تعجز الحكومة عن تنفيذها خلال عمرها القصير.

وعلمت “الجمهورية” ان البند المتعلق بتصحيح الرواتب والاجور سيتم البحث فيه قبل تضمينه البيان الوزاري لمعرفة متى يمكن تطبيقه، خصوصاً ان وزير المال أبلغ الى المجتمعين ان الاجراءات اتخذت في وزارة المال لمدة شهرين.

وفي ما خص البند المتعلق بالقطاع المصرفي، ستتم مقاربته بشكل يوازي بين تنظيم وضبط القطاع وحمايته من الافلاس من جهة، والحفاظ على اموال وحقوق المودعين من جهة اخرى لأنّ عبارة إعادة الهيكلة بمفهومها التقني والعملي يمكن ان تهدّد اموال المودعين، لذلك سيتم اختيار الكلام المناسب والملائم في هذا الشأن.

وقد اكدت المصادر ان لا خلاف على مضمون البيان ولا على المقاربات، وهناك نقاش على عدة آراء اقترحت حول صوغ المقاربات المطلوبة. ولن يتضمن البيان على الارجح البطاقة التمويلية لأنها تحتاج الى الوقت لإعادة درسها، وقد ترك البَت بأمرها لمجلس الوزراء في وقت لاحق، إذ تبين ان هناك خللاً في تطبيقها وتحتاج الى اعادة درس وبحث من جديد.

وحول البطاقة التمويلية علمت “الجمهورية” ان مسودة البيان تتضمن بنداً يتعهد بتنفيذ هذه البطاقة، لكن على الارجح سيحذف هذا البند من البيان الوزاري لأنه تبيّن انه يحتاج الى وقت لإعادة درسه، فلقد تبيّنَ ان هناك خللاً في تنظيمه وتطبيقه، ويمكن ان يبته مجلس الوزراء خلال جلسات لاحقة حتى لا يؤخر صدور البيان الوزاري.

وفي معلومات “الجمهورية” ان وزير الطاقة طلب إعطاءه مزيداً من الوقت لدرس البند المتعلق بالكهرباء لمعرفة ما يمكن ان يتضمنه من اقتراحات، كما كانت هناك مطالبات بأخذ الوقت لمدة اسبوع لإعداد البيان الوزاري للتأكد من صياغة دقيقة لتلافي الهفوات والانتقادات، لكن ميقاتي أصرّ على الاسراع به وإقراره قبل نهاية الاسبوع.

وزير الزراعة في الحكومة الجديدة، عباس الحاج حسن، لفت إلى أنّ “البحث لا زال مستمراً حول البيان الوزاري من أجل الانتهاء من إعداده. واللجنة المختصة حرصت على إدراج الملفات المهمة والأساسية، وهي التي ينادي بها الشارع اللبناني”.

وكشف في حديثٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية أنّ، “البيان الوزاري يتضمن عناوين حول الحياة المعيشية، وكيفية العمل بشكلٍ سريع لتدارك الانهيار الاقتصادي، كما والالتزام بالقرارات الدولية لا سيّما 1701، بالإضافة إلى ترسيم الحدود، وحق لبنان بأراضيه براً وبحراً وبجوّه، بالإضافة إلى كل الأساسيات التي تضمنتها البيانات الوزارية السابقة”.

إلّا أنّه شدّد على أنّ، “البيان يتناغم مع مستجدات الأحوال المعيشية، وما وصلت إليه الأمور، وهذا ما يمكن اعتباره أمراً جديداً، وسيكون مقتضباً بالشكل”، مرجّحاً أن يتم الانتهاء من إعداده اليوم، دون الحسم نظراً لاحتمال أن يطرأ أي جديد.

وأشار الحاج حسن إلى أنّ، “أجواءً إيجابية ومريحة تسود اجتماعات مجلس الوزراء الجديد، وهذا ما يعكس الإرادة السياسية لكافة الأفرقاء لاستدراك الأمور”، معتبراً أنّ “الحكومة الحالية تشكّل آخر بارقة أمل، وهي فرصة يفترض اقتناصها، خصوصاً وأنّ ما وصلت إليه الأمور لا يستدعي إلّا العمل والتحرّك، مع العلم أن لبنان اليوم تحت مجهر المجتمع الدولي، وإلّا خسر آخر قطرة أمل لإعادة بناء دولة حقيقية واستعادة الدور السابق”.

من جهته، أكّد عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب قاسم هاشم، أنّ  “رئيس مجلس النواب، نبيه بري، سيدعو إلى جلسة الثقة خلال 48 ساعة من تسلّمه البيان الوزاري، ما يعني أنّ الجلسة قد تكون آخر الأسبوع الحالي، أو مع انطلاق الأسبوع الجديد على أبعد تقدير، في حال تم تسليم البيان الوزاري في اليومين المقبلين”.

واعتبر هاشم في اتصالٍ مع “الأنباء” الإلكترونية أنّ، “المهم حالياً وجود حكومة. فاللبنانيّون لا يتطلعون إلى شكلها، أو قامات الوزراء فيها، بل ينتظرون إنتاجيتها، وكيفية مقاربتها القضايا المهمة والخطوات التي ستتبعها للتخفيف من وقع الأزمات، إذ هناك مسائل أساسية لا بد من معالجتها بشكلٍ سريع. وما بعد أخذ الثقة أيام حاسمة لجهة بلورة صورة نهج الحكومة في متابعة المشكلات”.

ملف المحروقات سيكون من أبرز التحديات التي تنتظر الحكومة، وهي من الأزمات الطارئة التي تحتاج إلى حلول سريعة، وأخرى مستدامة لتفادي حصولها بشكلٍ متكرر. وصلت الكميات في السوق إلى أدنى مستوياتها، أو الخطوط الحمراء، إلّا أن اعتمادات مسبقة تم فتحها لعددٍ من البواخر التي تحمل البنزين والمازوت، بعدما نُقل عن مصرف لبنان تأكيده بالاستمرار في الدعم حتى نهاية أيلول.

وفي كباشٍ يشهده سوق المحروقات، توقعت مصادر متابعة أن، “تسود الفوضى سوق المازوت نتيجة تعدّد الأسعار، مع وجود مازوت مدعوم، ومازوت غير مدعوم مستقدم عبر الشركات المستوردة للمصانع والمؤسّسات، والمازوت الذي يستقدمه حزب الّله، واحتمال بيع الكميات المدعومة وفق أسعار غير مدعومة، دون معرفة هويتها الحقيقية”.

كما حذّرت المصادر من، “انتهاء كميات المازوت في السوق ووصول الخزانات إلى ما يُسمى الـ”Dead stock”، وهي كميات غير صالحة للاستخدام، وفي حال لم تفرغ البواخر كميات جديدة من المازوت اليوم، ستواجه الأسواق مشكلة”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى